لا توجد دولة اسمها «إسرائيل» لتكون لها عاصمة!

 

 قرار اتخاذ القدس عاصمة للكيان تم اتخاذه من الكونجرس عام 1995م و»ترمب» قام بتفعيله فقط

كل القرارات التي تثبت حق فلسطين في القدس ليس لها أي اعتبار عند الدول الكبرى

بهذا القرار لن تدخل القدس في أي حوار سلام لأنها أصبحت العاصمة الأبدية للكيان

لن يتم وقف القرار ما لم يكن هناك رادع حقيقي من أهل القدس في الداخل

المطلوب من الشعوب الآن تحرير العقول وتبني قضية القدس وفلسطين كقضية الأمة الأولى

قرار فتح الدول العربية سفارات لها بالقدس يحتاج لدراسة لأنه سيكون له تبعات مهمة

 

أكد طارق الشايع، المنسق العام لرابطة شباب لأجل القدس العالمية، أن قرار «ترمب» بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني بالنسبة لنا نحن المسلمين منعدم دينياً؛ لأنه لا وجود لشيء يسمى دولة «إسرائيل» حتى يكون لها عاصمة، ولا توجد عاصمة في فلسطين إلا عاصمة واحدة وهي مدينة القدس، مطالباً الشعوب العربية والإسلامية والمنظمات العاملة لنصرة القدس وفلسطين، كل في بلده؛ أن تضغط على المجالس البرلمانية، وعلى رؤساء الحكومات والوزراء والسفارات، لاتخاذ موقف مشرف تجاه قضية القدس وفلسطين، مشيداً في هذا السياق بالرؤية التي تبناها سمو أمير الكويت في القمة الإسلامية بإسطنبول بأن فلسطين بكاملها أرض عربية إسلامية.

قال طارق الشايع في حواره مع «المجتمع»: إن المظاهرات والمؤتمرات المناهضة لهذا القرار في كل العالم هي جزء من الحملة الإعلامية التي يجب أن تكون، لكن العامل الحاسم في وقف تنفيذ هذا القرار هم أهل القدس، وإن القرار لن يتوقف ما لم يكن هناك رادع حقيقي من أهل القدس في الداخل.

ما خطورة قرار «ترمب» بجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني على المسجد الأقصى؟

– بخصوص هذا القرار، الكل كان يظن أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» استحدث هذا القرار، وكأنه قرار جديد على الولايات المتحدة الأمريكية، أو الدول الأخرى، بل العكس هو الصحيح، فالرئيس «ترمب» لم يقم إلا بإقرار التنفيذ، فقرار اتخاذ القدس عاصمة للكيان الصهيوني تم اتخاذه من الكونجرس الأمريكي عام 1995م، ولكن لم يجرؤ الرؤساء المتوالون من تلك السنوات إلى قبيل «ترمب» أن يقوموا بإقرار التنفيذ لهذا القرار، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لذلك فاليوم ومنذ بداية انتخاب «ترمب» يرى الأمريكيون أن رئيسهم أهوج وأرعن، وغيره من المصطلحات التي يسقطونها عليه، وكذلك رؤساء الدول يتحدثون عن هذا الرئيس بوصفه أهوج، ومن تلك السلوكيات الرعناء التي قام بها هو تنفيذ قرار الكونجرس الأمريكي وإقراره بأن يكون واقعاً على أرض فلسطين.

بهذا القرار، يعلن ما يسمى بالعالم الحديث بأن أي قرار من قرارات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، أو أياً كانت هذه القرارات، هي حبر على ورق لا تمثل أي شيء، وما تقوم به الدول اليوم هو ما سيكون على أرض الواقع، وهذا يعطينا دليلاً قوياً جداً على أن هذه القرارات التي يتم اتخاذها في مجلس الأمن وغيرها، إن كانت تمس الدول الكبرى فلن يتم إيقاعها؛ لذلك فإن كل القرارات التي تثبت حق فلسطين وحق القدس ليس لها أي اعتبار عند هذه الدول الكبرى.

وآخر مثال على ذلك، اعتبار القدس عاصمة للكيان الغاصب، وبريطانيا على سبيل المثال التي ساهمت بقيام هذا الكيان بـ”وعد بولفور”، كان القرار بشكل واضح أن القدس لن تكون عاصمة لـ”إسرائيل” أو غيرها، وبغض النظر عن القرار، فهو ظالم برمته؛ لأن بريطانيا في ذاك الوقت كانت محتلة لفلسطين، وتم تسليم فلسطين من احتلال إلى احتلال آخر، واليوم وعد “ترمب” هو جزء من استكمال هذا الاحتلال، لذلك في ظني أن هذا القرار يدمر كل القرارات الدولية ويضرب بها عرض الحائط.

وهذا القرار يؤثر تأثيراً مباشراً على أهل القدس وأهل فلسطين، وكذلك العالم الإسلامي، وكانت بعض الأنظمة في العالم الإسلامي ترى أن عملية السلام قادمة لا محالة، وأن بإمكان الفلسطينيين أن يتسامحوا أو يسالموا للعودة إلى حدود عام 1967م، بحيث يكون لفلسطين دولة ولـ”إسرائيل” دولة.

قرار “ترمب” له جزء إيجابي؛ حيث أكد بشكل واضح أن كل ما قامت به السلطة الفلسطينية من اتخاذ إجراءات لعملية السلام كان محض هراء وليس له أي معنى على أرض الواقع.

هل قرار «ترمب» ضرب المسمار الأخير في نعش السلام؟

– نعم، هذا أمر يقيني، فكل مؤتمرات السلام، وكل ما قامت به السلطة الفلسطينية، أو غيرها من الأنظمة العربية، كانوا يراهنون على شيء واحد، أنهم سيصلون في مرحلة معينة سواء بتقسيم القدس أو أن تكون القدس موحدة عاصمة لفلسطين، وبهذا القرار الذي اتخذه «ترمب» أصبحت عملية السلام التي كان محورها مدينة القدس أنها لن تدخل في المستقبل في عملية الحوار، كونها أصبحت عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، وأعلنها «نتنياهو» بشكل واضح، حيث قال: إننا مستمرون في عملية السلام بشرط أن تكون القدس عاصمة لـ»إسرائيل».

وفي كل الحوارات السابقة، سواء في “كامب ديفيد” أو “أوسلو”، كان صلب الحوار يتمحور حول مدينة القدس، والآن موضوع القدس بناء على قرار “ترمب” خرج من المعادلة السياسية، وعملية الحوار، إذن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الحوار الآن؟ ونتحاور على ماذا؟ هل نتحاور على أرض ليس لها عاصمة، أو على أرض انتزعت منها القدس؟ وما معنى القدس من غير فلسطين؟ وما معنى فلسطين من غير القدس؟ بالتأكيد ليس لها أي معنى.

هل نعتبر هذا القرار منعدم الأثر على الأرض؟

– كيف يكون منعدماً على الأرض؟ إننا سمعنا أن هناك بعض الدول سوف تقوم باتخاذ إجراءات رسمية لنقل السفارات الآن، لأنه في منظور أمريكا كونها تقود العالم، أن القدس أصبحت هي العاصمة الأبدية للكيان الغاصب، وهذا أمر واقع على الأرض بالفعل، لذا قامت أمريكا بإجراءات نقل السفارة بشكل واضح وعلني، وهناك بعض الصحف والقنوات الفضائية أعلنت أن «ترمب» سيقوم بتأجيل تنفيذ القرار، وأنا أعتقد أنه لن يقوم بذلك، كل ما هنالك أنه أخبر «نتنياهو» بعدم تأجيج الموقف وتضخيمه بعمل المؤتمرات الصحفية، حتى لا يكون هناك أثر في تهييج الشارع العربي والإسلامي، بحيث يتم نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس في هدوء تام.

ولن يتم وقف قرار “ترمب” والتراجع عن نقل السفارة إلى مدينة القدس ما لم يكن هناك رادع حقيقي من أهل القدس في الداخل، هذا هو التصرف الوحيد الذي سيردع ويوقف نقل السفارة إلى مدينة القدس.

موقف المقدسيين تجاه هذا القرار هل كان كما تتوقعون؟

– قبل صدور القرار كان أهل القدس على موعد بقرار الأبواب الإلكترونية، وعندما صدر هذا القرار وتم تنفيذه على أرض الواقع؛ هبَّ أهل القدس فدمروا هذا القرار وأوقفوه، وكأنه لم يكن له وجود أبداً، وهذا جزء مما يصنعه أهل القدس اليوم.

الصدامات بين الشعب الفلسطيني وسلطات الكيان الصهيوني محتدمة، لكن في النهاية كل البيانات والمظاهرات والمؤتمرات التي تحصل اليوم في كل دولنا الإسلامية، وحتى الدول الأوروبية المناهضة لهذا القرار، هي جزء من الحملة الإعلامية التي يجب أن تكون، لكن العامل الحاسم في وقف تنفيذ هذا القرار هو الشعب الفلسطيني وفي القلب المقدسيون.

هل نحن الآن على أبواب انتفاضة قدسية قادمة؟

– بإذن الله تبارك وتعالى، وهذا ما نرجوه من أهل القدس، لن نستطيع أن ندفع أهل القدس دفعاً إلى هذا الاتجاه، ولكن في النهاية نرجو أن تكون لهم هبَّة، وأعظم من الهبة أن تكون هناك انتفاضة حقيقية لوقف هذا القرار، وبإمكان أهل القدس أن يجبروا «ترمب» على التراجع عن هذا القرار.

كيف تنظرون إلى كلمة سمو الأمير في منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول؟ ومن أي منطلق قال سموه هذا الكلام؟

– صاحب السمو تحدث من المنطلق الذي يتبناه شخصياً والذي تتبناه دولة الكويت، في السابق والحاضر والمستقبل، وهو أن القدس عاصمة لفلسطين، وأن فلسطين بكاملها أرض عربية إسلامية، وهذه الكلمة التي نطق الشيخ صباح في هذا الموطن بأن منظمة التعاون الإسلامي التي أسست على إثر حرق المسجد الأقصى، تؤكد أنه بإمكان الدول الإسلامية اليوم أن يكون لها اتخاذ قرار وموقف حاسم في قضية القدس اليوم.

كيف تنظرون للهبة الشعبية من العالم العربي والإسلامي بل والعالم أجمع؟

– أولاً قبل هذا السؤال لا نظن أن هذه المظاهرات والهبات والوقفات والمهرجانات والبيانات ستحرر في يوم من الأيام أرضاً، لكنها جزء من تحرير العقول، وهذا هو ما نحتاجه اليوم، فلا نطلب من أي مؤسسة على مستوى العالم، أو أي منظمة أو شعب من الشعوب، أن يقوم برفع السلاح، هذا ليس مطلوباً اليوم، فالجيوش هي التي تقوم بهذا الأمر بتكليف من الدولة نفسها، أنت اليوم كشعب وكفرد على مستوى العالم المطلوب منك فقط تحرير عقلك، وأن تتبنى قضية القدس وفلسطين كقضية الأمة الأولى، هذا المطلوب اليوم، وليس مطلوباً منك رفع السلاح، هذه ليست مهمتك.

كل منا يحرر الأقصى من الجانب الذي يتميز فيه، فالصحفي والمحاضر والمدرس والخطيب وكل شخص باستطاعته أن يقول كلمة يدافع بها عن قضية القدس وقضية فلسطين، يجب أن يتقدم بها، وهذا نوع من الجهاد.

الجهاد لا يعني جهاد السلاح فقط، الجهاد جهاد الكلمة وجهاد القلم، وجهاد الشعر، وجهاد الرسم، وجهاد الصورة.

وهذا يجرنا إلى “الربيع العربي”؛ من الذي أسقط الأنظمة؟ الذي أسقط الأنظمة هي صورة وكلمة في “فيسبوك”!

هل تؤيدون أن تفتح الدولة التي لديها سفارات في الكيان الصهيوني سفارات في دولة فلسطين بالقدس؟

– هذا هو القرار الذي اتخذته تركيا، وأعلن عنه رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم»؛ أن القنصل التركي هو بمقام السفير التركي لدى دولة فلسطين، وهذا الإجراء ربما سيكون له تبعات دبلوماسية وسياسية بين الكيان الصهيوني وتركيا.

لكن في ظني أن قرار الدول العربية يحتاج إلى نظر وإعادة دراسة؛ لأنه ستواجهنا عقبات منها مثلاً أن فتح السفارة سواء في القدس أو غير القدس، في أي مكان في فلسطين، سيكون له تبعات؛ منها الدخول والخروج لن يكون إلا بإذن الكيان الصهيوني، وهذا جزء من التطبيع.

ولنضرب مثالاً بالكويت، فليس بيننا وبين الكيان الغاصب أي تطبيع، وأي شخص أو مؤسسة أو غيرها تتعاون مع الكيان الغاصب، سواء بالعمل المباشر أو غير المباشر بالشركات أو غيرها، هناك تجريم في القانون والدستور الكويتي.

الغائب الأكبر عن هذا الحدث هو الجامعة العربية، لماذا لم تقم الجامعة بالدعوة لعقد قمة عربية لاتخاذ قرار بشأن القدس؟

– نحن لا نتوقع ممن لم يحضر قمة إسطنبول أن يحضر في مكان آخر، ولا نرفع السقف عالياً لدول لن تكون في يوم من الأيام في مصلحة شعوبها حتى تكون في مصلحة شعب آخر، وفي ظني أن الرسالة هي رسالة الشعوب؛ لذا يجب على الشعوب العربية والإسلامية والمنظمات العاملة لنصرة القدس وفلسطين كل في بلده، أن تضغط على المجالس البرلمانية، وعلى رؤساء الحكومات والوزراء والسفارات، لاتخاذ موقف مشرف تجاه قضية القدس وفلسطين.

كيف تقيّم تصريح رئيس كوريا الشمالية حين أعلن أنه لا توجد دولة تسمى «إسرائيل» حتى تكون لها عاصمة؟

– نعم، هذا الكلام صحيح، وهذا عين العقل والمنطق، الذي نؤمن به، بصرف النظر عن القرارات الدولية واعتراف الأمم المتحدة بالكيان الصهيوني، فما نؤمن به نحن ديناً وعقيدة، أنه لا وجود لشيء يسمى دولة «إسرائيل» حتى يكون لها عاصمة، لذا فقرار «ترمب» بالنسبة لنا نحن المسلمين منعدم دينياً، وإلا لماذا قامت هذه الشعوب لنصرة القضية، ولماذا قامت المهرجانات وصدرت البيانات، بالتأكيد لأجل هذا الموضوع، فلا توجد عاصمة في فلسطين إلا عاصمة واحدة وهي مدينة القدس.

Exit mobile version