مصر.. جثث أطفال مذبوحة تشعل القلق من صعود “مافيا الأعضاء”

بينما القلق مستمر في البيوت المصرية بسبب المخاوف من تفشي مافيا سرقة الأعضاء من الأطفال بعد ساعات من اكتشاف 3 جثث لأطفال مذبوحة ومبعثرة الأحشاء في منطقة المريوطية القريبة من أهرامات الجيزة، كان القضاء المصري يسدد ضربة موجعة -بحسب مراقبين- للمتهمين بأحدث “شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية”، وهو ما فجر حديثاً لايزال يتواصل في مصر حول أهمية التصدي لهذه العصابات وفرض الأمن الجنائي والتراجع عن سطوة الأمن السياسي على كل شيء.

قلق مشروع

البيوت يضربها القلق، وهو ما عبر عنه المهندس علي ممدوح في حديث لـ”المجتمع”، حيث قال: شعرت بالقلق على أطفالنا للأسف، لكن لا أعتقد أن الأمر له علاقة بمافيا تجارة الأعضاء بنسبة ما حتى الآن، وأنتظر التأكد، ويبقى الأمر المقلق هو أن يكون تم استغلال هؤلاء الأطفال جنسياً أو تكون حادثة القتل ناتجة عن انتقام، وهذا هو الأشد إيلاماً وقلقاً في الأمر، وللأسف الشديد الظروف الاجتماعية والأمنية صارت صعبة جداً.

عمرو عبدالحميد، المحامي والناشط الحقوقي، أعرب عن قلقه مما حدث، مشيراً إلى أن ظاهرة المساس بالأطفال عبر الجرائم سواء بالاغتصاب أو الاعتداءات أو ما وصل إلى الاستهداف من مافيا سرقة الأعضاء، باتت زائدة عن الحد في ظل غياب الأمن الجنائي عن دوره الشامل وتركيزه في الملف الجنائي لصالح تورطه في الملف السياسي الذي بات هناك ضرورة ملحة لغلقه في مصر بتسوية تجعل الأجهزة الأمنية تتفرغ لدورها الأصلي.

وأضاف أن خطف الأطفال وقتلهم لسرقة أعضائهم بات أكثر ربحاً للمجرمين، بحسب ما يرصد، حيث إن السرقة بعد القتل في هذه الحالة ستوفر لها صيداً ثميناً، وهو ما يتطلب تشديد الإجراءات الأمنية وإعادة النظر في القوانين المتصلة بالجريمة من حيث تشديد العقوبة وإنزال عقوبات رادعة، بجانب معالجة الأبعاد الاقتصادية وإقرار الحقوق الاقتصادية خاصة في المناطق الفقيرة التي قصم بعضها ذل السؤال، فذهبت إلى الحرام سواء في بيع الأعضاء أو بيع الشرف للأسف، وفق ما قال.

توثيق دولي ومحلي

يأتي هذا القلق في ظل إعلان الأمم المتحدة ومنظمات صحية عدة، بحسب “وكالة الأنباء الفرنسية”، أن مصر تندرج ضمن الدول العشر الأولى ذات الرواج الأكثر لتجارة الأعضاء، حيث صنفت المنظمة الدولية عام 2010 مصر في المركز الخامس عالمياً، وأرجعت المنظمة اضطرار مئات المصريين لبيع أعضائهم، لا سيما الكلى والكبد، إلى الفقر والديون.

وفي دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصرية عام 2010 شملت 150 حالة بيع طواعية للأعضاء، أكدت أن جميع البائعين يهددهم الفقر والعوز، ويقتنصهم “السماسرة” من الأحياء الشعبية، ووفق موقع “اليوم السابع” المحسوب على الجهات الرسمية، ضبطت مباحث العاصمة القاهرة منذ بداية عام 2016 حتى الآن نحو 12 قضية تجارة أعضاء بشرية في العاصمة وحدها، وتمركزت أغلب تلك القضايا في المناطق الشعبية والعشوائيات، مؤكداً أن الفقر هو أحد أهم أسباب الظاهرة، وكذلك عدم وجود تشريعيات كافية للحد من الظاهرة، فيما نقل عن دراسة بجامعة الإسكندرية إلى أن ظهور مافيا الاتجار في الأعضاء البشرية بمصر، يرجع إلى حالة الفقر الشديدة التي يعاني منها الشعب المصري، ونقص التشريعات التي تجرم هذه التجارة المحرمة.

التوجه الرسمي

رسمياً؛ كلف اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، أجهزة الأمن العام ومباحث الجيزة بسرعة كشف واقعة العثور على ٣ جثث لأطفال تتراوح أعمارهم من عام ونصف عام حتى 5 أعوام تقريباً، صباح الثلاثاء الماضي، في شارع المريوطية بالقرب من فندق سياج الشهير، وشكل اللواء إبراهيم الديب فريق بحث عالي المستوى أشرف عليه اللواء جمال عبدالباري، مساعد أول وزير الداخلية للأمن العام، يعكف حالياً على جميع المعلومات وفحص المقبوض عليهم.

التحقيقات الأولية أفادت أن شهود العيان الذين استمعت لأقوالهم أكدوا سمعهم نباح كلاب ضالة حول أكياس سوداء؛ ما دعا الجميع إلى الاقتراب ليكتشفوا جثث الأطفال، وسرعان ما أبلغوا الشرطة، وأكدت التحقيقات أن مناظرة جثث الأطفال دلت على وجود آثار حرق بالجثث، وذكرت المناظرة لجثث الأطفال عدم وجود سرقة أعضاء بشرية منها، حيث لم يتبين بقر البطون أو آثار عمليات جراحية، وتبين أن الجثث الـ3 في حالة تعفن بعد تفجرها، وهو ما يبرر خروج جزء من الأمعاء بحسب التحقيقات الأولية، فيما أشار تقرير الطب الشرعي المبدئي إلى عدم وجود ظواهر تشير إلى تعرض الأطفال الثلاثة لعملية سرقة أعضاء، وهو ما لم يتم حسمه بعد في ظل حديث واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أن الأمر مرتبط بسرقة الأعضاء.

القضاء، من جانبه، أسدل، الخميس 12 يوليو، الستار على أكبر قضية هزت الرأي العام؛ وهي “شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية” التي تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبطها في ديسمبر 2016، حيث أصدرت محكمة جنايات جنوب القاهرة أحكاماً مهمة قضت فيها بالسجن المشدد من 3 إلى 15 سنة لـ37 متهماً وبراءة 3 آخرين.

وكانت تحقيقات النيابة أثبتت في هذه القضية قيام 20 طبيباً من الأطباء الجامعيين والعاملين بالمستشفيات الحكومية من المتخصصين في أمراض الباطنة والجراحة العامة وجراحة المسالك والرعاية والتخدير، إلى جانب 10 من الممرضين يعاونهم 9 من السماسرة والوسطاء، ومتهمين اثنين من العاملين ببنك الدم، بإجراء 29 عملية جراحية لنقل وزراعة أحد الأعضاء البشرية، والمتمثل في عضو الكلى، لعدد من المتلقين من المرضى الأجانب، وتبين من تحقيقات النيابة أن تلك العمليات الجراحية باستئصال عضو الكلى كانت تتم من عدد من المواطنين المصريين بعد شرائه منهم بمبلغ مالي يتراوح من 10 آلاف وحتى 15 ألف جنيه، استغلالاً لاحتياجهم المالي ونقله وزراعته في أجسام هؤلاء المرضى الأجانب، بعد الحصول منهم على مبلغ يتراوح من 80 ألفاً إلى 120 ألف دولار أمريكي من المريض الواحد، ودون الحصول على موافقة اللجنة العليا لزراعة الأعضاء البشرية.

برلمانياً؛ كان البرلمان المصري أصدر في وقت سابق القانون رقم (5 لعام 2010) بشأن زرع الأعضاء البشرية، مانعاً نقل الأعضاء إلا بين الأقارب، أو بعد موافقة لجنة من وزارة الصحة، ومشدداً على أن يكون ذلك دون أي مقابل مادي، لكن المتابعين للملف الصحي يتحدثون أن القانون فتح الباب للسوق السوداء دون تصدٍّ حاسم.

Exit mobile version