مرصد حقوقي: الانتخابات المصرية بلا مصداقية والصحفيون إحدى ضحاياها

كشف المرصد العربي لحرية الإعلام عن أن شهر مارس 2018 شهد سلسلة من الهجمات القمعية بحق حرية الصحافة في مصر تزامنا مع الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أنه لم تقتصر هذه الموجة القمعية على الصحفيين المصريين بل طالت المراسلين الأجانب في القاهرة بسبب تغطياتهم للعملية الانتخابية وما صاحبها من مظاهر نقلها أولئك المراسلون الأجانب وهو ما أغضب السلطات المصرية من تلك التغطيات الأجنبية، وكذا بعض التغطيات المحلية التي عاقبت أصحابها بالغرامات المغلظة، والإحالة للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة وأمام نقابة الصحفيين.

وقال المرصد في تقريره الشهري الذي وصل “المجتمع”: المرصد العربي لحرية الإعلام رصد مناخاً قمعياً ضد الصحفيين والإعلاميين قبل الانتخابات الرئاسية في شهري يناير وفبراير 2018م، وفي تأكيد للمؤشرات التي أبرزها المرصد في الشهرين السابقين فقد جرت الانتخابات الرئاسية في أجواء من التخويف والترهيب للصحفيين لم تسمح برأي معارض أو مخالف للرأي الرسمي للسلطات المصرية، وشاركت الهيئة الوطنية للانتخابات في منع الصحفيين من تأدية دورهم في متابعة عملهم برفض أو تعطيل إصدار التصاريح لهم، ووفق المعلومات، فقد كان الرأي الأخير للمشاركين في تغطية الانتخابات يعود إلى الجهات الأمنية.

وأضاف أنه تطورت مواجهة السلطات المصرية لكل محاولة مستقلة لرصد الانتهاكات في الانتخابات التي كان أبرزها مشاركة مؤسسات الدولة في الحشد لمرشح بعينه، وجاءت جريدة “المصري اليوم”، وموقع “مصر العربية”، وموقع “المنصة”، كضحايا لمزايدات من محسوبين على السلطات بسبب رصدها الانتهاكات الخاصة بمشاركة أجهزة الدولة في دعم مرشح بعينه، فقد فرض المجلس الأعلى للإعلام غرامة مالية قدرها 150 ألف جنيه مصري على صحيفة “المصري اليوم” مع تحويل رئيس تحريرها ومحرر الخبر الخاص بتدخل الدولة في عمليات الحشد إلى النيابة وكذلك إلى التحقيق في نقابة الصحفيين، كما فرض المجلس غرامة مالية بحق موقع “مصر العربية” بسبب ترجمته تقريراً صحفياً أجنبياً عن الانتخابات المصرية، في حين حجبت السلطات المصرية موقع “المنصة” بعد كشفه لزيف ما وصف بوفد الكونجرس الأمريكي لمراقبة الانتخابات، كما تم حذف موقع قناة “وطن” التي تبث من خارج مصر، وموقع “تراث الإخوان” أيضاً.

رقابة مشددة

وأوضح أن الصحافة المصرية وضمنها المراسلين الأجانب في القاهرة عموماً عاشت خلال شهر مارس تحت رقابة مشددة من الأجهزة الأمنية والمؤسسات التنظيمية الإعلامية وخاصة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة العامة للاستعلامات، حيث كانت الصحافة المحلية بصحفها وقنواتها مسخرة بشكل عام لدعم المرشح عبد الفتاح السيسي بشكل فج، مع عدم السماح بأي أصوات معارضة، وهجوم وانتقاد للمعارضة، وللساسة الذين كانوا يعتزمون الترشح قبل القبض عليهم أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية، كما مارس الكثير من مقدمي البرامج انتهاكات على رأسها تحريض السلطة وتحريض المجتمع أيضا ضد المعارضين السياسيين الداعين لمقاطعة الانتخابات كعمل سياسي مشروع، وتم القبض فعلا على العديد من النشطاء خلال تصويرهم للجان فارغة، أو لتجمعات راقصة أمام اللجان.

وأعلن المرصد أنه بنهاية شهر فبراير بلغ عدد المحبوسين 92 صحفياً وإعلامياً ومراسلاً صحفياً حراً (تعاون مع فضائيات ومؤسسات صحفية مستقلة أو معارضة)، بعد استمرار دوائر الإرهاب غير المختصة قانوناً والمخالفة لصحيح القانون والدستور في العصف بحقوقهم في الوقوف أمام قاضيهم الطبيعي وتطبيق معايير المحاكمة العادلة بحقهم، ومن ضمنهم حالة الإخفاء القسري المستمرة بحق الصحفي “حسام الوكيل”.

ووثق المرصد في شهر مارس 2018 وقوع 32 انتهاكاً وفق ما أمكن رصده وتصدرت الانتهاكات ما حدث للصحفيين في انتخابات الرئاسة وتنوعت الانتهاكات بين اعتقال وحبس وإخفاء قسري وإهمال طبي وتحقيق ووقف برامج وقيود علي النشر، وجاءت انتهاكات الانتخابات والحبس في المقدمة ب”9 انتهاكات”، ثم قيود النشر في المرتبة الثانية ب”6 انتهاكات” بعدما كانت في تقرير المرصد لشهر فبراير 2018 في المرتبة الرابعة، ثم حلت انتهاكات السجون في المرتبة الثالثة ب 5 انتهاكات، وحل في المرتبة الرابعة المحاكمات المعيبة بـ(3 انتهاكات).

عدم مصداقية!

وخلص المرصد من متابعته للانتخابات الرئاسية في مصر إلى أنها تمت في ظل ظروف استثنائية وفي غياب دور الإعلام والصحافة سواء المعارضة أو المستقلة، بينما تم السماح فقط بلون واحد وصوت واحد واتجاه واحد في التغطية وعقاب من رصد الحقيقة، وهو ما يطعن في مصداقية الانتخابات ونزاهة مناخها بعيداً عن إجراءاتها التي هي ليست من اختصاصات رصدنا وفق ما قال المرصد في تقريره.

انتهاكات مستمرة

شهد شهر مارس بحسب المرصد 9 انتهاكات تتصل بالحبس والاحتجاز وفق ما أمكن رصده رغم الإفراج عن 5 صحفيين بعد مدد متفاوتة لم تثبت النيابة ثمة إدانة ضدهم، أبرزها بحق الصحفي هشام جعفر الذي جدد حبسه 45 يوماً دون سند من القانون، رغم انتهاء الفترة القصوى للحبس الاحتياطي المقررة بعامين في أكتوبر 2017 واستمرار ارتكاب قوات الأمن بمحافظة الإسكندرية جريمة الإخفاء القسري بحق الصحفي حسام الوكيل، مدير مكتب جريدة “الدستور” السابق بالإسكندرية، ومراسل قناة “sky news” منذ اعتقاله على أيدي قوات الأمن من منزله بالإسكندرية يوم ٣٠ ديسمبر ٢٠١٧، كما انتقدت طلب النيابة العامة إعدام المصور الصحفي محمود أبو زيد، والاستمرار في إصدار قرارات إخلاء سبيل للصحفيين مشروطة بحضور تدابير احترازية في أجواء غير ملائمة بأقسام الشرطة، مع استمرار الأحكام الصادرة ضد الصحفيين بسبب آرائهم، ومنع جريدة “الشروق” مقالاً بعنوان “بيروزيليا.. بين كالونجا والكولونيل موراتو” للإعلامي حسام السكري، وحذف موقع “اليوم السابع” مقالاً للعميد محمد سمير، المتحدث العسكري السابق باسم القوات المسلحة، بعد أن انتقد سمير في مقاله المحذوف طريقةَ التعامل مع المخرج والمؤلف المسرحي أحمد الجارحي الذي قرّرت النيابة العسكرية حبسه، ووليد عاطف، مؤلف عرض “سليمان خاطر”، لـ15 يوماً بتهمة الإساءة للجيش وإهانته.

Exit mobile version