العصا الهزيلة

الساعة الآن تقترب من منتصف الليل،الأبواب المشرعة وجب أن تغلق جيدا ،لم يعد أمان،انتبه لكل حركة ،نحن مقبلون على فصل الشتاء،الريح تغلب اليقظ ،تخدعه ،تلك هي فرصة اللصوص،دب الخوف في قلبه،طار النوم من عينيه،انتابه القلق، أخذ يبحث عن عصا جده التي كانت تصلح لمثل هذه الأيام،تذكر أن الحال تغيرت كثيرا عما كانت عليه زمن الجد،ثلاثون عاما على رحيله،وسائل الخداع تغيرت،أصابتها عدوى التقنية المعاصرة،لا يكتفون بتلك الحيوانات الهزيلة، إنهم محترفو اللصوصية في براعة يحسدون عليها!

يتتبعون خطوط الهواتف،الماكرون صار يتبادلون الأرقام السرية للبطاقة الممغنطة؛وهل تركت العلوم والحواسيب نجاة لأي من هؤلاء الخاملين؟

حتى لقد عبث ذلك الموظف اللص بحسابات كل زملائه،إنهم يتبادلون أدوار اللصوصية،لم يكتفوا التى انتهبوها!

ابتسم في مرارة؛ فتلك العصا مضى زمنها تنهد في أسى،الكلاب تنبح في إصرار لم يعهدها تفعل مثل هذا من قبل،أخذ يفكر فيما قد يحدث لو أنه ظل مكانه لا يحرك قدميه ناحية الباب،تجمدت خطواته،في ليلة مثل هذه انقطعت الكهرباء وهذا كثير ما يحدث،ربما وقعت شجرة على الأسلاك،أو لعلهم فعلوا هذا،سرقوا ثور الدغيدي،يومها كانت السماء تنذر بصاعقة، لم يخرج من بيته، يقف جانب الحائط يسترق السمع،اللصوص يقبعون عند دوي الريح،يستغلون ذلك إمعانا في التمويه،يظن أصحاب البيت أن الحركة التى تصدر عن هؤلاء اللصوص فعل ريح،الزوجة قامت تتمطى!

ما تراه يفعل الآن؟

الريح تضرب جنبات البيت الطيني،إنه يختبيء خلف الأبواب الموصدة بتلك الأحجار،تشعره بالأمن في تلك الليلة المرعبة،نظر فإذا بعصا جده التي توارثوها،لم يأتهم١ منه غيرها وبعض البقايا التى لا نفع وراءها،اقترب منها بدأ يشعر ناحيتها بألفة لم يعهدها من قبل،انطلقت الغيلان،لقد جاءوا مع كلمة ذلك الصنم الذي قبع فوق كاهله ثلاثين عاما،لم تفلح ألف عصا مثل تلك أن تنال منه،تحت أنامله وجد السوس قد ترك ندوبه على ظهرها،إنها هشة لن تدفع لصا،ولا يمكنه أن يهش بها،الحاجة تقهر صاحبها،دار في البيت أيقظ والده ذلك الكهل ذا الثمانين عاما،يكفيه أن ينادى عليه يصدر صوتا،الآباء في البيوت بركة،الصغار بدأوا في الحركة،الجميع استعدوا لتلك المنازلة التى -لا قدر الله- إن خسروها فقدوا كل شيء،ربما عدا اللصوص على أجولة القمح،قازان السمن سيسرق،حتى الدجاجات سيحرمون بيضها،دارت كل تلك الأفكار السوداء براسه،عاود التيار الكهربائي سريانه،نظر من خلال ثقب بالباب الخشب المتداعي،مثل مومياء الفرعون الذي كان هناك،هو من أخرجهم من القمقم،الكلب ذلك الحارس الوفي ممسك بطرف ثوب اللص ترك بعض دم على فمه،شعر بسعادة بالغة،لقد نجاهم الله من تلك المحنة،في المرة القادمة ربما في الشتاء ،سيصلح الأبواب،لن ينسى أن يعد عصا جيدة،سيضع في مؤخرتها قطعة من حديد مدببة،ترى هل قرأ اللصوص أفكاره حول تلك المؤامرة التى تنعقد في ظلام ليالي الشتاء؟

عليه أن يدخر مالا،سيضع لمبة مضئية عند مدخل البيت جهة الطريق !

أوشكت ساعة الفجر الأولى.

Exit mobile version