5 أسئلة تشرح لك ماذا يحدث لمسلمي الروهينجيا في ميانمار

عاش مسلمو الروهينجيا أوقاتًا صعبة خلال الأيام الماضية، قُتل منهم الآلاف من حكومة ميانمار، ولم يسلم عشرات آلاف الفارين إلى بنجلاديش من تهديدات ومساعي إعادة الترحيل إلى ولاية راخين حيث يُضطهدون من الحكومة والعديد من المتطرفين من الأغلبية البوذية، بحسب منظمات حقوقية، ومرت تلك الأحداث وسط صمت عربي ملحوظ وإدانات دولية مقتضبة للغاية بحسب المراقبين.

1- ما الذي حدث؟

قالت وسائل الإعلام الرسمية للدولة: إن أحداث العنف، بدأت يوم الجمعة الماضية، في ولاية راخين، عندما شن مقاتلين من الروهينجيا، نحو 30 هجمة ضد نقاط عسكرية وشرطية تابعة لميانمار، مما أدى لاشتباكات استمرت ليوم السبت أسفرت عن مقتل نحو 80 مسلحًا من الروهينجيا، في مقابل مقتل 12 من قوات الأمن، بالإضافة إلى 6 مدنيين.

وأعقب تلك الاشتباكات، موجة من العمليات الأمنية لحكومة ميانمار، في ولاية راخين الأفقر في البلاد، والتي تقع في إقليم أراكان، ويقطنها نحو مليون مسلم، يواجهون قيودًا وانتهاكات شديدة من المتطرفين من الأغلبية البوذية هناك، وأسفرت تلك العمليات خلال 72 ساعة «عن مقتل ما بين ألفين و3 آلاف مسلم من أقلية الروهينجيا» بحسب ما أعلن المجلس الروهينجي الأوروبي، يوم الإثنين الماضي، على لسان المتحدثة باسمه أنيتا ستشوج، التي أضافت في تصريحات صحفية أن تلك الهجمات تسببت في تشريد أكثر من 100 ألف مسلم، بينهم نحو ألفي شخص عالق على الحدود مع بنجلاديش.

ومن بين الفارين، كان الرجل العجوز محمد ظفر (70 عامًا) الذي قال: إن مُسلحين بوذيين قتلوا ولديه في الحقل، مُضيفًا «لقد أطلقوا النار قريبًا جدًا مني، لدرجة أني لا أستطيع سماع أي شيء الآن، جاؤوا مسلحين بعصي وقضبان لطردنا باتجاه الحدود»، فيما استغاث أمير حسين (61 عامًا) من منطقة قرب قرية في بنجلاديش« أرجوكم أنقذونا، نريد البقاء هنا وإلا سنقتل».

صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لطفل روهينجي مات أثناء فراره من ولاية راخين يشبهونه بالطفل السوري إيلان الكردي

وبالإضافة إلى عمليات القتل والتشريد، أفادت منظمة “هيومن رايتس واتش”، في بيان لها أمس الثلاثاء، بأن البيانات التي ظهرت باستخدام الأقمار الصناعية، عقب حملة القمع التي شنتها حكومة ميانمار، كشفت عن حرق وتدمير 100 كيلومتر من ولاية راخين، وقد اتّهم سكان وناشطون الجنود بإطلاق النار عشوائيًّا على رجال ونساء وأطفال روهينجيا غير مسلحين، وشن حرائق متعمدة، وأفاد المجلس الروهينجي الأوروبي في بيانه بأن جيش ميانمار استخدم الأسلحة الآلية والمروحيات في الهجوم على المدنيين، وأحرق عددًا من القرى باستخدام قاذفات الصواريخ.

وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في بيانها، حكومة ميانمار «بالسماح لمراقبين مستقلين لتحديد مصدر الحرائق وتقييم اتهامات انتهاكات حقوق الإنسان»، فيما لم يرد المتحدث باسم حكومة ميانمار على هذا الطلب بشكل فوري، ولا يبدو أن ذلك الأمر مُستغربًا، فقد اعتادت حكومة ميانمار على التكتم وغياب الشفافية؛ إذ كشفت أحدث نسختين لمؤشر البيانات المفتوحة الذي يقيس مستوى شفافية الحكومات، تذيل ميانمار الدول التي تضمنها المؤشر، بحصولها عن نسبة مئوية متوسطة بلغت 1% فقط، في النسخة الأحدث لعام 2016، كما كانت ميانمار الأقل شفافية أيضًا في العالم في نسخة عام 2015، بنسبة مئوية متوسطة بلغت 3% فقط.

2- كيف يتعامل جيش ميانمار مع المدنيين الروهينجيا؟

وحول طبيعة تعامل جيش ميانمار مع المدنيين الروهينجيا يقول ماثيو سميث، المؤسس والمدير التنفيذي لمجموعة حقوق إنسان تحمل اسم «فورتيي رايتس» «في تعامل جيش ميانمار مع المدنيين خلال الشهرين الماضيين، نحن نعلم أنه ارتكب أعمال قتل جماعي، واغتصاب جماعي، وحرق جماعي لُقرى الروهينجيا» لذلك يعتبر سميث أن التقارير الحديثة التي تتحدث عن «فتح النار على المدنيين» خلال الأيام الماضية «معقولة».

ويرى سميث أن زعيمة ميانمار أونج سان سو تشي، يخرج من مكتبها تصريحات «مُزعجة»، موضحًا «مكتب أونج يولد دعاية مضادة للروهينجيا وأعمال الإغاثة، تؤجج التوترات في البلاد» ولفت إلى أن مكتب رئيس الدولة يجب «أن يدعو للهدوء ويطالب الجيش بضبط النفس» مُطالبًا بوقف تلك الدعاية «غير المسؤولة» من أونج في الوقت الحالي.

وأكد المعنى الذي ذهب إليه سميث، تقرير طال انتظاره، وصدر، الجمعة الماضية، حول معاملة الروهينجيا عن اللجنة الاستشارية لولاية راخين التي يترأسها، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، عندما حذر من أن التوترات التي تشهدها الولاية قد تخرج عن السيطرة إن لم تُتخذ إجراءات ملموسة سريعًا، بحسب عنان الذي قال «إن التوترات مرتفعة، وتزداد سوءًا» مؤكدًا أن «الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر».

3- كيف كانت رحلة اللاجئين الروهينجيا إلى بنجلاديش؟ وماذا عن الضغوط التي وجدوها هناك؟

أثناء رحلة فرار المسلمين الروهينجيا من قمع الحكومة البوذية، في ولاية راخين، يحاول الفارون الذهاب نحو الحدود مع بنجلاديش القريبة من ولاية راخين، ويتطلب الوصول للحدود مع بنجلاديش عبور الفارين لنهر راف الحدودي.

وقد اعتاد المدنيون الفارون من راخين، مع اشتداد حملات قمع حكومة ميانمار، التوجه نحو بنجلاديش، حيث توجد مخيمات لجوء للمسلمين الروهينجيا على المناطق الحدودية، فبعد حملة قمع مشابهة لتلك الحملة الأخيرة، وقعت نهاية 2016، وتضمنت تدمير نحو 1500 مبنى، وصل نحو 87 ألف شخص من مُسلمي الروهينجيا إلى معسكرات اللجوء في بنجلاديش، وتضم بنجلاديش حاليًا نحو 400 ألف لاجئ من مسلمي الروهينجيا.

ومن بين عشرات آلاف الفارين الذين شرّدتهم حملة القمع الأخيرة، تمكن 3 آلاف لاجئ فقط من العبور نحو بنجلاديش، خلال 72 ساعة منذ اندلاع الأحداث، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى عدد كبير من القُصّر غير المصحوبين بذويهم، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ويبدو أن مجرد الوصول للحدود مع بنجلاديش أمر شديد الصعوبة محفوف بمخاطر لم يسلم منها حتى السيدات والأطفال والشيوخ من مسلمي الروهينجيا.

وتحكي أمينة خاتون (31 سنة) قصة نجاتها هي وأطفالها، وتقول: إن جيش ميانمار بدأ بعد منتصف الليل إطلاق النيران نحو أكواخهم المصنوعة من القش، مما دفع أمينة وأسرتها، للصعود إلى التلال «حفاظًا على حياتهم»، وتروي أمينة أن جنود ميانمار طاردوهم بقذائف الهاون والمدافع الرشاشة، قبل أن يتمكنوا من الوصول للمناطق الحدودية، التي يُحرم فيها إطلاق النار.

ورفضت قوات حرس الحدود دخول أمينة وأسرتها في البداية، وتمنّت أن تدخل بنجلاديش وتجد مأوًى لها في مخيمات اللاجئين، وألا تعود مع «أبنائها الأبرياء إلى فم الأسد مرة أخرى» في الإشارة إلى موطنها في راخين، لافتةً: «أنا لا أجد أي ضوء أمل»، وبعد فترة طويلة من تعليقها على الحدود سمح الجنود في النهاية بإدخالها إلى بنجلاديش ودخولها إلى مخيم للاجئين.

وكانت أمينة وأسرتها من المحظوظين الذين دخلوا إلى بنجلاديش بين آلاف العالقين، ولكنها لم تصل رغم ذلك إلى بر الأمان بعد، فهي أيضًا مُهددة بإعادة الترحيل مرة أخرى، أو سوء المعاملة وعدم إيجاد الطعام والشراب، ففي يوم الاثنين الماضي، اعتقلت قوات حرس الحدود في بنجلاديش 90 من الفارين ورحلتهم قسرًا مرة أخرى إلى ميانمار، ويمكن أن تجد أمينة وأسرتها نفس المصير.

عندما يفر اللاجئون الروهينجيا خوفًا من قمع جيش ميانمار، فهم يذهبون إلى خوفٍ آخر بإعادة ترحيلهم من بنجلاديش؛ إذ يقول المُقيمون القدامى من الروهينجيا، في مخيم لجوء بالوخالي (في بنجلاديش): إن قوات الأمن في بنجلاديش هددتهم بعدم توفير مأوى لأي لاجئ جديد وإلا سيُغرمون، ويطردون ويُرحلون.

ويقول قائد مخيم لجوء روهينجي قديم: «نحن لاجئون، وبالرغم من انكسار قلوبنا على زملائنا الروهينجيا (القادمين حديثًا) فإننا لا نستطيع السماح لهم بالإقامة في مُخيم اللجوء، وإلا سنُرّحل مرة أخرى إلى الحدود».

4- كيف تفاعل العرب والعالم مع الأزمة؟

خلال أربعة أيام منذ اندلاع الأزمة، لم يصدر أي رد فعل رسمي من الحكومات لا بالإدانة أو التنديد أو الشجب أو الرفض، وفي مساء اليوم الرابع من الأحداث، الموافق أمس الثلاثاء، أدانت منظمة التعاون الإسلامي ما وصفته بـ«العنف الممنهح» الذي مارسته جماعات حراسة بوذية تحت غطاء قوات الجيش والشرطة، ضد طائفة المسلمين الروهينجيا، والاستخدام العشوائي للقوة العسكرية ضد الروهينجيا، وطالبت مجلس الأمن بالتدخل، كما أكدت ضرورة تنفيذ توصيات عنان ولجنته الاستشارية.

وفي السياق ذاته، أدان مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، باستمرار ما وصفها بـ«عمليات الإبادة الجماعية والاعتداءات الوحشية والتطهير العرقي والانتهاكات» التي ترتكبها سلطات ميانمار تجاه مسلمي الروهينجيا، داعيًا إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.

بدورها، كانت الحكومة التركية من أول الحكومات التي أدانت بشكل رسمي ما يحدث ضد مُسلمي الروهينجيا؛ إذ أدانت الحكومة التركية الاثنين الماضي، ما وصفتها بـ«المجازر التي تشبه الإبادة الجماعية في ميانمار»، مُطالبةً على لسان المتحدث باسمها « منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي ألا يلتزمون الصمت حيال ما يحصل من مجازر في ميانمار»، ووصل الأمر لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان الذي انتقد خفوت تفاعل العالم مع ما يحدث في ميانمار عندما قال الاثنين الماضي: «العالم أصم وأعمى إزاء ما يحدث للمسلمين في ميانمار».

ومن جهة أخرى، دعت بريطانيا، عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، لانعقاد مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء، لبحث تصاعد العنف بولاية راخين في ميانمار، مطالبًا «كل الأطراف بضبط النفس».

فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، عن «قلقه العميق» إزاء تقارير «مقتل مدنيين في عمليات أمنية بولاية راخين في ميانمار» وناشد، أمس الثلاثاء، بنجلادش المجاورة السماح بدخول مسلمي الروهينجيا الفارين، ودعا إلى السماح لمنظمات الإغاثة من الدخول إلى المناطق المتضررة، معربًا عن استعداد الأمم المتحدة لـ«توفير الدعم الضروري لكل من ميانمار وبنجلادش في هذا الصدد»، فيما أعربت الحكومة التايلندية، أمس الثلاثاء، عن استعدادها لاستقبالها الفارين من العنف في ميانمار.

وبدوره، أعرب البابا فرانسيس عن تعاطفه مع مسلمي الروهينجيا، عندما قال الأحد الماضي: «وصلتنا أخبار حزينة عن تعرض إخوتنا أقلية الروهينجيا للاضطهاد» مضيفًا: «أود أن أعبر عن تعاطفنا الكامل معهم، فلنطلب جميعًا من الرب أن ينقذهم، وأن يسخر الرجال والنساء ذوي النوايا الحسنة لمساعدتهم، لكي يحصلوا على حقوقهم كاملة»، ولفت إلى نيته زيارة ميانمار وبنجلاديش في آخر شهرين في العام الحالي.

5- من هُم الروهينجا؟ وكيف تنظر إليهم الحكومة؟

يعد مسلمو الروهينجيا طائفة أقلية في ميانمار ذات الأغلبية البوذية، يعيشون في ولاية راخين، ويبلغ عددهم نحو مليون شخص، ولا تعترف حكومة ميانمار بهم باعتبارهم مواطنين، أو أنهم حتى يمثلون واحدة من بين 135 جماعة إثنية في ميانمار، وإنما تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين، تعود أصولهم إلى حضارة بنجال الشرقية التي تُعرف حاليًا ببنجلاديش.

لذلك فإن الروهينجيا الذين يعيشون في ميانمار، تنظر إليهم الحكومة على أنهم تسللوا عبر الحدود من بنجلاديش إلى ميانمار، وتحرمهم من الأراضي وحقوق الملكية، ويمكن أن تستولي سلطات ميانمار على الأراضي التي يعيش عليها مُسلمو الروهينجيا في أي وقت، وتقول منظمة “هيومن رايتس واتش” إن قوانين ميانمار تُميز بشكل عنصري ضد المسلمين الروهينجيا وتتعدى على حريتهم في التنقل والتعليم والعمل.

ويعد الهجوم الذي تعرضوا إليه خلال الأيام الماضية، هو الأسوأ من نوعه خلال خمس أعوام مضت، على حد تعبير وكالة “رويترز” للأنباء، التي أشارت إلى وقوع أعمال عنف مشابهة عام 2012، أسفرت عن مقتل 200 شخص ونزوح 140 ألف شخص معظمهم من مسلمي الروهينجيا، وقبل أقل من عام وقت هجمات مشابهة في أكتوبر 2016، أدت إلى حرق 1500 مبنى، ونزوح 87 ألف شخص إلى بنجلاديش، قالت عنها منظمات حقوقية بأنها تضمنت تعذيبًا وقتلًا جماعيًّا واغتصابًا جماعيًّا لمسلمي الروهينجيا.

Exit mobile version