وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الشباب الأردني

 

 

96% من الشباب الأردني يستخدمون الإنترنت بشكل يومي بدرجة كبيرة جداً 

المضمون السياسي احتل القائمة بنسبة 49% والترفيه 37.3% والتكنولوجي 36.7% والديني 28.3% 

وسائل التواصل أدت إلى ضعف النسيج العائلي والمجتمعي فتحولت من اتصال إلى انفصال اجتماعي! 

استخدام شبكات التواصل لفترات طويلة يؤدي إلى حالة من الإدمان وظهور بعض السلوكيات العدائية 

يجب وجود تشريعات لضبط المحتوى وتحديد أوقات للاستخدام وتنمية الرقابة الذاتية لدى الشاب

يصنف الشعب الأردني عموماً، والشباب بشكل خاص، بأنهم من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، حسب استطلاعات الرأي التي قامت بها جهات مختصة، حيث يشكل عدد الشباب في الأردن في الفئة العمرية ما بين 18 – 35 عاماً ما نسبته 30% من مجموع سكان المملكة الأردنية الهاشمية.
وفق استطلاع رأي للشباب الأردني بين عمر 18 – 35 عاماً نفذه مركز عالم الآراء لاستطلاعات الرأي بالتعاون مع مركز دراسات الأمة عام 2017م لمعرفة التوجهات الثقافية والإعلامية للشباب الأردني، أظهرت نتائج الاستطلاع أن الغالبية الساحقة من الشباب الأردني يستخدمون الإنترنت بشكل يومي بنسبة بلغت 96%، منهم 44% بدرجة كبيرة جداً (أكثر من 5 ساعات يومياً)، وما نسبته 37.7% يستخدمونه بدرجة كبيرة (2 – 4 ساعات يومياً)، وما نسبته 14.3% يستخدمون الإنترنت بدرجة متوسطة (أقل من ساعة يومياً)، بينما بلغت نسبة الذين لا يستخدمون الإنترنت نهائياً 2.3%، ونسبة من يستخدمه بدرجة بسيطة (عدة مرات أسبوعياً) 1.7%.
وتشير بعض الدراسات إلى أن “فيسبوك”، و”واتساب” هما المنصتان الأكثر انتشاراً في الأردن، ويشكل الشباب ما دون 29 عاماً حوالي 61% من نسبة مستخدمي “فيسبوك” في الأردن، وتشير الأرقام إلى أن 60% ممن يستخدم “فيسبوك” هم من الذكور، و40% من الإناث، ويشكل المحتوى العربي لموقع “فيسبوك” في الأردن حوالي 90% من المحتوى الذي يتم تداوله بين المستخدمين، وفي السياق نفسه من بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالأردن، احتل الشباب من 18 – 29 عاماً المرتبة الأولى بنسبة 33%.

المحتوى السياسي

أظهرت نتائج استطلاع مركز عالم الآراء أن هناك تفاوتاً بين الشباب الأردني حول المضمون والمحتوى الذي يشاهده الشباب عند تصفح الإنترنت، حيث احتل المضمون السياسي والإخباري القائمة بنسبة بلغت 49%، وحلت مواقع المنوعات والترفيه والتسلية ثانياً بنسبة 37.3%، والمحتوى العلمي والتكنولوجي ثالثاً بنسبة 36.7%، تلاها المحتوى الديني بنسبة 28.3%، ثم الرياضي 20%، ثم المسلسلات والأفلام والمسرحيات 18%، ثم الفني (موسيقى، فنون تشكيلية، أدب) بنسبة 16.3%، وبنفس النسبة بلغت زيارة المحتوى الوثائقي والتاريخي والتراثي، ثم الصحي بنسبة 11.7%، وأخيراً حلت مواقع الطبخ ذيل القائمة بنسبة زيارة بلغت 5.7%.
وبلغ عدد مستخدمي تطبيق “لينكد إن” حوالي مليون مستخدم في الأردن عام 2016م، أكثر من 70% منهم من الشباب دون سن 30 عاماً، بينما وصل عدد مستخدمي تطبيق “أنستجرام” حوالي 256 ألف مستخدم معظمهم من الشباب أيضاً، أما عن أسباب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقد تمحورت حول: التواصل مع الآخرين، متابعة الأخبار، مشاهدة فيديوهات وصور، شغل الفراغ، وأخيراً بسبب بعض الخدمات المجانية التي يقدمها.
وأظهرت نتائج الدراسة التي أجريت على طلبة الجامعات الأردنية أن نسبة عالية (97%) من طلبة الجامعات الأردنية يستخدمون الإنترنت، وقد احتل موقع “فيسبوك” المرتبة الأولى بنسبة 83%، يليه موقع “تويتر” بالمرتبة الثانية، و”يوتيوب” بالمرتبة الثالثة.

تأثير وسائل التواصل

كما هو شأن الأدوات التكنولوجية بشكل عام، فإننا لا يمكن أن نحكم على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي حكماً عاماً، فهي سلاح ذو حدين، إن تم التعامل معه بشكل جيد كانت فوائده عظيمة، وإن تم استخدامه بشكل خاطئ أو لساعات طويلة انقلب إلى أداة لها آثار سلبية.
ولعل أبرز الآثار الإيجابية التي لمسناها خلال المقابلات التي أجريت، ومن خلال الدراسات التي تسلط الضوء على هذا الموضوع، أنّ هذه المواقع أتاحت فُرصة ليعبّر الفرد عن نفسه، وسهلت عملية التواصل بين الأفراد في مواقعهم الجغرافية المتباعدة؛ الأمر الذي جعل العالم أشبه بقرية صغيرة، كما وفّرت مواقع التواصل الاجتماعي للمستخدم فرصة للتعرف على أشخاص جُدُد يشاركونه الاهتمامات، وتكوين علاقات جديدة معهم، وتبادل الأفكار والآراء والتعرف إلى ثقافات الشعوب المختلفة وعاداتهم أيضاً، كما تساهم في توفير وسائل مجانية أو متدنية القيمة لتسويق الأفكار والمنتجات عبر الشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى متابعة الأخبار الجارية والمستجدات المحلية والعالمية.

آثار سلبية

أما أبرز الآثار السلبية التي تم رصدها:

وسائل اتصال أم وسائل انفصال اجتماعي:

يشكو الكثير من الأهالي من أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أفراد أسرهم أدى إلى ضعف النسيج العائلي والمجتمعي، فتحولت بذلك هذه الوسائل من اتصال إلى انفصال اجتماعي، وفي هذا الصدد، أفاد العديد ممن التقيناهم أنه قلما تجد مناسبة اجتماعية عائلية في الأردن إلا وتكون تطبيقات التواصل الاجتماعي هي الحاضر الأكبر فيها، فتجد الجميع يجلسون في مكان واحد، ولكنهم يتواصلون افتراضياً مع أشخاص آخرين.
من النوافذ الحقيقية إلى نوافذ شاشات الكمبيوتر:
يقول المدون عبدالحكيم برونص: مع الثورة التكنولوجية الحالية، انضغط العالم في شاشة، وعبر هذه الشاشة يستطيع المرء أن يعبر إلى هذا العالم، وأن يتواصل مع شخوصه، وكلما أغرق الشخص في الانغماس في هذا الاتصال، انعزل عن نفسه، وفارق الناس الذين يسعى للاتصال بهم، وحصر نفسه في محيط لا يتعدى شاشة صغيرة هي كل عالمه.

تمزيق النسيج المجتمعي:

لقد فجر نائب رئيس شركة “فيسبوك” لشؤون نمو المستخدمين “تشاماث باليهابيتيا” قنبلة في خطابه أمام طلبة جامعة ستانفورد الأمريكية حيث قال: إنه “يشعر بذنب هائل لأنهم صنعوا أدوات تمزق النسيج الاجتماعي”، وأضاف أن “وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالتضليل والكذب”، ومضى ليصف حادثة وقعت في الهند حيث أدت مشاركة رسائل خادعة على “واتساب” حول عمليات خطف إلى إعدام سبعة أشخاص أبرياء.
الإدمان الإلكتروني (القلق الرقمي):
رغم تفاوت المسميات وتفاوت المعايير أيضاً في تصنيفها، فإنه أصبح واضحاً من خلال الكثير من الدراسات أن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لفترات طويلة يؤدي إلى حالة من الإدمان وظهور بعض السلوكيات العدائية من بعض المستخدمين في حال انقطاعه عن التواصل بهذه الشبكات، ولا يعتمد ذلك فقط على عدد الساعات التي يقضيها، إنما هي الحاجة وعدم القدرة على الاستغناء عن شيء ما، والشعور بالحاجة إلى المزيد لحصول الإشباع، وترتب اضطرابات في السلوك في حال عدم الحصول عليه.

هذا، وقد كشفت دراسة أجرتها منظمة “أنقذوا الأطفال” العالمية، أن تقنيات الاتصال الحديثة أوجدت جيلاً من الأطفال يعاني من الوحدة وعدم القدرة على تكوين صداقات، واعتمدت النتائج على استطلاع أُجري على عينة من 100 معلم، أكد 70% منهم على أن قضاء الأطفال لساعات طويلة بشكل منفرد مع التقنيات وبخاصة الإنترنت يؤثر سلبًا على مهاراتهم الاجتماعية.

عدم القدرة على ضبط المحتوى:

لعل العجز عن ضبط المحتوى الذي يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي أحد أهم الآثار السلبية التي تسببها هذه المواقع، ووفقاً لعدد من الآباء الذين استطلعنا رأيهم في الأردن، فإن خوفهم من مشاهدة أبنائهم خصوصاً الأطفال منهم والمراهقين مواد تمس الدين والأخلاق يشكل هاجساً يدعوهم لدق ناقوس الخطر حول أهمية الرقابة على المحتوى الإلكتروني، فيما أشار آخرون إلى أن المحتوى الذي يدعو للعنف والجريمة والتطرف لهذه الفئة الحساسة في مرحلة المراهقة يؤدي إلى زيادة ميل الشباب للانجرار خلفهم أو على الأقل محاولة تقليدهم.

ضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:

يشير بعض الباحثين إلى أنه من الضروري وجود ضوابط ليتسنى التقليل من الآثار السلبية لهذه الشبكات التي لم يعد بمقدور أحد أن يستغني عنها خصوصاً الشباب.
ولعل أبرز هذه الضوابط:

– وجود تشريعات قانونية تضبط المحتوى الإلكتروني.
– تحديد أوقات معينة محددة لاستخدام هذه التطبيقات من خلال رقابة الأهل.
– تنمية وازع الرقابة الذاتية لدى الشباب وتوعيتهم بالاستخدام الأمثل لهذه الشبكات.
– عدم تصديق أي كلام يكتب وينشر على هذه الشبكات إلا بعد وروده من مصدر موثق.
– زيادة التواصل الاجتماعي بين الأهالي وأولادهم ومحاولة إشغالهم بأنشطة بدنية مفيدة.
– الابتعاد عن مشاركة الأخبار التي تحمل مخالفات شرعية أو قانونية، مثل التشهير والتحريض.

 

* أكاديمي بنظم وتكنولوجيا المعلومات

Exit mobile version