نيوزويك: التوترات بين الغرب وروسيا .. صراع مصالح لا أيدولوجيات

قالت مجلة “نيوزويك” الأمريكية إن التوترات التي شابت العلاقات الروسية الغربية مؤخرا ودفعت البعض للتحذير من عودة الحرب الباردة من جديد، غير صحيحة، لأن المشكلة حاليا صراع مصالح لا أيدولوجيات.

وأضافت المجلة، أن الأزمة التي اندلعت هذا الأسبوع مع طرد دبلوماسيين روس من دول أوروبية، والولايات المتحدة ، وهو ما ردت عليه موسكو بالمثل، عقب تورط الأخيرة المزعوم في محاولة قتل عميل مزدوج وابنته في بريطانيا، دفعت بعض المحللين لوصف الأوضاع بأنها تشبه “أجواء الحرب الباردة”.

وأضافت، لكن لفظ “الحرب الباردة” لا ينطبق على النظام الدولي اليوم، خاصة أن حقبة “الحرب الباردة” تشير إلى حالة الأزمة الدائمة التي ميزت المواجهة النووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك وحلفائها في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وتابعت، على النقيض من فترة ما بعد الحرب، فإن العلاقات بين روسيا والغرب منذ 1991 لا تشكلها الأيديولوجية، ولكن المصالح الاقتصادية والقضايا الأمنية والمخاوف السياسية الداخلية لروسيا.

وفي التسعينيات، فاز الرئيس الأول لروسيا “بوريس يلتسين” بشرعية شعبية من خلال الانخراط مع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، في المقابل، بعد عام 2000 بنى خليفته، فلاديمير بوتين، شرعيته على استعادة الاستقرار الداخلي.

ومع ذلك، بحلول 2011، أظهر الاحتجاج على نطاق واسع في أعقاب الانتخابات الرئاسية أن الكرملين يحتاج لاستراتيجية جديدة للحفاظ على السلطة، خاصة أن بوتين، ابتلي بتراجع أسعار النفط وعدم القدرة على تحديث الاقتصاد، مما جعله يصنع أعداء دوليين لكسب التأييد الشعبي وخلق شعور متجدد بالكرامة الوطنية.

وأوضحت الصحيفة، أن الاستراتيجية الدولية الحالية للرئيس بوتين تعكس أهدافه المحلية، الكرملين يقيم تحالفات جديدة مع حكام متشابهين في التفكير مثل رجب طيب أردوغان في تركيا وبشار الأسد في سوريا، مستخدمين أساليب مثل السيطرة على الإعلام، إنها سياسة خارجية تقوم على الاضطراب والتضليل العنيف.

وهدف بوتين زرع الصراع الاجتماعي والانقسامات السياسية داخل الدول الديمقراطية، وتقليص الديمقراطية كنموذج تستند اليه المعارضة الروسية.

يعد الرد الغربي الموحد على محاولة الاغتيال للجاسوس الروسي “سيرجي سكريبال” وابنته يوليا، علامة على أن الدول الغربية حاليا تفهم استراتيجية السياسة الخارجية الروسية، ومنذ توليه منصبه، استخدم بوتين المحاكمات والاغتيالات لتخويف الخصوم المحتملين.

وبحسب المجلة، يفرض طرد الموظفين وإغلاق القنصلية في سياتل تكاليف كبيرة على الكرملين، ويدل على استعداد الدول الغربية لاستيعاب الانتقام الروسي، وتشكل هذه الإجراءات استجابة محسوبة ومحددة لانتهاكات القانون الدولي.

وبينما يواصل المسؤولون الروس إعلان غضبهم في وجه الاتهامات وتكثيف خطابهم عن الحرب الباردة، اختارت السلطات في الكرملين الرد بعناية حيث أغلقت القنصلية الأمريكية في سان بطرسبرج، وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا بسرعة أنها لن تتخذ إجراءات انتقامية، وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيزور روسيا مايو القادم.

نهج الولايات المتحدة في الرد غير واضح، فهو يشير حتى الآن إلى عزم إعادة وضع القواعد الدولية والقيود على التدخل الروسي، ويوضح التوقيت موافقة البنتاجون على نصيحة “جون بولتون” لاتخاذ موقف أقوى ضد روسيا.

واختتمت المجلة تقريرها بالقول، إن بوتين سوف يظل يخلق فوضى لتعزيز الدعم في الداخل، وقد تكون القيادة الروسية الرافضة للمخاطر على استعداد لتغيير المسار مرة أخرى، وإعادة الانخراط مع الغرب من أجل التركيز على التحديات الاقتصادية والسياسية في الداخل.

والاستجابة المنسقة لن تبدأ حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب، ولكنها سوف تعيد المبادئ المشتركة بشأن السلوك المستقبلي في نظام دولي أكثر تعقيدًا مما كان موجودًا خلال الحرب الباردة بحسب مصر العربية.

Exit mobile version