زوجة الصحفي المصري المعتقل هشام جعفر في حوار صريح: “شفنا المر”

 

 

– مصر تتقدم المراكز الأولى لاعتقال الصحفيين ومهاجمتهم

– زوجي فقد البصر في إحدى عينيه والأمر ذاته يهدد الأخرى

– الانتهاكات عديدة ومحتجز الآن خارج إطار أي قانون في ظل قمع

– هشام رجل سلام وإصلاحي ووصمه بالإرهاب فرية كبيرة

– أسر المعتقلين عنصر ضعيف في المعادلة ولا حل من عندهم

– تحركاتنا كلها بالطرق القانونية المشروعة ولكن لا جدوى

 

 

د. منار الطنطاوي، أكاديمية مصرية متميزة، كانت حياتها قبل سنوات مضت في رحاب العلم وإعداد كوادر علمية متميزة، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي، واعتقل زوجها الكاتب الصحفي والأكاديمي البارز رئيس تحرير موقع “إسلام أون لاين” السابق هشام جعفر، فجأة من مكتبه في أكتوبر 2015م، لتبدأ رحلة معاناة لا تنتهي مثلما بدأ زوجها مأساة لم تتوقف بعد، دفعت منظمات حقوقية عالمية كمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى القول: “تواطؤ القضاء المصري في انتهاكات حقوقية، عبر احتجازه أشخاص مثل جعفر لسنوات دون مبرر وتعريضهم لسوء معاملة وضرر جسيمين، يثير مخاوف بالغة”.

حالة هشام جعفر ( 53 عاماً) حالة بارزة بحسب مراقبين في السجون المصرية على الإهمال الطبي المتعمد، حيث يعاني جعفر من ضمور العصب البصري في العين الذي يتطلب رعاية متخصصة مستمرة، ما أدى إلى فقد البصر في العين اليمنى في عام 2017م بسجن العقرب، كما يعاني أيضاً من تضخم البروستاتا منذ سنوات، وقد يتعرض إلى مضاعفات إن لم يحصل على العلاج المناسب، فضلاً عن استمرار حجزه خارج إطار القانون بعد انتهاء المدة القصوى للحبس الاحتياطي المقررة بعامين منذ أكتوبر 2017م، ما جعله نموذجاً مأساوياً لحالات أخرى في سجون مصر.

“المجتمع” التقت زوجته د. منار الطنطاوي بالتزامن مع فوز المصور الصحفي محمود أبو زيد (شوكان) بجائزة “اليونسكو” الذي أسعدها جداً واعتبرتها بشارة خير، لنقف على تطورات الأزمة التي وصفتها بالخطيرة لزوجها الكاتب الصحفي هشام جعفر خاصة في ظل أجواء الاحتفاء العالمي باليوم العالمي للصحافة (3 مايو).

ما أبرز الانتهاكات الموجهة ضد زوجكم؟! 

– الانتهاكات عديدة، لكن أبرزها استمرار حبسه رغم انقضاء فترة حبسه الاحتياطي المقررة في حدها الأقصى بعامين، وذلك منذ أكتوبر 2017م، وبقاؤه في حبسه الانفرادي دون تحويل لمحاكمة أو استدعاء للتحقيق، فضلاً عن حرمانه من العلاج ما أدى إلى فقد البصر في إحدى عينيه تماماً، وحرمانه من إجراء عملية جراحية مقررة طبقاً لتوصيات الطبيب الخاص بالسجن لعدم الموافقة الأمنية، ما يهدد صحته، مع التعنت الشديد معه من رئيس مباحث سجن العقرب.

ما الأسباب التي تدفع السلطات الأمنية إلى هذا التعنت برأيكم؟

– لا أجد أسباباً مؤكدة لهذا التعنت من قبل السلطات الأمنية، ولكن ما أنا متأكدة منه أننا أمام انتهاك صارخ بحق هشام جعفر الشخص المتوافق عليه من أطياف كثيرة الذي تعامل مع سفارات ومؤسسات دولية كبرى كلهم أجمعوا على أنه رجل إصلاحي ورجل سلام، وبالتالي كون السلطات تتعامل معه بهذا الشكل وأن توصمه بأنه إرهابي وتضعه على قوائم الكيانات الإرهابية فهو أمر مستهجن ومثير للدهشة، فلا توجد أسباب حقيقية لكل هذه الإجراءات التعسفية، وعلى السلطات أن توضح أسباب اعتقاله ولماذا كل هذه الانتهاكات ضده.

كيف تواجهون مثل هذه الانتهاكات في ظل الوضع غير المسبوق في مصر؟

– بالطرق القانونية المشروعة؛ لأننا لا نعرف غيرها، رغم أنه قد لا تفضي إلى نتيجة، ونقدم شكاوى كثيرة إلى مصلحة السجون ووزارة الداخلية ورئاسة الوزراء والنائب العام ونقابة الصحفيين كي تتدخل وتحل الأزمة، ورغم اتباعنا للإجراءات القانونية لا يوجد استجابة حتى تاريخه.

هل التعنت ضد د. هشام جعفر حالة خاصة أم عامة بسجن العقرب؟ وهل هناك حالات مماثلة نذكر أمثلة عليها؟

– الانتهاكات المتأكد منها هي ما تحدث لهشام جعفر، أما انتهاكات الآخرين فهناك انتهاكات عامة نرصدها من كونها تطول الجميع كمنع الزيارة والتريض والحبس الانفرادي وغلق الكانتين الخاص بالسجن، فهذه انتهاكات عامة تطول المعتقلين أما أي انتهاكات أخرى خاصة فأنا لا أستطيع الجزم بها في ظل عدم توثيقي لها أو تأكدي منها بنفسي.

هل هناك مساومات أبلغكم بها د. هشام للتراجع عن الانتهاكات التي ترتكب ضده والمعتقلين عامة؟

– عدد المرات التي زرنا فيها هشام طيلة ما يزيد على عامين لا تتعدى أصابع اليد ولا تكفي للحديث عن كل شيء، وبخاصة في سجن العقرب الذي قضي فيه أطول فترة، فالزيارات لا تتخطى عدد الأصابع وهو معظم الوقت ممنوع من الزيارة، وإذا تمت الزيارة فهي من وراء حائل زجاجي وتحت رقابة أمنية، وبالتالي فلن نعرف حجم المساومات أو الضغوط التي يتعرض لها، فللأسف لا يوجد فرصة للتعرف علي كل شيء.

البعض يتهم أسر الصحفيين والمعتقلين عامة بالتهويل، وكثيراً ما تتردد عبارات في الإعلام الحكومي بأن أسر المعتقلين يتعمدون التهويل، ما ردكم؟

– عن حالتي سأتحدث، فهذا الاتهام بالنسبة لنا واهٍ وغير صحيح بالمرة، فلدينا إثبات بالحالة المرضية لحالة هشام جعفر قبل التنكيل به واعتقاله، وأنه يحتاج وضعاً خاصاً جداً في تحركاته، خاصة تقارير عينه، وهي تقارير قديمة ومعي أوراق ومستندات رسمية بها، وأوراقنا الطبية من جهات مشهود لها بالكفاءة الطبية والنزاهة، ونحن نقدم الواقع والحقيقة، ولا نسعى ولن نسعى لتهويل، ونقول: اكشفوا عليه، وقدموا تقاريركم الصحيحة لا المضروبة إلى الإعلام طالما أنكم أيها السلطة تقولون: إنه يتمتع بكافة حقوقه في ظل أنه يمنع عنه كل الأدوية ونحن من نحضرها في كثير من الأوقات.

وأنا أطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان أن يذهب في موعد غير معلن ليرى هشام وهو نائم على الأرض منذ سنة ونصف سنة، مع استثناء أيام الحجز في المستشفيات وهي قليلة، خاصة أنهم عندما ذهبوا لسجن العقرب في وقت سابق بعلم السجن الذي تحول وقتها لسجن فندقي، طالبوا برؤية هشام جعفر وتم إبلاغهم بعدم رضاه عن مقابلتهم رغم موافقة زوجي على مقابلتهم.

زوجكم قدم طلباً لإعداد توكيل لأحد المرشحين المحتملين قبيل إجراء انتخابات الرئاسة ورفض، واليوم انتهت الانتخابات هل تقبلون بالأمر الواقع؟ وهل طلب منكم الاعتراف بالسلطة؟

– لا أميل لمتابعة تفاصيل الشأن السياسي ولم أدخله كأكاديمية منشغله بالإطار العلمي وأنشغل بأصدائه إلا بعد دخول زوجي أزمة التنكيل به، فانشغلت كثيراً بالكتابة عن حالته والحالات المرضية ومنها حالة زوجي على أمل توصيل أصواتهم، وبالتالي لا أفضل الإدلاء بوجهة نظر سياسية، فضلاً عن أن هشام لم يتحدث معنا لضيق وقت الزيارات إذا فتحت عن أبعاد أي حل للأزمة، ولكنه حاول بتقديمه لطلب التوكيل لأحد المرشحين أن يقول للناس جميعاً: إن هذا حقه كونه محبوساً خارج إطار القانون بعد انتهاء الحبس الاحتياطي له، وبالتحديد لم يطلب منا الاعتراف بالسلطة أو النظام، ولا أعتقد أن النظام يطالب بهذا في مقابل الإفراج عن المعتقلين؛ لأن الأمور مستقرة بيد السلطة، وأنا أرى أننا عنصر ضعيف في المعادلة، ولا أرى طلباً هكذا من كاسر المعتقلين قد يمثل للسلطة شيئاً، مرة أخرى لم يتم عرض شيء ولن يتم عرض شيء في هذا الإطار برأيي.

هل تعرضتم كأسر صحفيين ومعتقلين في نظام مبارك إلى مثل هذه الانتهاكات الحالية؟ وهل توافقين الرأي من يتحدث عن الحنين لنظام مبارك أم أنه حنين مسموم؟!

– بصراحة شديدة، لا يوجد لديَّ حنين لأي النظامين، فالنظامان ظلمانا بتفاوت، في “مر” وفي “الأمر منه” فقط.

كلمة أخيرة في اليوم العالمي للصحافة لمن ولماذا؟

– كلمتي باختصار شديد: مبروك لمصر تقدمها في المراكز الأولى لاعتقال الصحفيين ومهاجمتهم على مستوى العالم.

 

Exit mobile version