سلمى.. طفلة سورية ينهش الشلل والجوع جسدها المحاصر بـ”الغوطة”

في غوطة دمشق الشرقية، المحاصرة من قبل النظام السوري، تعاني الطفلة سلمى (7 أعوام) من الجوع والمرض في آن واحد، فهي مصابة بشلل دماغي يجعلها بحاجة إلى عناية فائقة، في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية.

منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أعلنت، الأربعاء الماضي، أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في الغوطة الشرقية بلغت مستويات خطيرة هي الأعلى منذ اندلاع الحرب في سورية قبل سنوات.

ويعاني نحو 400 ألف مدني في غوطة دمشق الشرقية من ظروف معيشية متردية للغاية، تزايدت بعد تشديد النظام والقوات الموالية له، خلال الآونة الأخيرة، للحصار المفروض على المنطقة منذ حوالي خمسة أعوام.

سلمي وزينة

يوماً بعد آخر يهدد الجوع والمرض حياة الطفلة سلمى، التي تحتاج لثلاثة أكواب من الحليب يوميًا، بينما المنطقة تئن تحت الحصار، والأسرة تعاني الفقر.

سلمى هي أحد أكثر الأطفال المتضررين من الحصار، وهي تعيش في مدينة “دوما”، وتعاني عائلتها الفقر الشديد، بجانب معاناة الطفلة من شلل دماغي يمنعها من المشي والتحدث وحتى دخول الحمام بمفردها.

شقيقتها الكبيرة زينة (14 عامًا) تحتاج هي أيضًا لعناية بسبب تشوهات في عمودها الفقري، وباتت في حالة صحية حرجة؛ بسبب سوء التغذية، وانعدام أدنى مقومات العيش في المنطقة المحاصرة.

وتقع الغوطة الشرقية ضمن “مناطق خفض التوتر” (خالية من الاشتباكات)، التي جرى تحديدها من قبل تركيا وروسيا وإيران، ضمن مباحثات العاصمة الكازاخية أستانا، في مايو الماضي.

ورغم إعلان روسيا، في 22 يوليو الماضي، سريان مفعول وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، فإن قوات النظام السوري قصفها للمنطقة.

اليوم بلا طعام

تعيش أسرة سلمي وزينة أوضاعاً مأساوية؛ جراء مرض الطفلتين، والفقر الشديد في منطقة محاصرة من سنوات.

والد الطفلتين أبو سليمان قال لـ”الأناضول”: ابنتي الصغيرة سلمى مصابة بشلل دماغي، منذ الولادة، ووضعها يزداد سوءاً بمرور الزمن، بسبب الجوع وانعدام العلاج الطبي، الذي هي بحاجة ماسة إليه.

وعن دخله، قال الأب السوري: أعمل في جمع النفايات البلاستيكية بالمنطقة، التي تتعرض لهجمات وقصف عنيف، وأبيعها لمنتجي المازوت لتأمين لقمة العيش لأسرتي.

ووصف الوضع في الغوطة الشرقة بأنه سيئ للغاية أكثر مما تتخيّلون، ومهما شرحت لكم سيظل قليلًا، تقريباً لا يوجد خبز ولا ماء.. وسعر (حزمة) الخبز 1800 ليرة (حوالي 4 دولارات)، وبالطبع لا نستطيع شراءها.

وأضاف: أقسم بالله، لم نستطيع إطعام الأطفال شيئاً اليوم، وأنا عاجز عن إيجاد الدواء لبناتي؛ فالنظام يمنع إدخال الأدوية من حواجز التفتيش، وليس لنا سوى الله سبحانه وتعالى.

وبحزن قال الأب السوري: بعت كل ما أملك لتتحسن سلمى وزينة.. سلمي تحتاج إلى ثلاثة أكواب من الحليب يوميًا، لكن سعر الكوب الواحد ألف ليرة (حوالي دولارين).

وشدّد على أن أطفال الغوطة الشرطة تُركوا وحدهم، حتى المنظمات الدولية لا تهتم بهم، رغم هذه الظروف الصعبة والفقر والغلاء الشديد بسبب الحصار.

أرقام جوع قياسية

وفق أبو جميل، وهو طبيب أطفال في الغوطة الشرقية، فإن “الأطفال المصابين بأمراض عديدة في المنطقة يحتاجون إلى علاج فيزيائي لأعوام طويلة”.

وشدد الطبيب على “أهمية الأدوية والتغذية الجيدة خلال فترة العلاج.. الحليب والفواكه الطازجة والسوائل هي على رأس الاحتياجات الضرورية، إلا أن الأمر يزداد سوءاً بالنسبة للمشلولين”.

ونددت “يونيسف” بعدم وصول المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية، التي يواصل نظام بشار الأسد قصفه الكثيف عليها، مشددة على أن أسعار المواد الغذائية في المنطقة سجلت أرقامًا قياسية.

وأفادت، وفق دراسة أجرتها في 27 نقطة بالغوطة الشرقية مطلع نوفمبر الماضي، بوصول نسبة سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة إلى 11.9%، وهي الأعلى منذ اندلاع الحرب عام 2011.

وأوضحت المنظمة الأممية أن سعر مادة الخبز (الطحين) في الغوطة الشرقية أغلى 85 ضعفًا عنه في مركز العاصمة دمشق، التي تبعد 15 كيلومترًا فقط.

Exit mobile version