مع طول ساعات الصيام في أوروبا وانتظام الدراسة فيها، ووجود تدريبات رياضية، أو اختبارات مدرسية للطلاب المسلمين يطرح السؤال حول صيام الأطفال في أوروبا.
والصيام قبل سن التكليف الشرعي هو في إطار تدريب الطفل وتحبيب عبادة الصيام إليه حتى لا يجد مشقة في أدائها عندما يكبر، فالأمر قبل التكليف فيه سعة. يمكن أن يصوم ساعات محددة من النهار تتناسب مع دراسته وعمره وبنائه الجسماني، أو يصوم النصف الأول من النهار، أو النصف الأخير، أو أيام العطل وهكذا، مع رصد جوائز تشجيعية عند تحقيق المطلوب.
أما إذا بلغ سن التكليف فيطالب بالصيام شرعاً على أنه قد يبلغ الطفل في سن صغيرة وهو ضعيف البنية فيصعب عليه الصيام بالإضافة إلى طول النهار وصعوبة الدراسة، لهذا يجوز له الفطر وعليه القضاء بعد رمضان، وعلى والديه متابعته في القضاء شتاء. وعليه أن يصوم أيام العطل.
ولا يجوز للوالدين إكراه الأبناء على الصيام، لأن أداء العبادة يجب أن يقع مع تمام الحرية والإرادة الذاتية من المكلف، والإكراه على الصيام تحديدا يأتي بعكس مقصوده وهو تحقيق التقوى وتنمية ملكة المراقبة لله عز وجل، فيصوم الطفل أمام والديه ويأكل بعيداً عن أعينهما.
كما لا يجوز لهما إكراه أولادهم على الفطر مع رغبتهم في العبادة ما داموا قادرين عليها.
ولا يقبل كذلك من أي طرف أو جهة سياسية أو غيرها المطالبة بإكراه الطلاب المسلمين على الفطر، لأنه حرية فردية يجب صيانتها وعدم العدوان عليها، وحتى لا يضر ذلك بقيم المواطنة والتعايش والخصوصيات الدينية للمسلمين في أوروبا.
وعلى الوالدين بيان أثر الصيام ومقاصده وحِكَمه لأولادهم بخطاب يناسب سنهم، ويمكنهم من الحديث والحوار عنه مع زملائهم وأساتذتهم، وأن يتعاملوا مع ما قد يقع في مدارسهم من سؤال أو إشكال يتعلق بصيام أولادهم بحكمة وفي إطار قوانين البلاد ونظامها الدراسي.
نريد توازناً في التعامل مع رخصة الفطر في رمضان بحيث لا نصل إلى عدم الصيام مع انتفاء سبب الرخصة، أو أن نتركها مع وجود سببها، ولا نريد أن ننفر أولادنا من الصيام بإكراههم عليه أو تخويفهم من الفطر إذا كان الصيام فوق طاقتهم، فالصيام شرطه القدرة عليه. ويجب عدم إغفال الظروف الخاصة لمسلمي أوروبا مع أولادهم في صيام هذه الأعوام.
حفظ الله أولاد المسلمين وحبب إلينا وإليهم الإيمان وزينه فى قلوبنا وقلوبهم وكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين.
———
* رئيس لجنة الفتوى بألمانيا، وعضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.