محللون: “الفراغ السياسي” الذي تقترحه “القسام” بغزة خطوة ذكية

يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن “خطة كتائب القسام” التي اقترحتها على قيادة حركة “حماس”، والمتمثلة بإحداث حالة فراغ سياسي وأمني في قطاع غزة، تهدف إلى فك الحصار من خلال صناعة أزمات أخرى.

يعتقد المحللون أن الخطة المقترحة للتعامل مع الأوضاع اللاإنسانية في قطاع غزة ستحدث نوعًا من الصدمة بعقلية محاصريه والصامتين عليه وسُتعيد حساباتهم.

ويتّفق المحللون على أنها خطوة ذكية وفي الاتجاه الصحيح، وتلقي بالكرة أمام الطرف الآخر بما يوصل رسائل لكافة الأطراف عنوانها “إما فك الحصار أو تحمل نتائج الفوضى كاملة”.

وحذر هؤلاء المحللون السياسيون، من أن هذه الخطة قد تفتح الباب أمام شن “إسرائيل” حرباً جديدة على قطاع غزة.

وكان مصدر مطلع في “حماس” قد كشف الخميس لوكالة “الأناضول”، أن قيادة “كتائب عز الدين القسام”، الجناح المسلح للحركة، قدمت للقيادة السياسية خطة مقترحة من أربعة بنود، للتعامل مع الأوضاع في قطاع غزة.

ولم يتضح بعد موقف قيادة “حماس” من هذه المقترحات.

وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: “تتلخص الخطة في إحداث حالة فراغ سياسي وأمني بغزة، قد يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات بما في ذلك حدوث مواجهة عسكرية مع الاحتلال “الإسرائيلي”.

وتتكون الخطة، وفق المصدر، من أربعة بنود، يتمثل أبرزها بإحداث حالة من الفراغ السياسي والأمني في غزة، إذ تتخلى حركة “حماس” عن أي دور في إدارة القطاع.

وتابع المصدر: “تكلف الشرطة المدنية بدورها في تقديم الخدمات المنوطة بها، وتقوم بعض المؤسسات المحلية بتسيير الشؤون الخدماتية للمواطنين”.

وشدد على أن “كتائب القسام” والأجنحة العسكرية التابعة للفصائل الفلسطينية، ستكلف بملف السيطرة الميدانية الأمنية.

من جانبه، يرى طلال عوكل الكاتب السياسي في صحيفة “الأيام” المحلية الصادرة من الضفة الغربية، أن خطة “القسام” ذكية، ومحاولة لإزالة العقبات أمام حكومة الوفاق لتولي مهامها في غزة، دون أن تفقد “حماس” السيطرة على القطاع.

وتابع يقول: تريد “القسام” أن تنزع كل الذرائع أمام حكومة الوفاق، وهذا يرمي الكرة تماماً في ملعب حركة “فتح”، ويعفي “حماس” من معالجة الأزمات المترتبة على الإجراءات التي اتخذها عباس بحق غزة”.

وبحسب عوكل فإن هذه الخطة لن تترك حجة أمام أحد عملياً بأن “حماس” هي السبب في استمرار فرض عباس عقوبات على القطاع.

وأكمل: المرحلة المقبلة ضبابية، وتعتمد على تبني القيادة السياسة لـ”حماس” هذه الخطة.

ويرى عوكل أن “حماس” لن تضحي بعلاقاتها وتفاهماتها مع مصر من أجل “خطة القسام”، فهي بالنسبة إليها “خيار أساسي وإستراتيجي”.

بدوره، قال حسام الدجني، الكاتب والباحث الفلسطيني: إن هذه الخطة تهدف إلى “صناعة أزمة، أو إدارة أزمة أكبر، وإن “القسام” باتت تدرك حجم المعاناة التي يعاني منها الفلسطينيون، وتأثيرها على كافة مناحي الحياة.

وأضاف: الآن هناك تحد كبير ومحاولة لخلط الأوراق، وإعادة الكرة لملعب المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ليتحركوا من أجل إلزام الرئيس عباس بوقف العقوبات بحق غزة.

وتابع الدجني: ستحرك خطة “القسام” (في حال إقرارها من قيادة “حماس”) المياه الراكدة أيضاً فيما يتعلق بالحصار وتنكر المجتمع الدولي له، وربما تقود إلى حرب مع “إسرائيل”.

وأكمل: خطة “القسام” تعني شكلاً من أشكال عسكرة المجتمع، وبالتأكيد لن تجد قبولاً لدى الأطراف الإقليمية والدولية وكل الذين يعملون على مدنية الدولة والسلام الإقليمي والاستقرار في الشرق الأوسط.

ووفق الدجني، فإن المجتمع الدولي لن يسمح بخطوة كهذه بالمرور، وربما تشهد الأيام القليلة القادمة اتصالات من دبلوماسيين غربيين مع قيادة حركة “حماس”، لدفعها إلى عدم القبول بخطة “كتائب القسام”.

وأردف: الكرة الآن في ملعب “حماس”، وما سيحدد الخطوات القادمة التي سيتخذها عباس، تعتمد على طبيعة التحرك الإقليمي والدولي.

خطوة تكتيكية

المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو يرى في المقترح خطوة تكتيكية ذكية وإلقاء للكرة في الملعب الآخر للضغط على كافة الأطراف في “ظل انعدام الخيارات بسبب تكالب الجميع على غزة”.

ويوضح سويرجو أن المقترح يأتي بمرحلة خطيرة ويستبق عملية القتل العلني لقطاع غزة التي يشارك بها الجميع بمن فيهم أطراف عربية، ويدق ناقوس الخطر بالقول: “رفع الحصار تفاديًا لأي انفجار”.

ويشير إلى أن تلك الخطوة لها تبعات خطيرة أبرزها غياب المرجعية السياسية والأمنية التي تتحمل مسؤولية أي حدث في غزة، وحدوث حالة فوضى لا يرغب بها أحد، ما يعني انفجار الوضع واشتعال المنطقة.

ويعتقد بضرورة أن يسبق الخطوة تنسيقًا كاملًا بين مكونات العمل الوطني والمجتمعي كافة، ووضع خطة طوارئ تستند لتحميل المجتمع الدولي ومحاصري غزة كامل المسؤولية عن كافة التبعات.

وعن مدى تقبل الفصائل له، يقول: “تنفيذ المقترح سيحدث ضغطًا عليها.. ومن لا يريد منها أو يرغب بنفض يديه فإنه سيدفع الثمن، لأن الكل معرض للخطر”.

ويتوقع سويرجو أن يلقى تدخلًا من عديد الأطراف كي لا يتعرض أمن المنطقة للخطر، مبينًا أنه يجب أن يكون هناك إشارات واضحة لتنفيذها خلال ساعات أو أيام حتى لا تكون بإطار المناورة.

إعادة للحسابات

وأحدث الإعلان عن مقترح “القسام” نوعًا من الصدمة في عقلية من يحاصر غزة أو يصمت على حصارها الأمر الذي يعني إعادة حساباتهم في التعامل مع غزة، وفق ما يعتقد المحلل السياسي مصطفى الصواف.

ويقرأ الصواف رسائل عديدة في المقترح ترغب حماس بتوجيهها لكافة الأطراف، أبرزها تخييرها بتحمل دورها بتخفيف حصار غزة أو تحمل نتائج الفوضى كاملة.

ويقول: إن المقترح خطير ويجب التعامل معه بحذر شديد، فهو يعني أن يتحرك المحاصرون أو الصامتون لإيجاد حلول تنقذ مليونين بغزة من موت محقق أو ينتظروا نوعًا من المواجهة.

ويشير إلى أن “حماس” تلقي بتلك المسؤولية في حجر الجميع وليست أمام أحد بعينه ليتحملوها سويًا، مشيرًا إلى أن الحديث عن رعاية أمنية من أجنحة فصائل المقاومة يعني أن لديها علم أو موافقة.

ويلفت الصواف إلى أن “الأطراف كافة لن تجد الشماعة التي تلقي اتهاماتها عليها مرارًا، وحينها لينظروا ما الذي سيحدث في القطاع وهو الخيار الذي يخشونه ما سيعني تدخلهم لتخفيف الحصار”

ويعاني قطاع غزة حاليًا من أزمات معيشية وإنسانية حادة، جراء استمرار “إسرائيل” بفرض حصارها عليه من 11 سنة، إضافةً إلى عقوبات اتخذها الرئيس محمود عباس مؤخرًا.

ومن بين تلك العقوبات فرض ضرائب على وقود محطة الكهرباء، والطلب من “إسرائيل” تقليص إمداداتها من الطاقة للقطاع، إضافة إلى تقليص رواتب موظفي الحكومة، وإحالة الآلاف منهم للتقاعد المبكّر.

وسبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن هدد باتخاذ “خطوات غير مسبوقة” إن لم تستجب حركة حماس لمطالبه المتمثلة بـ “حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من تحمل مسؤولياتها كاملة، والاستعداد للذهاب للانتخابات العامة”.

Exit mobile version