في يومهم.. عمال غزة ينهشهم الجوع والفقر

 

– دعوات للتحرر من الاتفاقيات الاقتصادية مع الاحتلال

– 90% من عمال غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي

 

في كل أنحاء العالم يحتفل العمال بيومهم العالمي، إلا عمال فلسطين فجلهم لا يجدون فرص عمل ويعانون من الفقر والجوع، فالبطالة منتشرة في صفوفهم بنسب مخيفة، وذلك بسبب الحصار “الإسرائيلي” الخانق المتواصل والتضيق من قبل الاحتلال على العمال الفلسطينيين منذ ربع قران، حيث منعت دولة الاحتلال بعد قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994 أكثر من ربع مليون عامل من قطاع غزة من العمل داخل فلسطين المحتلة عام 48، وكان يطلق عليهم فلسطينياً حينها بعمال “إسرائيل”.

وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 شدد الاحتلال من حصاره على قطاع غزة والضفة الغربية، ودمر في غزة المنشآت الاقتصادية الزراعية والصناعية، وتوقفت على أثر ذلك عجلة الاقتصاد الفلسطيني تماماً، وزاد الأمور تعقيداً حروباً ثلاثة شنتها دولة الاحتلال على قطاع غزة في الأعوام 2008, 2012، 2014، كتبت على أثرها شهادة الوفاة للعمالة الفلسطينية.

نسب مخيفة

بدوره، قال جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار: إن أكثر من 250 ألف عامل في غزة عاطلون عن العمل بسبب توقف عجلة الاقتصاد من مصانع وإنشاءات ومنع الاحتلال لإدخال مواد الخام، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه لا يمكن حصر الأضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع العمال في غزة.

وأكد الخضري أن هناك نسب فقر مخيفة في صفوف العمال الفلسطينيين، والذين لا يجدون فرص عمل في قطاع غزة الضيق المخاصر.

وأشار الخضري إلى أن اليوم العالمي للعمالي يأتي على عمال فلسطين في ظل أوضاع سوداوية نتيجة الفقر والبطالة وعدم توفر فرص عمل للغزيين، خاصة إذا ما علمنا أن هناك كانت على غزة ثلاث حروب، وحصار متواصل منذ 11 عاماً كل ذلك كان كفيلاً بشل قطاع العمالة في فلسطين.

وأكد الخضري أن من يعيد دورة الحياة للعمال الفلسطينيين في غزة، هو أن يرفع الاحتلال “الإسرائيلي” حصاره المفروض على القطاع، ويتم إنهاء الانقسام الفلسطيني، الذي يعد أحد الأسباب التي أدت لارتفاع نسب الفقر والجوع في صفوف العمال الفلسطينيين.

وبمناسبة اليوم العالمي للعمال قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني العالمي إن عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية بلغ عام 2017 نحو 364 ألف شخص في غزة والضفة، أي ما معدله 27.7% من اليد العاملة، تتركز النسبة الأكبر في قطاع غزة.

في سياق متصل قال الخبير الاقتصادي د. سمير أبو مدللة لـ”المجتمع”: يأتي يوم العمال في ظل ظروف دقيقة تمر بها القضية الوطنية الفلسطينية، باستمرار سياسة الاستيطان والضم والقتل وسياسة أمريكية دعمت الاستيطان الاستعماري واعترفت بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، وعملت على محاصرة وكالة الغوث بتجفيف مواردها وإفراغها من وظائفها، كخطوة على طريق إنهاء قضية اللاجئين في إطار صفقة القرن الأمريكية التي تستهدف تصفية القضية والحقوق الوطنية. 

وأكد أبو مدللة أنه على صعيد الواقع الذي تعيشه الطبقة العاملة الفلسطينية في يوم العمال، فإن السلطة الفلسطينية مطالبة بالتخلي عن بروتكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994 والتزاماته وتبني خطة تنموية لبناء اقتصاد وطني، وتوظيف نسبة عالية من الموازنة للإنفاق الاستثماري، واستنهاض دور النقابات والاتحادات العمالية وإعادة النظر بالتشريعات والقوانين بما يخدم الطبقة العاملة.

وكشف أبو مدللة أن 90% من العمال الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون من عدم القدرة على توفير الطعام والغذاء لأسرهم، وأن 70% من أبناء الطبقة العاملة في غزة لم يستطيعوا الالتحاق بالمؤسسات التعليمية، وهذا خطير للغاية يدلل على انعكاس الفقر والبطالة التي تعيشها الطبقة العاملة على مستقبل أبناءهم بشكل سلبي للغاية ستظهر نتائجه الكارثية في المستقبل.

حياة مريرة

على صعيد متصل، قال المحلل الاقتصادي محمد بركة لـ”المجتمع”: حياة الطبقة العاملة في غزة مريرة، فهم لا يجدون قوت يومهم، ولا يشعرون بأن هناك يوم عالمي لهم فكل الأيام سواء، لا حقوق، ولا عمل، قتلهم الجوع والفقر وغابت عن بيوتهم بسمة الحياة.

وأشار بركة إلى أن العامل في غزة إن وجد عمل في الشهر الواحد مرة أو مرتين، فإنه يعمل بأجور زهيدة، لا تسد رمق جوع أطفاله، هو واقع مخيف ومؤلم، الاحتلال دمر كل معالم عجلة الاقتصاد في غزة، خاصة إذا ما علمنا أنه لأول مرة منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994 تتجاوز الشيكات المرجعة الخاصة بغزة في البنوك المليار دولار، وهذا معناه أن كل عجلة الاقتصاد في غزة مدمرة.

وأكد بركة أن نسب البطالة في صفوف العمال في مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة تتجاوز 80%، فالعمال لا يوم لهم في قطاع غزة.

وناشد بركة كل العالم بالتدخل لإنقاذ عمال غزة من واقعهم المرير، من خلال تقديم مساعدات لهم ووضع خطط تشغيلية توفر لهم قوت يومهم، فالعامل في غزة بات غير قادر على توفير لقمة العيش لأسرته في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها القطاع.

وبمناسبة اليوم العالمي للعمال أجرت “المجتمع” لقاءات مع عدد من العمال العاطلين عن العمل في غزة، وقال العامل صالح عودة لـ”المجتمع”: أنا لم أعمل منذ فترة طويلة لا أجد فرصة عمل، وإن وجدت فأنها ليوم أو يومين في الشهر، لا تكفي لشراء حاجيات منزلي، فأنا أعتمد على المساعدات البسيطة المقدمة من المؤسسات الإغاثية من أجل الاستمرار على قيد الحياة فقط.

وأضاف: أسرتي مكونة من 8 أفراد، ليس لدينا دخل، طبقة العمال في غزة ميتة هنا في غزة قتلها الفقر والجوع، كل عمال العالم يحتفلون بيوم العمال، ونحن لا نشعر بها، لأننا كل العام جالسون في منازلنا نلهث وراء يوم عمل في الأسبوع أو الشهر، من أجل أن نسد رمق جوع أطفالنا.

وعلى مقربة من العامل عودة كان يجلس أبو محمد عقل قال لـ”المجتمع”: لا يوجد لنا حقوق، أنا كنت أعمل في داخل الخط الأخضر –عمال “إسرائيل”– أي داخل فلسطين المحتلة، وتوقفت عن العمل بعد اتفاق أوسلو حيث أغلقت دولة الاحتلال المعابر ومنعت العمال من الدخول للعمل، ومن وقتها وضعنا في غاية السوء، نعيش على فرص عمل تقدمها بعض المؤسسات الدولية في السنة أو السنتين مرة، وهذه لا تكفى، أبنائي لم أستطع تدريسهم في الجامعات، لأني كعاطل عن العمل لا أستطيع أن أوفر الطعام لهم،  فكيف سأوفر رسوم الجامعات ولا المواصلات؟

ويشار إلى أن البنك الدولي أصدر تقريراً، أكد فيه انعدام الأمن الغذائي لنحو 50% من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة والذي يخضع لحصار “إسرائيلي” ظالم متواصل منذ 11 عاماً تسبب بانهيار معظم المرافق الاقتصادية والحياتية في القطاع الذي يتجاوز عدد سكانه مليوني نسمة.

Exit mobile version