مسجد كبير ممول من تركيا يُثير القلق في شمال قبرص

فى الحقول المسطحة الواقعة شمال العاصمة القبرصية نيقوسيا، تسبب افتتاح مسجد ضخم بتمويل من تركيا هذا الاسبوع فى اثارة المجتمع الاسلامى العلمانى هناك الى حد كبير.

ومن المقرر ان يحضر الرئيس التركى رجب طيب اردوغان مراسم افتتاح المركز الذي يسع 3 الاف مصلي ومناراته الاربع والتى بنيت على الطراز العثمانى التقليدى.

وفي حين رحب به الكثيرون، أثار المسجد قلق بعض القبارصة الأتراك من أن أنقرة تزيد من هيمنتها على شمال الجزيرة المقسمة.

وقال رئيس اتحاد المعلمين القبارصة الاتراك سينر ايلسيل لوكالة فرانس برس في مكتبه في نيقوسيا ان “هذا المسجد يرمز الى العقلية الاسلامية والعقلية الاسلامية السنية وكذلك الى العقلية الامبريالية”.

“إن الطائفة القبرصية التركية علمانية. نحن لسنا جماعة اسلامية اصولية”.

ويعارض ايلسيل والعديد من القبارصة الاتراك اليساريين بشدة تعامل انقرة فى شمال قبرص التى انفصلت بعد غزو تركيا للجزيرة فى عام 1974 عقب انقلاب قام به القبارصة اليونانيون سعيا للاتحاد مع اليونان.

وتركيا هي الدولة الوحيدة التي تعترف بالجمهورية التركية لشمال قبرص المعلنة من جانب واحد، والتي تمول ادارتها ويوجد بها نحو 35 الف جندي تركي.

وقال عزت عزكان عضو البرلمان السابق ومؤسس حزب قبرص المتحدة الاشتراكى الذى حث اعضاء الحكومة على مقاطعة مراسم الافتتاح” ان سياسة اردوغان هى تغيير هوية القبارصة الاتراك”.

واضاف “ان هويتنا تستند الى قبرص. ولدينا الكثير من الهوية المشتركة مع القبارصة اليونانيين والارمن والموارنة، وجميعهم لهم وجود فى الجزيرة”.

“ما يحاول أردوغان القيام به هو ضم الشمال، لبناء هوية أخرى… وهم يحاولون أن يجعلونا مسلمين متوافقين مع أسلوب حياتهم, و أتراك طاهرين كما يرغبون في رؤيتنا “.

– ‘الأجدادالعثمانيين’ –

ويتصدر ايلسيل وايزكان الدعوات ضد تعزيز انقرة لتأثيرها على حياة القبارصة الاتراك.

وقال ايزكان لوكالة فرانس برس “نعلم جميعا ان الهدف من ذلك هو استيعاب ودمج الجزء الشمالي من قبرص في تركيا”.

وفى احتجاج نادر فى نيقوسيا يوم الجمعة تظاهر اعضاء اتحاد مدرسى ايلم ضد المسجد تحت شعار” ضعوا المدارس والمستشفيات اولا”.

وقال المتظاهرون في بيان ان “ما تحتاجه بلادنا هو العلم والتعليم والصحة لكن الاولوية تعطى للاستثمارات في الدين”.

يعد مسجد هالة سلطان محور سلسلة من المشاريع التي تمولها تركيا في نفس المنطقة في ضواحي العاصمة، بما في ذلك مدرسة ثانوية إسلامية، والعديد من الجامعات ومشاريع الإسكان للطلاب، وكثير منهم من تركيا.

أما خارج المبنى الجديد الشاهق مع المآذن الأربعة التي يبلغ طولها 60 مترا (200 قدم)، فقد كان أيهان أنكورت المقيم محليا منتعشا.

وكان الرجل البالغ من العمر 61 عاما قد امضى شهورا فى جمع توقيعات من سكان اخرين فى المنطقة لصالح بناء المسجد.

وقال “كل يوم صليت من اجل هذا المسجد”.

“بمساعدة هذا المسجد وجدنا هوياتنا… وربطتنا مع أسلافنا العثمانيين.”

هالة سلطان هي نسخة مصغرة من مسجد السليمية في إدرن، تركيا، بنيت خلال الإمبراطورية العثمانية، من خلال عائدات الضرائب التي تم جمعها في قبرص.

كما أنه لا ينبغي الخلط بينه و بين ضريح هالة سلطان تيكي الواقع على الجانب القبرصي اليوناني من الجزيرة, وهو مقصد للحج يعتبره المسلمون كموقع دفن لصحابي للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).

-ليس أمراً بريئاً

وقال مصطفى تومر وهو استاذ تسويق يبلغ من العمر 51 عاما فى جامعة العلوم الاجتماعية بجوار المسجد” ان هذه الانواع من المباني تضيف شيئا الى المجتمع”.

وعلى بعد بضعة كيلومترات من شوارع المدينة القديمة في نيقوسيا، لم يبدي صاحب المتجر زيهني كالماز (75 عاما) اعجابه.

“تلك المآذن! إنها ضخمة! ولماذا هذا العدد الكبير؟ واذا كنت اريد الصلاة فبامكاني الصلاة بمفردي او في متجري. لأن الله هنا\” مشيراً إلى صدره.

“إذا كنت ترغب في بناء مسجد، عليك أيضا إصلاح مدارسك. المدرسة أكثر أهمية بالنسبة لي. نريد ان نرسل اطفالنا الى مدارس جيدة”.

وقال ايل سيل من نقابة المعلمين ان بناء هذا المبنى الضخم الذى يقل عدد مساجد الجزيرة الاخرى المكونة من طابقين يكلف اكثر من 30 مليون دولار. ولم تكن الأرقام الرسمية المتعلقة بتكلفته متاحة.

“يمكنهم بناء مستشفى ضخم بأقل من ذلك… ويمكنهم بناء اكثر من 20 مدرسة نحتاج اليها”.

واضاف “بدلا من ذلك يريدون بناء مسجد في كل شارع في شمال قبرص”.

واضاف “هذه هي سياسة اردوغان. احتلال الجزء الشمالي (من الجزيرة). انه ليس شيئا بريئا ان تبني مسجدا في قبرص”.

 
 
 
Exit mobile version