صحفي فلسطيني محرر: التحريض تهمة الاحتلال الجاهزة لإدانة الفلسطيني

تحرر الصحفي رغيد محمد طبسية من مدينة قلقيلية من سجن مجدو، مساء الخميس، بعد رحلة اعتقال استمرت ستة أشهر بتهمة التحريض ومحاسبته على عمله الميداني في تغطية الأحداث قبل انتقاله إلى العمل في فضائية “النجاح” بنابس مذيعاً للأخبار.

مراسل “المجتمع” التقى الصحفي المحرر رغيد طبسية للحديث عن الانتهاكات داخل السجون بحق الأسرى وخصوصاً المرضى، وما يجري داخل المحاكم العسكرية ورحلة البوسطة المؤلمة بحق كل أسير وأسيرة وتوجيه تهمة التحريض لكل صاحب رأي.

البداية والاعتقال

يقول المحرر طبسية: بداية الاعتقال كان هناك كسر بيدي، ولم يشفع لي هذا الكسر ويدي عليها جبيرة من جبصين من الاعتقال الوحشي والتعامل بقسوة منذ البداية ونقلي إلى التحقيق لمدة شهر، وقمت بإزالة الجبيرة على عاتقي الشخصي ومن خلال تمزيقها داخل الزنزانة، ولم يستجيبوا لي وأنا أطالبهم بفك الجبيرة من جبصين كي تكون نقطة ضعف عندي للضغط عليَّ، وهذا برهان قاطع لما يتعرض له الأسرى المرضى، داخل سجون الاحتلال، وأن الدواء يقدم لهم بعد فوات الأوان، وتمارس ضدهم مماطلة مقصودة ومتعمدة، من قبل مصلحة السجون وأطباء العيادات، فالأسير المريض وما يتعرض له من معاملة قاسية هي من أركان المعاملة، ويتم الاعتداء على الأسرى المرضى بالضرب اذا احتج أحدهم على المعاملة القاسية من قبل وحدات السجون التي تنقلهم إلى العيادة بشكل عنصري دون رحمة بوضعهم، والكثير من الأسرى المرضى يفضلون عدم الذهاب إلى العيادة داخل السجن نتيجة الإجراءات التي ترافق عملية الذهاب والإياب، وعدم احترام حالتهم المرضية، وكان يقول البعض منهم: أتحمل وجع المرض أفضل من تحمل وجع الإهانة، وهذا يدلل على مدى الظلم الواقع عليهم.

المحاكمات العسكرية

وصف المحرر طبسية المحاكمات العسكرية للأسرى بشكل عام ولقضيته بشكل خاص بالهزلية والمسرحية التافهة، فقضاة المحكمة العسكرية لا يخرجون عن توصيات النيابة العسكرية التي تخضع مباشرة لتوصيات المخابرات “الإسرائيلية”، ويكون القاضي الذي يطلق عليه هذا اللقب زوراً وبهتاناً، الأداة التي تشرعن محاكمة الأسير وإذا حاول القاضي أن يخرج عن المعمول به يتم تغييره في الجلسة القادمة أو يكون الاستئناف الوسيلة التي تمنعه من تنفيذ قراره، وهذا ما حدث معي، عندما قرر القاضي الإفراج عني والاكتفاء بالمدة وكان الاستئناف من قبل النيابة وتم الاتفاق أخيراً على أن يكون الإفراج مقابل كفالة مالية باهظة بقيمة 15 ألف شيكل (5 آلاف دولار)، وأن تبقى المحاكمات لي متواصلة بعد الإفراج عني، وبعد أيام سيكون لي محكمة في سالم لأن ملفي حسب المحكمة لم ينتهِ بعد، والإفراج عني كان مشروطاً بوجود كفلاء من الداخل يحملون البطاقة الزرقاء كي يضمنوا حضوري المحاكم العسكرية، فالإفراج عني منقوص وفيه تنغيص متواصل.

الصحافة في الأسر

يتحدث المحرر طبسية عن تجربته كصحفي داخل الأسر قائلاً: العمل الصحفي لا يتوقف لدى الصحفي في أي لحظة سواء كان بالميدان أو داخل الأسر، فخلال وجودي في الأسر قمت بتوثيق حالات عديدة من قصص الأسر سواء البوسطة المؤلمة التي هي متناقضة المشاهد فيها المؤلم القاسي على النفس والكرامة وفيها الإيجابي برؤية أسرى ممن نسمع عنهم في وسائل الإعلام ولم نشاهدهم في الواقع ورؤية المناظر الطبيعية من خلال استراق النظر من نوافذ البوسطة المعتمة، أما المشاهد المؤلمة التي ترافق البوسطة تبدأ عند إخبار الأسير قبل البوسطة بيوم عن موعد المحكمة، وهنا تبدأ عملية العصف الذهني وتزاحم الأفكار، والتنبؤ بتفاصيل الرحلة من بدايتها حتى نهايتها، وفي الصباح يأتي أفراد وحدة النحشون، يطرقون الأبواب والقيود يسمع صوتها قبل حضورهم ويتم تقييد اليدين في البداية من خلال فتحة أسفل باب الزنزانة وبعدها القدمين، ونصعد على حافلة البوسطة بصعوبة وكبار السن من الأسرى والمرضى منهم يتألمون بشدة، ولا يرحمهم أفراد وحدة النحشون المدربين على كيفية إهانة الأسرى خلال رحلة البوسطة، وعند وصول المحكمة تكون غرفة الانتظار قبل دخول المحكمة أيضاً فيها ذل وامتهان للكرامة، وعند دخول قاعة المحكمة يتم فك قيود اليدين احتراماً للقاضي وليس للأسير، ويجبر كل أسير على الوقوف عند دخول القاضي، ويحرم من الحديث مع عائلته إلا من خلال الإشارة والحركات الصامتة.

وأضاف: توظيف عملي الصحفي كان من خلال دورة للأسرى في العلاقات السياسية والإعلام، والأسرى يستفيدون من كل الطاقات الأسيرة وهذه ميزة الحركة الأسيرة الفلسطينية أنها تستنهض الطاقات كي يستفيد منها الكل داخل الأسر.

رسالة الأسرى

وعن رسالة الأسرى، قال المحرر طبسية: التقيت بأسرى حكم عليهم بالسجن الفعلي سنوات طويلة، ورسالتهم لمجتمعهم ألا يكون ضمن عالم النسيان، فهم يقبعون في الأسر ليس لقضية خاصة بل لقضية سياسية تختص بتحرير الأرض والإنسان، وهم يدفعون فاتورة باهظة من عمرهم في مدافن الأحياء، وعلى الجهات المعنية رسمية كانت أو فصائلية أو حقوقية أو شعبية أو إنسانية التحرك الفاعل والجاد لإنقاذهم، فأعداد الأسرى المرضى تزداد، والأسيرات يزداد عددهن، والأطفال أيضاً أعدادهم في تزايد بظروف قاسية، فالتضامن يجب أن يكون دائماً وليس موسمياً.

يشار إلى أن الأسير المحرر محمد طبسية اعتقل بتاريخ 24/ 9/ 2017م، واعتقل شقيقه أربكان طبسية بعد أسابيع من اعتقاله ووالده اعتقل عدة سنوات، والاحتلال هدم منزل جده عام 1994م بعد تنفيذ خاله الشهيد صالح صوي عملية شارع ديزنجوف بتاريخ 19/ 10/ 1994م وسقط فيها عشرات القتلى ومئات الجرحى.

Exit mobile version