المذكور: علاقاتنا عميقة مع سمو الأمير وشراكاتنا ممتدة مع مؤسسات الدولة

 

– الجمعية تضع الشباب ضمن أولى أولياتها في النظام الأساسي للمحافظة على المجتمع الكويتي كله

– الجمعية كان لها دور كبير أثناء الغزو العراقي سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي

– وسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم وعلى الدعاة وأهل الخير استثمارها لزيادة نشاطهم الدعوي

– مسألة تطبيق الشريعة ليست خُطباً رنانة بل هي عمل هادف يبدأ من المؤسسات

– خبرتي في لجنة تطبيق الشريعة سأستفيد منها في جمعية الإصلاح

– عطاء الكويت ليس وقفاً على اكتشاف النفط بل جذوره أقدم من ذلك

– الانفتاح الذي حدث للمجتمع الكويتي كبير حيث عبرت إليه ثقافات ولا بد أن ينتج عن ذلك سلبيات

 

 

في الجزء الثاني من حواره مع «المجتمع» عقب اختياره رئيساً لجمعية الإصلاح الاجتماعي، أكد د. خالد المذكور دور جمعية الإصلاح الاجتماعي التاريخي في تربية الشباب على القيم الفاضلة، وغرس ما يبعدهم عما حرم الله تعالى، وأشار المذكور إلى أن الجمعية لها صلاتها وعلاقاتها الممتدة مع سمو الأمير وولي عهده وكبار المسؤولين في الدولة، وأن هناك زيارات متبادلة مع سمو الأمير وولي عهده.

وتطرق رئيس جمعية الإصلاح إلى علاقاته الممتدة بالعلماء منذ أن كان طالباً في الأزهر الشريف إلى أن اختاره سمو الأمير الشيخ جابر ضمن لجنة لتقديم مقترحات لتفعيل منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك لقاءاته مع العلماء والدعاة في الندوات والمؤتمرات الدولية التي حضرها.

وحول تجربته تطبيق أحكام الشريعة، ذكر د. المذكور أنها ليست بالخطب الرنانة، لكن بالتطبيق على مستوى المؤسسات، مشيراً إلى تجربته في اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة، وأنها كانت تجربة ثرية، وسوف يستفيد منها في جمعية الإصلاح.

نجدد الترحيب بكم، ونستكمل معكم هذا الحوار الذي تناولنا في الحلقة الأولى منه علاقتكم بجمعية الإصلاح قبل توليكم رئاستها ورؤيتكم المستقبلية في الجمعية، واسمح لنا في هذا اللقاء أن نتحدث عن الشباب ودور الجمعية التاريخي معهم.

– بداية، الكويت دولة فتية، وجمعية الإصلاح ربت الكثير من الشباب، وأنا على سبيل المثال أثرُ هذه التربية واضح في حياتي منذ مرحلة مبكرة من حياتي، صحيح أننا تربينا في بيتنا على التربية الإسلامية، وتعودنا على الذهاب إلى المسجد، ولكن جمعية الإصلاح فعّلت هذه التربية، لأنها تضع الشباب ضمن أولى أولياتها في النظام الأساسي، كنوع من المحافظة على المجتمع الكويتي ككل، حيث تغرس في نفوس الشباب ما يبعدهم عما حرم الله من منكرات ومخدرات ومسكرات ولهو غير مباح، وتحرص على تربية الشباب تربية إسلامية جيدة منتظمة، ولدينا مركز الشباب في الجمعية يقوم بدور مهم في هذا المجال، والتفاعل كبير مع هذه الأنشطة سواء رياضياً أم ثقافياً أم دعوياً، وهذا من أسس عمل الجمعية، وهي المحافظة على الشباب.

هل هناك شراكة بين الجمعية ووزارات الدولة؟

– نعم، توجد شراكة من أجل الصالح العام، وفي القلب منها الحفاظ على الشعب الكويتي، فالشراكة ضرورية وهي قائمة بين مؤسسات الدولة سواء وزارات أو هيئات أو جمعيات.

فالجمعية لها صلات كبيرة ومباشرة مع سمو الأمير، وسمو ولي العهد في المناسبات واللقاءات، وهي حريصة على أمن هذا البلد، والبعد عما يثير الكراهية والأحقاد، وعلى أن يكون هذا البلد مستقراً.

والجمعية كان لها دور كبير ومؤثر أثناء الغزو العراقي، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، فكوادرنا كانت متواجدة في الكويت للمحافظة على هذا البلد، وكذلك كوادرنا في الخارج، خصوصاً في تشكيل اللجان المختلفة، والاهتمام بقضية الأسرة، والعناية بعوائلهم، وكل الأنشطة التي تصب في صالح الشعب الكويتي.

سمو الأمير، حفظه الله، يحمل على كاهله هموم الأمة، ودائماً ما يشرف الكويت في كثير من الملتقيات الدولية، كونه قائداً إنسانياً، فما رسالتكم لسموه؟

– سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، لنا صلة وطيدة معه، في مناسبات مختلفة من المناسبات التي يحضرها، وهو رجل محنك، وله خبرة عالمية، باعتباره كان وزيراً للخارجية مدة طويلة، فاقت 50 عاماً، وأصبح راسخاً في المجالات الدبلوماسية والدولية، وكان يحضر اجتماعات الأمم المتحدة المتعددة، ويلقي الكلمات باسم دولة الكويت، وطبيعة الكويت أنها واسطة خير في النزاعات الموجودة في المنطقة والإشكالات، وتحرص على السعي بالصلح بين الإخوة، وهذا من صلة الرحم، ونوع من التوازن السياسي، كذلك هناك صندوق كويتي للتنمية لتقديم المساعدات للدول الفقيرة، وهناك زيارات متبادلة يقوم بها سموه لرؤساء وملوك وأمراء الدول.

وبحمد الله، توج هذا العمل من قبل الأمم المتحدة؛ حيث تم تتويجه أميراً إنسانياً، وما زال سموه -نسأل الله له الصحة والعافية- يقوم بهذه المهام، ومنها أخيراً حضور مؤتمر القمة في منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول، وخطابه الذي تفاعلت معه الجمعية، عندما أصدرت بياناً بهذه المناسبة.

فتعاوننا مستمر مع حضرة صاحب السمو الأمير، ومع سمو ولي العهد، ومع رئيس مجلس الأمة، وبالتالي تتم الزيارات المتبادلة بهذا المجال، وقد قمت أنا والأخ حمود الرومي بزيارة سمو الأمير للتهنئة في شهر رمضان، وكذلك زرنا سمو ولي العهد.

الإعلام الإلكتروني، هل سيكون له بصمة في جمعية الإصلاح؟

– لا شك أن هذه الوسيلة تصل إلى الناس جميعاً، ولذلك قبل أن أكون رئيساً للجمعية، كوَّنت شبكة علاقات عبر هذه الوسيلة، من خلال «تويتر» و»فيسبوك» و»واتساب»، وأتبادل المعلومات مع جميع أنحاء العالم، وأحياناً أبث منهجي وأنشطتي الدعوية في «توتير»، ولذلك فنشاط الجمعية ورسالتها وأهدافها وما إلى ذلك سوف تأخذ مجالاً كبيراً في هذا الأمر.

وعليكم في “المجتمع”، تلك المجلة العريقة، أن تخوضوا في هذا المجال للوصول إلى عالم أكبر من المتابعين.

وأذكر في هذا المجال أن إحدى تغريداتي في الثالث من رمضان الماضي عن خطاب الأمير في مؤتمر إسطنبول، وصلته بما كان يحدث للمسجد الأقصى، وكيفية المحافظة عليه، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والدول التابعة لهذا الأمر، وصمود أهل غزة، كان لها صدى واسع، حيث وصل عدد تكرار التغريدة إلى 6000 “ريتويت” خلال عدة ساعات.

لذا فوسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم، وهي في متناول الجميع، ويجب أن تكون في الخير، ويجب على الدعاة وأهل الخير أن يقتنصوها لكي يزيدوا من نشاطهم الدعوي.

هل لك أن تحدثنا عن علاقاتكم بكبار العلماء حول العالم الإسلامي؟

– عندما كنت أدرس في الأزهر، في الستينيات من القرن الماضي، كنت أذهب إلى كثير من العلماء، وأولهم علمائي الذين درسوني بالأزهر، وأذكر علمائي الذين درسونا في المعهد الديني، باعتبار أن المعهد الديني كان تابعاً للأزهر في برامجه ودراسته وأساتذته؛ حيث كانت هناك بعثة أزهرية تأتي كل أربع سنوات، ورئيسهم يسمى «شيخ المعهد»؛ حيث كانوا يدرسوننا في العلوم الشرعية والقرآن والتفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والتوحيد والمنطق، وكان يتم اختيارهم بعناية، حيث يمرون بامتحانات ولقاءات، ويتم اختيار الصفوة والثمرة اليانعة لتمثيل الأزهر في الخارج، والمشايخ الذين درسوني في المعهد ما زلت أذكرهم، رحمهم الله جميعاً، من بينهم الشيخ حسن مراد مناع، الذي مكث في الكويت بعد انتهاء بعثته من المعهد الديني، وكان له صدى في الفتاوى، وفي الإذاعة والتلفاز، وفي رئاسة هيئة الفتوى، إلى أن انتقل إلى رحمة الله قبل خمس سنوات تقريباً.

وفي الأزهر، بحمد الله، هناك من المشايخ الذين درَّسوا لنا، من بينهم الشيخ عبدالغني عبدالخالق، رحمه الله، وأخوه الشيخ مصطفى عبدالخالق، وكانا من كبار العلماء؛ حيث أشرف الشيخ عبدالغني عبدالقادر على رسالتي في الدكتوراه، وكنت أزوره في بيته، وألتقي معه، وكذلك من المشايخ الذين كنا نزورهم الشيخ محمد أبو زهرة، رحمه الله، الذي استضافته جمعية الإصلاح الاجتماعي في بداية إنشائها، وألقى محاضرة جيدة في هذا المجال، وكذلك الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، وكانت الصلة وطيدة معه، وأسرتي وزوجتي كانت لها علاقة قوية مع زوجة الشيخ وبناته، كما أشرت في الحلقة السابقة من هذا الحوار. 

وعندما تخرجت وعدت للكويت اختارني سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الصباح، عندما تسلم رئاسة منظمة التعاون الإسلامي، أنا ود. عبدالعزيز كامل، رحمه الله –وكان مستشاراً للأمير، ورئيس جامعة الكويت، وكان من قبل وزيراً للأوقاف في مصر- للجنة لوضع الأسس التي اختارها الأمير لتقديمها إلى منظمة التعاون الإسلامي، وكنت أنا ود. عبدالعزيز كامل، ووكيل وزارة الخارجية الأخ سلمان الشاهين، وعيسى الشاهين (أبو عمار)؛ حيث وضعنا بعض البنود المقترحة، وكان مما اقترحته تفعيل مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يجمع الفقهاء في العالم الإسلامي، وكلفني سمو الأمير أن أتصل بأمين عام مجمع الفقه الإسلامي لكي يزور الكويت، وبالفعل زارها والتقينا مع سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وشرح كل ما يتعلق بالفقه الإسلامي، وأقام دورة من الدورات في دولة الكويت، وكنت أنا عريف الحفل الذي حضره سمو الأمير في قصر بيان، وكان هناك حضور للعلماء من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبالتالي استمررت خبيراً في مجمع الفقه الإسلامي إلى الآن، وأحضر دوراته في جميع الدول سواء في السعودية، أو في الكويت، أو في غيرهما من الدول؛ وكانت له دورة في ماليزيا، وفي بروناي، وكثير من الدول.

كذلك لي لقاءات متعددة مع العلماء والدعاة في الندوات والمؤتمرات؛ فعلى سبيل المثال؛ أنا عضو في مجلس أمناء المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، ومعي أخي د. عجيل النشمي؛ حيث كنت أجتمع مع الأطباء والفقهاء في قضايا الطب المعاصر، وكان من ضمن أعمدتها د. حسان حتحوت، ود. أحمد القاضي، وهم من الإخوة الكرام الذين وضعوا الأسس لتلك المنظمة، ورئيس المنظمة د. عبدالرحمن العوضي الذي كان وزيراً للصحة ووزيراً للتخطيط، والمنظمة ما زالت مستمرة بحمد الله تعالى.

تلك المنظمة تجمع الفقهاء والأطباء، ولها صلة وطيدة مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي ورابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ومع الأزهر الشريف، في مجمع البحوث، وحضرت دورة لمجمع البحوث، حيث أخذوا بقرارات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، فيما يتعلق بقضايا الطب المعاصر في هذا المجال.

لذلك، فأنا بحمد الله لي صلة وطيدة مع هؤلاء العلماء وتلك المنظمات الإسلامية.

كانت لكم تجربتكم المميزة في اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال أحكام الشريعة، فهل سيتم الاستفادة من هذه الخبرة في جمعية الإصلاح؟

– قبل تشكيل لجنة العمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت، كان الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وكيفيته، والتجارب والنماذج الموجودة، كنت أذيعها في برنامجي «مع الإسلام» في «تلفزيون الكويت»، وفي بعض محاضراتي، ولكن عندما نأتي إلى الشيء العملي، نكتشف أن مسألة تطبيق الشريعة ليست خُطباً رنانة، لكن بعد ذلك ما العمل؟ هنا يجب أن يكون العمل الهادف لتطبيق الشريعة الإسلامية يبدأ من المؤسسات؛ مثل إنشاء بيت التمويل الكويتي كمؤسسة اقتصادية إسلامية عملية، إنشاء بيت الزكاة، إنشاء كلية الشريعة، إنشاء الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، هذه كلها أشياء عملية تترجم هذا العمل الموجود، والجمعيات الخيرية وكثرتها؛ فالكويت سباقة إلى هذا الأمر.

ولا شك أن هذه الخبرة واللقاءات الموجودة واللجان الموجودة، والعمل على الأرض، وما أنتجته اللجنة من معالجات وإنجازات لقضايا كثيرة؛ سواء قانونية أو شرعية أو اقتصادية أو إعلامية أو اجتماعية، وحتى على مستوى المرأة في المؤتمرات التي أقمناها في “قنوان دانية”، ودور المرأة في هذا المجال.. سوف أستفيد من كل ذلك، وأعطي خبرتي لجمعية الإصلاح في هذا المجال.

نرجو منكم في نهاية هذا اللقاء كلمة للمجتمع الكويتي.

– المجتمع الكويتي، بحمد الله، مجتمع خيري وطيب وفيه من الصفات الحميدة التي تأصلت فيه منذ القدم، والكويت عطاؤها ليس وقفاً على اكتشاف النفط، وكثرة غناها، فعندما كانت الكويت فقيرة، ولا يجد الإنسان قوت يومه، كان هناك فضلاء ومحسنون، يتخفون ويضعون الطعام في الليل أمام البيوت الفقيرة، ليتفاجأ صاحب الدار بوجود المؤونة (الأرز أو التمر..) عند صلاة الفجر، ولا يعرف من الذي وضع ذلك الطعام.

والحمد لله كثرت الجمعيات الخيرية، وبدأت منذ زمن طويل، وأحد حكام الكويت كان يسمى “جابر العيش”، والعيش هو الأرز؛ حيث كان يقوم بطبخه وتوزيعه على الفقراء، حيث كان الناس في حالة فقر، وأنا شخصياً حضرت جزءاً من تلك الفترة، حيث كنا لا نأكل إلا الأرز، وأحياناً يكون سمكاً أو لبناً أو غيره من المؤونة القليلة التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

وأحياناً عندما نجوع كنا نأكل تمرة يابسة نضعها في فمنا ونقوم بمصها، وكانت تغنينا إلى أن يتهيأ الطعام.

فالمجتمع الكويتي خير وطيب، ولا شك أن أي مجتمع له سلبياته وإيجابياته، خصوصاً الانفتاح الذي حدث للمجتمع الكويتي كان كبيراً جداً؛ حيث عبرت إليه ثقافات وحضارات، ولا بد أن ينتج عن ذلك سلبيات؛ لذا يجب أن نتجنب تلك السلبيات، ونطمح أن تكون هناك أسر خير في المجتمع الكويتي، ويمتاز الشعب الكويتي بوجود صلة قوية بين الحاكم والمحكوم، وهذا لا تجده في كثير من البلدان.

أذكر عندما زوّجت ابني في إحدى الصالات، وحضر الناس لتهنئتي، فاجأني أحد الناس بأن الشيخ صباح موجود في طابور التهنئة، فلم يتجاوز الطابور، ولم يأت بالحرس، ولا الأمن، وكان حينها وزير خارجية ونائب رئيس وزراء؛ فحكامنا دائماً تجدهم في الفرح مهنئين، وفي التعازي معزين ومواسين، وهذا كله من فضل الله سبحانه وتعالى.

في الكويت تجد الأصالة والطيبة، حيث الدواوين واللقاءات الأسبوعية واليومية، وفي شهر رمضان تمتلئ الشوارع بالسيارات للزيارات المتبادلة في هذا البلد الكريم المعطاء.

وسمو الأمير رغم كبر سنه -حفظه الله- ما زالت زياراته متعددة، وبرنامجه الرمضاني لا يتغير كل عام، وكذلك سمو ولي العهد، ومنذ عدة سنوات جاء ليهنئنا برمضان في ديوانية الأخ ناصر الصانع.

 فحفظ الله الكويت وسمو أميرها وولي عهده الأمين.

Exit mobile version