الجزائر: 80 يوماً على إضراب الأطباء.. والبديل الكوبي يلوح في الأفق

أكثر من 80 يوماً، مضت على بدء الإضراب عن العمل الذي ينفذه “الأطباء المقيمون” بالمستشفيات الحكومية الجزائرية، للمطالبة بتحسين ظروف عملهم، وما زالت الأزمة تراوح مكانها، مع إعلان وزارة الصحة أن الأزمة خارج صلاحياتها، وسط أنباء عن استقدام أطباء من كوبا.

والأطباء المقيمون هم من أتموا دراسة الطب وحصلوا على شهادة التخرج الأولى، ويعملون بالمستشفيات كأطباء عامين، لفترة تصل إلى خمسة أعوام هي مدة التدريب على التخصص الطبي الذي سيمتهنونه، حيث تختلف مدة كل تخصص عن الآخر.

وبعد قضاء هؤلاء المقدر عددهم حالياً بنحو 15 ألفاً، مدة التخصص، ينفذون ما يسمى بـ”الخدمة المدنية الإجبارية”، التي هي أحد المطالب الرئيسة لإضرابهم، الذي بدؤوه في 14 نوفمبر 2017م.

و”الخدمة المدنية الإجبارية” تفرضها الحكومة على كل الأطباء بعد اجتيازهم فترة التخصص، وتشمل العمل بالمناطق النائية، من عامين إلى 4 سنوات، قبل أن يتمكنوا من العمل لحسابهم بالعيادات الخاصة، أو العمل الدائم في المستشفيات الحكومية.

وبعد جلسات تفاوض متكررة مع وزارة الصحة خلال الأسابيع الماضية، أعلنت تنسيقية الأطباء المقيمين قبل أيام، فشل الحوار، وعادت إلى الاحتجاج مجدداً من خلال مسيرات عبر محافظات عدة من البلاد وتجمعات شبه يومية بمستشفى مصطفى باشا وهو أكبر منشأة صحية في العاصمة.

ومنعت الشرطة الجزائرية في أكثر من مرة خروج الأطباء المضربين في مسيرة احتجاجية انطلاقاً من مستشفى مصطفى باشا.

وقبل أيام، قال جمال وعد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، في تصريحات إعلامية: إنه طلب من وزير الصحة مختار حسبلاوي النظر في مطالب الأطباء المقيمين المضربين منذ شهور.

من جانبه، قال وزير الصحة الجزائري منتصف يناير الماضي: إن مطلب إلغاء الخدمة المدنية الذي يرفعه الأطباء المضربون مرفوض ويتعدى صلاحيات وزارته.

فرنسا تدخل على الخط

وفي ظل أزمة إضراب الأطباء المقيمين، أفرجت فرنسا مؤخراً عن مرسوم جديد يلغي شهادة المطابقة (التأهيل) للأطباء الأجانب مقابل ممارسة الطب في فرنسا.

وحسب إحصائيات لعمادة الأطباء الجزائريين (مجلس مهني) نشرت في عام 2017، فإن نحو 15 ألف طبيب جزائري يمارسون مهنة الطب في فرنسا.

واعتبر رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بقاط بركاني، في تصريحات صحفية سابقة، هذا الرقم بأنه نزيف حقيقي في الموارد البشرية للأطباء الجزائريين الذين يضاف إليهم عدد المغادرين نحو دول الخليج ودول أوروبية أخرى وأمريكا وكندا وهي أرقام مجهولة.

وبعد صدور المرسوم الفرنسي الذي اعتبر في الأوساط الصحية الجزائرية بمثابة ضوء أخضر للأطباء لمغادرة البلاد والالتحاق بالجامعات والمستشفيات الفرنسية، أصدرت عمادة الأطباء الجزائريين قراراً بتعليق تقديم شهادة العمل للأطباء وشهادة حسن السيرة والسلوك (بمثابة شهادات خبرة).

وربطت نقابات في قطاع الصحة بالجزائر هذا القرار بالمرسوم الفرنسي الذي قدم تسهيلات لجلب الأطباء من الخارج، وذلك بهدف كبح هجرتهم نحو هذا البلد الأوروبي.

وقال بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء لوكالة “الأناضول”: “نحن لسنا ضد هجرة أي شخص ومن حق أي طبيب أن يهاجر لأسباب شخصية أو مهنية”.

وتابع: “كل ما قيل بأن العمادة أصدرت قراراً بمنع تسليم شهادة العمل وشهادة المطابقة للأطباء لمنعهم من الهجرة غير صحيح، فالعملية توقفت ظرفياً مؤقتاً لأسباب تقنية تتعلق بشكل استمارة الأسئلة التي تقدم في ملف الحصول على الوثائق المذكورة‎”.

وأشار إلى أن عملية تسليم هذه الوثائق للأطباء استؤنفت مجدداً في 28 يناير الماضي.

واستدرك: غير أن الظروف الحالية للأطباء تدفع نحو نزيف حقيقي وخاصة نحو فرنسا‎، وعليه يجب على الوزارة والسلطات التفاوض بشكل جدي مع أصحاب المهنة وبشكل مستمر وليس عبر لجنة تجتمع مرتين أسبوعياً بينما الإضراب متواصل‎.

النفط مقابل الأطباء

وفي خضم هذه الأزمة في قطاع الصحة، جرى تداول أنباء عن توقيع الجزائر وكوبا اتفاقية تقضي بجلب المزيد من الكوادر الطبية من هذا البلد، مقابل إرسال المزيد من النفط إليه لثلاث سنوات مقبلة، بسبب متاعب في الإنتاج لدى فنزويلا المزود الأول لكوبا بالخام.

وجرى تداول هذه الأنباء خلال زيارة وزير الصحة الجزائري مختار حسبلاوي إلى هافانا منذ أيام، لكن مضمون الاتفاق نشرته وسائل إعلام كوبية ولم يتم تأكيده أو نفيه رسمياً في الجزائر.

واعتبرت وسائل إعلام جزائرية هذه الخطوة بأنها “صفقة النفط مقابل الأطباء”، من خلال ضمان إمدادات طاقة إلى كوبا مقابل إرسال بعثات من أطباء ومختصين في الصحة إلى الجزائر.

وعلقت صحيفة “البلاد” الجزائرية (خاصة)، على ذلك بالقول: “الجزائر تصدر النفط وتستورد الأطباء”.

وفي هذا السياق، قال إلياس مرابط، رئيس نقابة موظفي الصحة بالجزائر (مستقلة) لـ”الأناضول”: إن “جلب أطباء من كوبا ليس هو الحل، بل يجب إيجاد تسوية للمشكلات المطروحة والتفاوض مع أبناء البلد”.

وأشار إلى أن “الأطباء الأجانب في الجزائر اعتمد عليهم سابقاً كحل لنقص العنصر البشري خاصة في السنوات التي أعقبت الاستقلال (1962)، لكن اليوم الاعتماد على الأطباء الكوبيين أو الأجانب لا يمثل حلاً لمشكلات الصحة في البلاد”.

وأفاد بأن “الوزارة الوصية (الصحة) والحكومة يجب عليهم جميعاً إيجاد حل حقيقي ينهي إضراب الأطباء المقيمين”، معتبراً أن “القضية بحاجة إلى قرار صادر من هيئة أعلى من وزارة الصحة (لم يحددها)”.

ووفق مرابط، فإنه “على السلطات النظر إلى طريقة تعامل فرنسا مع ملف الأطباء وكيف تحرص على جلب المزيد من الكفاءات إلى جامعاتها ومستشفياتها، وهو ما يحتم على الجزائر أن تركز لحل المشكلات الحقيقية لهذا القطاع لتحسين الخدمة”.

وبخصوص ما تردد عن استقدام أطباء من كوبا، قال بركاني: إن الأمر يدخل في إطار التبادل بين البلدين لكن المسألة تثير التعجب! كيف نستورد أطباء من كويا والبلاد تتوافر على أكثر من 80 ألف طبيب؟ هذا أمر غريب!

وتابع: كيف سيعمل هؤلاء هنا في الجزائر خاصة عامل اللغة؟

وأوضح: “أظن أن جلب الأطباء من كوبا ليس رد فعل على إضراب الأطباء المقيمين في البلاد، لكن هو تبادل بتزويد كوبا بالنفط مقابل إرسال الأطباء إلى الجزائر”.

Exit mobile version