مذبحة «رابعة» تشبه ما حدث مع «أصحاب الأخدود»!

 

ـ منظومة العدالة العربية تعاني بشدة بسبب الاستبداد 

ـ القضاء المصري وصل لأسوأ حالاته بعد 3 يوليو 2013م 

ـ الوضع في مصر يزداد تعقيداً والحل بعودة الجيش إلى ثكناته

ـ إذا استمر الوضع كما هو فالغضب والثورة سيكونان الحل 

ـ الاصطفاف لم يفعَّل بعد بسبب عدم توحد الرؤى

ـ مذبحة «رابعة والنهضة» تمثل وصمة عار لكل المصريين.. والقصاص قادم لا محالة 

ـ الديمقراطية بالكويت أثَّرت بالإيجاب على نظامها القضائي

 

قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل المصري الأسبق في ظل حكم الرئيس «محمد مرسي»: إن ما جرى باعتصامي رابعة والنهضة بمصر منذ أربع سنوات، والمذبحة التي تعرض لها المعتصمون يشبه ما جرى مع «أصحاب الأخدود»؛ حيث حرق الكبار والصغار، وثبات أهل الحق على موقفهم، وتمادي القاتل في قتله، واصفاً ذلك بوصمة عار في جبين المصريين، وإساءة بالغة لهم، مؤكداً ضرورة القصاص مهما طال الزمن أو قصر.

في حواره مع «المجتمع»، وصف وزير العدل الأسبق منظومة العدل العربية بالتراجع وغياب النظام القضائي الحقيقي في العالم العربي باستثناء بعض الفترات وبعض الدول ومنها الكويت التي وصف نظامها القضائي بالأفضل عربياً؛ لتمتعها بنظام به قدر كبير من الديمقراطية.
ورأى أن الوضع الداخلي المصري معقد للغاية، ووصل لمراحل لا يمكن قبولها، داعياً الشعب إلى أن يتحرك ويرفض مثل هذه الأوضاع، وليس هناك ما يمكن الرهان عليه سوى التحرك الشعبي.
وقد تطرق الحوار مع المستشار مكي أيضاً إلى وضع القضاء المصري بعد 3 يوليو 2013م، ورأيه في دعوات الاصطفاف الثوري التي ينادي بها البعض للحفاظ على مكتسبات ثورة يناير.

كيف ترى ما جرى باعتصام رابعة بعد مرور أكثر من 4 سنوات على حدوثها؟
– رابعة تمثل وصمة عار في تاريخ مصر وجبين كل المصريين، وما حدث بها يماثل ما جرى لـ«أصحاب الأخدود»؛ حيث إصرار أهل الحق على موقفهم وثباتهم رغم معرفتهم بما ينتظرهم من مصير، يقابله إصرار على الإجرام من الطرف الآخر طال الجميع؛ الرجال والشباب والشيوخ والنساء وكذلك الأطفال، وهو ما جرى في قصة «أصحاب الأخدود».

وما الأثر الذي تركته المذبحة من وجهة نظرك؟
– للأسف تركت أثراً شديداً وسيئاً، وسيستمر لفترة، وتمثل لعنة أصابت مصر كلها وأساءت إساءة بالغة لكل المصريين.

وهل سيتم القصاص لهؤلاء الشهداء؟
– أعتقد أن القصاص سيتم عاجلاً أم آجلاً، والبشرية لا يستريح ضميرها إلا بالقصاص لضحاياها ومحاكمة المجرمين، وهذا ما حدث في واقعة «جان دارك» الفرنسية والقصاص لها بعد مائة عام، وكذلك محاكمة الضابط الإنجليزي «كرمول» الذي قاد انقلاباً على السلطة وقتل العديد من شعبه وتمت محاكمته بعد وفاته بإخراج رفاته من مقبرته، وطبقاً لهذه النماذج؛ فأنا متأكد من القصاص لضحايا رابعة والنهضة.

كيف ترى منظومة العدالة العربية وما آلت إليه؟
– بالتأكيد منظومة العدالة العربية تشهد خللاً كبيراً لسبب بسيط؛ هو غياب الديمقراطية؛ لأنه لا يمكن أن يوجد قضاء عادل في ظل استبداد وقمع وغياب النظام الديمقراطي؛ وبالتالي نستطيع القول: إنه لا توجد منظومة عدالة عربية بالمعنى الحقيقي، وما يتم هو توظيف القضاء كإحدى الأدوات للسلطة وليس كسلطة ثالثة مستقلة.

وهل توجد دولة عربية اقتربت في فترة من الفترات من نظام قضاء معقول؟
– بالتأكيد كانت هناك فترات معينة شهدت وضعاً قضائياً جيداً ومعقولاً في إطار منظومة عدالة مقبولة، ومن بين هذه البلاد الأردن والمغرب ومصر أيضاً، ولكن على فترات مختلفة، وإن كانت مؤخراً تراجعت كثيراً.

وماذا عن الكويت ووضعها القضائي ومنظومة العدالة بها؟
– بالتأكيد الكويت تأتي ضمن البلاد العربية التي تحتفظ بقضاء مستقل إلى حد كبير؛ لأنها تتمتع بتجربة ديمقراطية جيدة انعكست بالطبع على منظومة العدالة بها وعلى قضائها والتقاضي بها، وهذا يحسب للكويت؛ حيث اختارت النظام الديمقراطي، وأصبحت لها شخصية متميزة بالمعنى الإيجابي؛ حيث يتمتع شعبها بقدر كبير من الحرية، ولها تجربة برلمانية هي الأكثر نضجاً في منطقة الخليج إن لم تكن في العالم العربي.

بهذه المناسبة؛ هل تحدثنا عن تاريخ النظام القضائي الكويتي ونشأته؟
– النظام القضائي بالكويت أنشأه القاضي المصري المعروف السنهوري باشا في الخمسينيات من القرن الماضي، وهو من القضاة الذين تربوا على استقلال القضاء في مصر قبل أن تتدخل السلطة في الشأن القضائي، كما حدث في عهد الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» ومن بعده؛ وبالتالي نقل خبراته إلى الكويت في تشييد بناء قضائي محترم ومستقل، وهو ما حافظت عليه الكويت من خلال دعمها لذلك بنظام ديمقراطي مكَّن القضاء في أن يحافظ على استقلاله.

ما الذي يجب على القضاة فعله تجاه صدور تشريعات غير دستورية في مصر؟
– لا بد أن يتحركوا لرفض مثل هذه التشريعات بالطرق المختلفة، ومنها اللجوء للقضاء في مسألة إقرار تشريعات غير دستورية من خلال الطعن على هذه القوانين، وكذلك رفع قضايا بشأن استبعاد من لهم الحق في رئاسة المؤسسات القضائية؛ مجلس الدولة، ومحكمة النقض، وهناك من تحرك في هذا الاتجاه مثل المستشار الدكروري.
ماذا عن تداخل السلطات في مصروتقييد السلطة القضائية بهذا الشكل؟
– هذا مرفوض بالطبع لأسباب عديدة؛ أبرزها مخالفتها لأي دستور، وكذلك إلغاء حق ودور السلطة القضائية، ولكن يبدو أن النظام المصري الحالي يريد إلغاء الفصل بين السلطات بطريقة أو بأخرى.

كيف ترى الوضع الداخلي بمصر؟
– الوضع معقَّد للغاية، ووصل لمراحل لا يمكن قبولها، وعلى الشعب أن يتحرك ويرفض مثل هذه الأوضاع، وليس هناك ما يمكن الرهان عليه سوى التحرك الشعبي، وإن كان هذا فيه صعوبة؛ بسبب القمع، لكن لا أرى حلاً سوى هذا الحل، إلا إذا ترك الجيش السياسة وتفرغ لمهمته.

كيف ترى تولي الجيش حكم البلاد بعد تجربة ديمقراطية؟
– هذا مرفوض تماماً؛ لأن الجيش ليس مهمته السياسة، وكما قال الفريق عبدالفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع: هو أداة قتل، وعندما ينزل إلى الشارع ستكون الآثار سيئة جداً، وهذا ما حدث؛ وبالتالي دخلت مصر في مأزق خطير.

ما المطلوب للخروج من هذا المأزق؟
– أن يغادر الجيش الحياة المدنية ويعود إلى ثكناته فوراً، وعليه أن يتعظ بما حدث في عام 1967م والاضطرار عنوة للعودة إلى الثكنات بعد مظاهرات عام 1968م، واقتناع قادته بأنه لتحرير الأرض وإنهاء العدوان لابد أن يترك الجيش السياسة ويتفرغ لمهمته وهي حماية الحدود.

هل هذا ممكن حدوثه في ظل هذه الأجواء؟
– طبعاً كل الشواهد تقول بصعوبة ذلك، لكن لو حدث تحرك جماهيري برفضه والاعتراض عليه يمكن أن يكون لقيادات الجيش رأي آخر، ولعل ما حدث عقب عام 1967م يعطينا المثل في ذلك.

كيف ترى دعوات الاصطفاف الثوري؟
– للأسف؛ رغم كل ما يقال عن الاصطفاف من جانب القوى الثورية فإنه لا يوجد تفعيل حقيقي، ولا يجد مؤشراً قوياً على حقيقته في الواقع، وكلها دعوات سواء إعلامية أو ثورية ولكنها لا تفعَّل على الأرض؛ لأنه لا توجد رؤية حقيقية.

وما السبب وراء ذلك من وجهة نظركم؟
– السبب أنه لا يوجد طرح واحد أو حوار واحد، ولكنها حوارات وأطروحات متعددة؛ وبالتالي يكون صعباً الاتفاق على رؤية واحدة، وهذه هي الإشكالية الكبرى.

Exit mobile version