المتحدث باسم الرئاسة التركية: القدس ليست للمقايضة أو البيع

قال متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن القدس ليست مدينة يمكن مقايضتها أو بيعها مقابل الشعبوية” والقرارات أحادية الجانب.

كلام قالن جاء في مقال له اليوم السبت، حول قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن القدس، نشرته صحيفة “ديلي صباح” التركية الناطقة بالانكليزية.

ووصف متحدث الرئاسة التركية قرار ترامب بأنه صفعة للدبلوماسية الدولية وعملية السلام الهشّة أصلًا في منطقة الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن القرار قوبل برفض وإدانة عالمية، لكن “ما زال هناك فرصة أمام واشنطن للتراجع عنه والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وليس هناك أي وسيلة أخرى من أجل إحياء عملية السلام”.

وأضاف أن “إدارة ترامب تصر على الادعاء بأن القرار الذين اتّخذته سيحقق الحوار بين إسرائيل وفلسطين”.

واستدرك بقوله “لكن من غير الواضح، كيف سيتم اعتبار انتهاك الوضع التاريخي والديني والقانوني للقدس على أنها خطوة صحيحة”.

وبيّن أن القرار الأمريكي تسبب بتقويض الأمل في تحقيق السلام بين الفلسطنينيين والإسرائيليين، والذي كان أصلًا يحتضر منذ مدّة.

وقال المتحدث التركي إن المسؤولين الأمريكيين أعلنوا قبل شهور أنهم يعملون على وضع خطة لإحياء مباحثات السلام، ولكن لم تتحق أي نتيجة ملموسة بعد.

وأضاف “إذا كان القرار (الأخير) بشأن القدس أحد أجزاء هذه المبادرة الجديدة، بإمكاننا القول بأن الخطة الأمريكية وُلدت ميتة”.

وشدد على أنه ينبغي على الأمريكيين أن يُدركوا بعد اليوم، بأن القدس لم تعد عقارًا يمكنهم عرضه للبيع كما يريدون.

ولفت إلى أنه “يجب النظر إلى قرار الولايات المتحدة بشأن القدس، على أنه مزيج سام من الشعبوية والقرارات أحادية الجانب”.

واعتبر أن ترامب، باعترافة بالقدس عاصمة لإسرائيل، انقلب على السياسة الخارجية الأمريكية القائمة منذ 70 عامًا وانتهك سلسلة قرارات لمجلس الأمن الدولي يعودها تاريخها إلى 1967.

وأشار إلى أن العالم كله يقف اليوم إلى جانب الشعب الفلسطيني ويؤيّد حل الدولتين، بما في ذلك بابا الفاتيكان وبقية المجتمعات والكنائس المسيحية.

ورأى أن قرار ترامب ساهم في وضع القضية الفلسطينية مجددًا في مركز الأجندة العالمية، بعد أن كانت منسية بسبب الربيع العربي وصعود تنظيم “داعش” الإرهابي.

ودعا إلى استخدام هذه الطاقة الجديدة من أجل تحقيق سلام عادل ودائم.

وقال قالن إن الفلسطينيين قدّموا ما بوسعهم وأكثر لتأسيس أرضية لعملية السلام، حيث أصدرت حركة حماس وثيقة سياسية جديدة مطلع 2017، واعترفت بحدود 1967، وفصلت بين اليهودية والصهيونية بشكل قاطع.

وتطرق إلى محاولة إسرائيل، من خلال بعض الاستفزازات الصيف الماضي، لتغيير وضع المسجد الأقصى، الأمر الذي تسبب بحدوث مواجهات في المناطق المحتلة فقد خلالها العديد من الأشخاص أرواحهم فضلا عن حراك في العالم الإسلامي برمته.

ولفت إلى أن منظمة التعاون الإسلامي عقدت في ضوء التطورات الأخيرة وبدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردزغان قمة طارئة في 13 ديسمبر الجاري في إسطنبول، بمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، من 57 دولة عضو في المنظمة و6 مراقبين.

وأكد قالن على أن المشاركين في قمة التعاون الإسلامي قرروا بالإجماع الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة فلسطين، مشددا على أن القرار سيعطي طاقة جديدة للقضية الفلسطينية، وسيؤدي إلى عواقب مهمة.

ولفت المتحدث الرئاسي إلى أن الدولة الفلسطينية معترف بها في الوقت الراهن من قبل 137 دولة حول العالم، داعيا إلى استمرار الجهود في هذا الإطار بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، بمعزل عن الحملات والأهداف الإسرائيلية.

وشدد على ضرورة مواصلة جهود مواجهة قرار ترامب الأحادي مرورا بإلغائه من قبل الأمم المتحدة، لكن الخطوة قد تصطدم – بحسب قالن – بفيتو أمريكي خلال طرح المسألة في مجلس الأمن لبتقى الآمال معلقة على تصويت لاحق يجري في الجمعية العامة للمنظمة.

القدس قبلة المسلمين الأولى

أوضح متحدث الرئاسة التركية أن التعهدات التي أفرزتها القمة الإسلامية التي انعقدت مؤخرا في إسطنبول كانت هامة للغاية لاسيما لجهة الحفاظ على الوضع التاريخي والديني للقدس ودعم صمود الفلسطينيين بالمدينة.

وأشار في هذا الصدد إلى أن البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات مختلفة مرتبطة بمنظمة التعاون الإسلامي ستنشئ صناديق لدعم الشعب الفلسطيني.

وتابع “ينبغي على الذين على الأوساط المسيحية-الصهيونية في أمريكا التي تعتبر أن القدس لا تشكل أهمية للمسلمين، تَلَقي دروس عن تاريخ الأديان. القدس بالنسبة لنا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم”.

وأشار إلى أن القدس أضحت جزءا من الدين والثقافة الإسلامية منذ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب عام 638 ميلادية، واعترافه بحقوق المسيحيين واليهود الذين كانوا يعيشون فيها.

وبيّن أن أتباع الديانات السماوية تعايشوا في القدس لمئات الأعوام قبل سقوطها بيد الصليبيين عام 1099، وعاد الأمر لسابق عهده عندما أعاد صلاح الدين الأيوبي فتح المدينة.

سار صلاح الدين مجددا على نهج الخليفة الخطاب، باعتباره كل المجموعات الدينية “أمانة” ينبغي الحفاظ عليها، وأعاد إلى القدس كبير الحاخامات الذي كان منفيا إلى قبرص.

ولفت قالن إلى أن ما تشهده فلسطين حاليا من مشاكل بدأ مع انسحاب العثمانيين وسيطرة البريطانيين عليها عام 1917.

واستطرد “على الإسرائيليين وداعميهم من الأمريكان والأوروبيينأن يدركوا جيدا أن المشاكل في الأراضي المقدسة لن تنتهي دون انتهاء الاحتلال الإسرائيلي. السلام والأمن والاستقرار والتنمية والاحترام والثقة المتبادلان مرتبط بانتهاء الاحتلال”.

وجدد المتحدث الرئاسي التركي التأكيد على أن “القدس ليست مدينة يمكن مقايضتها أو بيعها مقابل والقرارات أحادية الجانب. إذا كانت إدارة ترامب تريد إحلال السلام في الشرق الأوسط، عليها أن تطالب إسرائيل أولا بإنهاء المستمر منذ عشرات الأعوام، والتخلي عن سياسة الإذلال ومصادرة الأملاك”.

Exit mobile version