أطفال فلسطين.. والاعتقال

يعاني الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال من أوضاع معيشية بالغة السوء، حيث يمثل اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال خرقاً فاضحاً للقوانين والمواثيق الدولية والاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الطفل.

لكن أن تكون طفلاً فلسطينياً، يعني أن تستيقظ من النّوم لتجد جنودًا مدجّجين بالسّلاح وقد وجّهوا فوهة البندقية نحوك، وتسمع صوت صراخهم، بدل أن يستيقظ على صوت أمّك الّتي تعوّدت أن توقظك كلّ يوم للذّهاب للمدرسة.

وكأنك تعيش في عالم خالٍ من الإنسانية، طفل لم يتجاوز من العمر أربعة عشر عاماً، توضع في يديه القيود في منتصف اللّيل، يتم اقتياده معصوب العينين، ومقيّد اليدين في جو شديد البرودة، يتعرض في هذه الأثناء للإهانة والضّرب على أيدي الجنود الصهاينة.

صعّدت قوات الاحتلال من اعتقال الأطفال خلال الأعوام الأخيرة، وازداد الاعتقال بحقّ الأطفال بشكل ملحوظ مع بداية انتفاضة القدس.

وقد بلغ عدد الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال في هذا العام 350 طفلاً بينهم 12 أسيرة قاصرة، ولاسيما أن عدداً من الأسرى الأطفال مصابين، وبحاجة لعلاج دائم، ومتابعة من قبل أطباء مختصّين، فالسّجون “الإسرائيلية” لا توفر العلاج الدائم والمناسب، فهي لا توفّر لهم إلّا بعض المسكّنات.

وهؤلاء الأطفال موزّعون على سجون ومراكز التّوقيف، وسط ظروف اعتقاليّة صعبة، ناهيك عن الانتهاكات الّتي تمارس بحقّهم والتّعذيب والتّحقيق القاسي، والأحكام العالية.

وعلى سبيل المثال لا الحصر محاكمة الطّفل أحمد مناصرة الذي تعرض للإصابة، والإهانة أمام أنظار العالم، والتحقيق القاسي، وبعد كل هذا حكمت عليه المحكمة حكماً جائراً 12 عاماً بالإضافة إلى غرامة كبيرة جداً.

وحكمت على عدد من الأطفال في مدينة القدس بأحكامٍ عاليةٍ تزيد على 10 أعوام، وكلّ هذا يحدث وسط صمت دوليّ من منظّمات حقوق الإنسان، وجمعيّات حماية الطّفل، ولا تكاد تخلو حملات الاعتقالات اليوميّة من اعتقال أطفال لا تتجاوز أعمارهم عن 17 عاماً.

وتعتبر مدينة القدس الأكثر نصيباً في عدد الأطفال المعتقلين والغرامات والكفالات الكبيرة الّتي تجبر المحاكم أهالي الأسرى الأطفال على دفعها، ناهيك عن الحبس المنزليّ، والإبعاد عن المدينة، أو عن المنطقة الّتي يسكن فيها.

فاعتقال الأطفال يترك بعد الإفراج نتائج عكسية عليهم من أمراض نفسيّة، والخوف الدّائم، فيحتاجون لاختصاصيين نفسيّين؛ للعودة للحياة بشكل طبيعيّ، وهذا بحاجة للمتابعة من قبل منظّمات حقوق الإنسان الدّولية، والمنظّمات الّتي تعنى بحقوق الطّفل.

يتمّ وضع الأسرى الأطفال في كل من سجن مجدّو وإيشيل للذّكور تسمى “أقسام الأشبال”، بينما يتمّ وضع الأسيرات القاصرات في سجن “هشارون” حيث إن هذا السّجن في غالبيته للنساء.

وهل ماتت الإنسانية في قلوب كل من يرى ويسمع ما يتعرض له الطّفل الفلسطينيّ؟

أم هل يا ترى صمّوا آذانهم وعميت عيونهم عن رؤية أطفال فلسطين؟ أين ضمير العالم الذّي يخرج كل حين وآخر متفاخراً بأنّه حريص على حقوق الإنسان، وعلى حقوق الأطفال؟

أين المنظّمات الدّوليّة التي تزعم مساعدتها للأطفال؟

الأطفال أمل فلسطين ومستقبل الوطن فمن لهم؟!

Exit mobile version