تقرير: الغلاء يسرق فرحة العيد من اليمنيين

“العيد عيد العافية”.. ربما تكون هذه العبارة هي الأكثر تداولا بين اليمنيين خلال عيد الفطر.

هذه العبارة تعبّر عن حجم الأسى الذي يعانيه اليمنيون في العيد، فبدلا من كون العيد مناسبة سعيدة يتبادل فيها المسلمون التهاني، تحول إلى موسم للحزن.

وتعني تلك العبارة أن من يملك العافية سيكون له حظ من فرحة العيد، وليس بالضرورة أن يكون لدى الأسرة ملابس جديدة ولا لحوم ولا مكسرات ولا حلويات، وهي الأصناف مرتبطة بفرحة العيد لدى اليمنيين.

** بلا ملابس جديدة

محمد مهدي، أب لستة أطفال وموظف في وزارة المياه بالعاصمة صنعاء، قال إنه لم يتمكن من شراء ملابس لأطفاله هذا العيد.

وأضاف مهدي للأناضول أن “موسم الفرحة تحول إلى حزن.. ليت العيد لم يأتِ”.

وتابع: “اليوم سيلبس الأطفال ملابسهم الجديدة، وسيكون لديهم الحلوى والألعاب، بينما أطفالي سيكتفون بالنظر إليهم.. لن أستطيع النظر في عيونهم”.

كثيرون مثل مهدي لم يتمكنوا من شراء ملابس جديدة ولا حلويات، بسبب الغلاء الفاحش جراء انهيار قيمة الريال اليمني، وتوقف صرف الرواتب لنحو مليون ومائتي ألف موظف في القطاع الحكومي منذ عشرين شهرا.

وقال مهدي إن “أسعار الملابس مضاعفة، وأقل سعر لبدلة طفل يبلغ 5 آلاف ريال يمني (الدولار الواحد يساوي 485 في السوق غير الرسمية)، كما تضاعفت أسعار المكسرات والحلويات مع انهيار العملة”.

وصرفت جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) للموظفين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها نصف راتب شهر، هو الأول منذ أكثر من عام، في محاولة منها لامتصاص حالة السخط والغضب ضدها.

ويسيطر الحوثيون، المتهمين بتلقي دعم من إيران، على محافظات، بينها صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

ومستنكرا، تابع مهدي: “صرفوا (الحوثيون) لنا 25 ألف ريال.. لكن ما الذي يمكن أن يفعله هذا المبلغ وسعر كيلو اللحم أربعة آلاف ريال (؟!)، إضافة إلى أن كل الأسعار مضاعفة”.

** بلا طعام

عقب أداء صلاة المغرب في ليلة العيد، وقف شاب بملامح منكسرة أمام المصلين، وطلب منهم التبرع له من أجل إطعام أطفاله.

وقال الشاب: “أنا موظف في الحكومة. لكننا بلا رواتب، ولا أملك في منزلي طعام أطعم به أطفالي”.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية، دعوات لليمنيين بألا يبالغوا في إظهار الفرح أمام المحرومين، احتراما لمشاعرهم، وتطبيب قلوبهم.

وقال عمار محمد، تاجر ملابس، إن “الغلاء دمر اليمنيين أكثر مما دمرتهم الحرب وحطمت قلوبهم، لكن لا يسعنا إلا أن نتضامن مع الشريحة المحرومة الأكبر من اليمنيين”.

وأردف محمد، في حديث للأناضول، أن “العشرات من المتسوقين يدخلون مع أطفالهم ويتجولون في معرضي، ثم يخرجون دون أن يشتروا بسبب صدمة الأسعار المرتفعة”.

وبحزن، مضى قائلا: “يصعب عليّ أن أشاهد أطفالهم يغادرون وهم يبكون”.

وتابع: “قبل نحو عامين، كانت ملابس الأطفال المتوسطة الجودة لا يتعدى سعرها ألفي ريال، والآن ارتفع سعرها إلى سبعة آلاف ريال، والناس ليس لديها المال”.

** مزيدا من المعاناة

في يوم العيد، يتناول أغلب اليمنيين لحوم الدواجن، بدلا من لحوم الماعز، بعد أن ارتفع سعرها، خلال شهر رمضان، إلى 4500 ريال، بزيادة 1500 ريال عن السعر السابق.

ويبدو أن معاناة اليمنيين ستستمر في ظل تجاهل الأزمة الإنسانية من جانب أطراف النزاع.

ويعاني اليمن، منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حربا بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، والمدعومة، منذ عام 2015، من تحالف عسكري عربي، تقوده الجارة السعودية.

وأعلنت منظمة “أوكسفام” الإغاثية، أواخر الشهر الماضي، أن أكثر من ستة ملايين شخص في اليمن على شفا المجاعة، وأن الحرب وحصار الموانئ تضيف يوميا 25 ألف شخص إلى قائمة الجوعى.

وبدأت القوات اليمنية، بإسناد من التحالف العربي، فجر أول أمس الأربعاء، عملية عسكرية لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي (غرب) من الحوثيين.

وحذر برنامج الأغذية العالمي، اليوم الجمعة، من أن أن القتال في الحديدة، على ساحل البحر الأحمر، سيزد من معاناة اليمنيين.

ويعتمد حوالي 19 مليون يمني، يشكلون 70 بالمائة من السكان، على المواد الغذائية التجارية والإنسانية الواردة عبر ميناء الحديدة، وفق البرنامج.

Exit mobile version