نشرت صحيفة “بيلد” وصحيفة “فرانكفورتر ألغيمانه تسايتونغ” الألمانية تقريراً، تناولتا من خلاله المفاجأة التي فجرها قس كاثوليكي مؤخراً، حيث كشف عن تورطه في استغلال لاجئ سوري جنسياً، عوضاً عن تقديم الدعم والإرشاد له، الأمر الذي خلف صدمة نفسية لديه، ودفعه في نهاية المطاف إلى الانتحار، بعد أن تقدم بشكوى للسلطات الألمانية، ولم يجد آذانا صاغية.
وقالت صحيفة “بيلد”، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21”: إن القساوسة عادة ما يستمعون إلى اعترافات التائبين بذنوبهم، ويقدمون لهم النصيحة والمواساة، ولكن ما حدث مؤخراً شكل صدمة للرأي العام في ألمانيا؛ فقد بادر قس كاثوليكي بتقديم اعترافاته هذه المرة، حيث كتب رسالة صادمة لأتباع كنيسة كيرن في ولاية راينلند بالاتينات الواقعة شرقي البلاد، وقد اعترف القس هيربرت بارزن بإقامته علاقة غير أخلاقية مع لاجئ سوري يبلغ من العمر 23 سنة، أقدم لاحقاً على وضع حد لحياته.
وذكرت الصحيفة أن سكان بلدة كيرن، البالغ عددهم 8140 شخصاً، يعتبرون من المسيحيين المتدينين، ولطالما أظهروا التزاماً بمساعدة اللاجئين الوافدين على بلدتهم، وكان من بين المتطوعين القس هيربرت بارزن، الذي قام بتنظيم حملات تبرعات لمساعدتهم، كما كان يجري جلسات حوار ودعم نفسي مع اللاجئين الذين تعرضوا لتجارب مروعة خلفت لديهم مشكلات نفسية.
ونقلت الصحيفة تصريحات القس في رسالة الاعتراف، التي ورد فيها ما يلي: “هذا النشاط الخيري أدى في النهاية إلى إقامة علاقة حميمية لم تكن تتلاءم مع ذلك السياق، فقد كان ينبغي علي أن ألتزم بدوري على اعتباري مرشداً موثوقاً فيه بالنسبة لهذا اللاجئ، ولكنني لم أحترم هذه الثقة، بل قمت باستغلالها بشكل غير نزيه”.
وأوردت الصحيفة أنه في بداية شهر ديسمبر 2016، كان هذا اللاجئ السوري قد تقدم بشكوى ضد القس، ولكن السلطات الألمانية لم تأخذ شكواه على محمل الجد، وتم غلق ملف القضية لاحقاً، عقب ذلك، وفي التاسع من الشهر ذاته، ألقى هذا اللاجئ بنفسه أمام سيارة، وتوفي عند الساعة السابعة مساء و35 دقيقة في المستشفى متأثراً بإصابته، وقد أفاد شهود عيان بأن هذا الشاب اعترض بشكل مفاجئ السيارة، ولم يترك مجالاً للسائق لتجنب الاصطدام.
واعتبرت الصحيفة أنه من غير الممكن التأكد مما إذا كان هذا الانتحار مرتبطاً بالاستغلال الجنسي الذي تعرض له على يد القس، أو المخلفات النفسية من الحرب الدائرة في سورية، ومن اللافت للانتباه أن القس هيربرت بارزن طلب إجازة مرضية منذ وفاة الشاب السوري، ليقدم في وقت لاحق استقالته من منصبه في الكنيسة، ولم يتم لحد الآن تعيين خليفة له.
وذكرت صحيفة “فرانكفورتر ألغيمانه تسايتونغ” أن هذ القس الكاثوليكي استغل علاقة الثقة التي جمعته بهذا اللاجئ، الذي يعاني من مشكلات نفسية؛ بسبب التجارب المروعة التي مر بها في بلاده، وأقام معه علاقة جنسية غير مشروعة، وقد خلف ذلك في نفس هذا الشاب أضراراً نفسية بليغة، وقد حاول في البداية تقديم شكوى، إلا أنه قرر في نهاية المطاف الانتحار.
وأوضحت الصحيفة أن هذا القس المشرف على الرعية الكاثوليكية في بلدة كيرن افتتح رسالته بمقطع من قصيدة تتحدث عن الشعور بالذنب، ثم اعترف ببشاعة الممارسات التي اقترفها مع اللاجئ السوري، وهو ما دفعه للتخلي عن منصبه الديني.
من جهته، أكد باد كروزناخ، المتحدث باسم الادعاء العام في الولاية، يوم الإثنين، أن الشاب السوري البالغ من العمر 23 سنة كان قد تقدم بشكوى بخصوص تورط القس هيربرت بارزن في ممارسات جنسية معه، وشعوره بأنه تعرض للاستغلال، وأضاف كروزناخ أن الشرطة كانت تنوي استدعاءه مرة ثانية للإدلاء بأقواله، إلا أنه أقدم على الانتحار.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من عدم عثور الشرطة الألمانية على صلة وثيقة بين حالة الانتحار وعملية الاستغلال الجنسي، فإن القس أقر في رسالته بشعوره بالذنب؛ لأن الأمرين مرتبطان.
وفي هذا الصدد، أورد القس في رسالته: “في النهاية نحن نعلم أنه لم تكن هناك علاقة مباشرة بين ما قمت به أنا وقرار الشاب بإنهاء حياته، ربما تكون الأسباب متعلقة بحالته النفسية، ولكن على الرغم من كل ذلك، لقد أثرت وفاته كثيراً على حالتي النفسية”.