مصر: غضب شعبي ضد رفع أسعار المترو.. واستنفار حكومي!

جس نبض واضح، بحسب مراقبين، أطلقته السلطات المصرية تجاه وسيلة المواصلات الأقرب إلى الفقراء في مصر، وهي مترو الأنفاق بزيادة وصفها مواطنون بالكبيرة قبل شهر رمضان، فيما تبدي السلطات المصرية تعجبها من استغراب المواطنين للزيادة رغم التنويه عليها قبل أشهر، فضلاً عن توقيف عشوائي واعتقالات للغاضبين الذين نزلوا لمحطات المترو للتظاهر ضد القرار.

ورفعت وزارة النقل أسعار تذاكر قطارات مترو الأنفاق في القاهرة بنسبة 250% بدءًا من يوم الجمعة، في ثاني زيادة في أسعار التذاكر خلال أقل من عام، وأشار بيان للوزارة إلى أن سعر التذكرة الواحدة لمسافة تسع محطات سيبلغ ثلاثة جنيهات، وخمسة جنيهات لمسافة 16 محطة، وسبعة جنيهات لأكثر من 16 محطة، فيما كان الركاب يدفعون جنيهين في شبكة المترو التي تعمل بنظام التذكرة الموحدة، حتى لو غيروا القطار، وبمعزل عن عدد المحطات في رحلتهم.

رفض واسع

حزب العيش والحرية الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق اليساري البارز خالد علي أعلن في بيان مساء السبت إلقاء قوات الأمن المصرية القبض على عدد من المواطنين من محطة مترو السادات، على خلفية الاحتجاجات على أسعار تذاكر المترو الجديدة، وقدر المعتقلين بعشرة مواطنين، من بينهم عضوان بالحزب، مشيراً إلى أنه تم إلقاء القبض عليهم بعد الاعتداء عليهم بالضرب وغلق المحطة عقب احتجاج سلمي على زيادة أسعار تذاكر المترو، كما اعتقلت أجهزة الأمن المكلفة بتأمين مترو الأنفاق، 15 مواطناً تظاهروا داخل محطة مترو طرة البلد؛ اعتراضاً على زيادة أسعار ركوب المترو.

التمرد على القرار بتخطي المحطة دون دفع التذكرة أو المقاطعة كان قرار بعض الغاضبين، وهو ما لفت له أحمد عبدالهادي، المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق في تصريحات رسمية حيث قال: هناك بعض المعترضين على قرار رفع سعر التذكرة، قاموا بالقفز من فوق الماكينات الآلية في محطة المرج، لكن لم يتجاوز عددهم 50 فرداً، وهناك مجموعة من العناصر الإخوانية في المحافظات وراء دعوات المقاطعة.

وأعرب د. هشام عرفات، وزير النقل، احترامه وتقديره لمن دشن حملة مقاطعة مترو الأنفاق المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه استدرك قائلاً في تصريحات رسمية: “لكن هياخد مواصلات بديلة وبعد يومين هيرجع يركب مترو تاني وأنا واثق من الكلام ده، فالمترو أرخص وسيلة مواصلات في مصر”! على حد زعمه.

الأزمة وصلت إلى قاعات البرلمان، وتقدم اللواء محمد سعيد الدويك، عضو مجلس النواب عن دائرة قنا، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، ببيان عاجل إلى د. علي عبدالعال، رئيس البرلمان، لتوجيهه إلى المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، وهشام عرفات، وزير النقل، حول زيادة أسعار تذاكر المترو، وقال الدويك: إن الحكومة تتعمد اتخاذ قرارات تمس حياة المواطنين، دون تمهيد مُسبق أو الرجوع للبرلمان، وهو ما يضعنا في حرج شديد مع أبناء دوائرنا، خاصة أن الزيادة جاءت في توقيت خاطئ، خصوصًا مع استقبال المواطنين شهر رمضان الذي تكثر فيه احتياجاتهم المعيشية، وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء الطبقة المتوسطة ومحدودو الدخل وأصحاب الدخول الضعيفة.

م. ممدوح حمزة، أحد قيادات حراك 30 يونيو 2013، استنكر تحميل المواطنين أسعار الزيادة، وتساءل في تغريدة على حسابه الرسمي بـ”تويتر”: أسئلة لمشغلي المترو: ما تكلفة قطع الغيار وأجزاء الإحلال السنوية؟ ومن أين نستوردها؟ وما حجم التذاكر والكرنيهات المجانية أو المخفضة؟ وكم عدد المستشارين وتكلفتهم المالية؟ وما عدد الوظائف الإدارية المكتبية، ومتوسط مرتباتهم؟ وهل تم رفع دعوى قضائية أو تحكيم على نوعية عجلات العربات؟

وأعلن أنه يقبل إدارة وتشغيل مترو الأنفاق تطوّعاً، مع إلغاء زيادة التذاكر التي تمت خلال ستة شهور، مع استقلال مالي تام خلال سنة بالشروط الآتية: التخلص من العمالة غير اللازمة، والاستغناء عن الضباط الذين عُيّنوا كمكافأة نهاية خدمة والسماح بمقاضاة الشركات التي أخلت بعملها.

دعم الوقود

البعض يربط بين رفع أسعار المترو وبين الزيادة المرتقبة لأسعار الوقود، وهو ما أعلنه صندوق النقد الدولي في وقت سابق، مؤكداً أن الحكومة المصرية أبدت التزامها بتنفيذ الزيادة القادمة في أسعار الوقود مع وضع آلية لتعديل أسعار المواد البترولية بشكل أوتوماتيكي بحلول شهر ديسمبر المقبل.

وكشف وزير البترول المصري طارق الملا عن مساعي السلطات المصرية لإنهاء دعم البنزين بشكل نهائي، والإبقاء على دعم البوتاجاز بشكل جزئي، لتكون الزيادة الثالثة بعد أن رفعت مصر أسعار الوقود مرتين في نوفمبر 2016، ويونيو 2017، وهو ما تسبب وقتها في موجة غلاء مازال يعاني منها المواطنون بسبب ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، لكن التزام النظام المصري بقرار إلغاء دعم المواد البترولية بحلول 2018-2019 مرتبط ببرنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه القاهرة على قروض قيمتها الإجمالية 12 مليار دولار.

الكاتب الصحفي المعارض سليم عزوز يرى أن ارتفاع ثمن تذكرة المترو هو قرار لجس النبض، ومقدمة لقرارات جديدة، وأن الشعب هو الوحيد القادر على وقف قرارات رفع الأسعار، فيما أكد د. حازم عبدالعظيم، عضو حملة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في 2014 والمعارض الحالي، في تغريدات على حسابه الرسمي بـ”تويتر”، أن النظام الحاكم في مصر يتعامل بمنطق القوة في كل شيء، وأن الشعب أقوى منه لو قرر في أزمة المترو كما فعل مع محمد صلاح لاعب الكرة في إشارة إلى تراجع السلطات أمام طلبات نجم الكرة الشهير.

Exit mobile version