قراءة في كتاب: أمن الخليج العربي.. تطوره وإشكالياته

 

ـ دول الخليج بعد تبنيها الأمن الذاتي في الثمانينيات أصبحت أقل أمناً من أي فترة زمنية أخرى خلال القرن العشرين
ـ أي محاولة ستقوم بها قوة خارجية للسيطرة على الخليج ستعتبر هجوماً ضد المصالح الحيوية الأمريكية
ـ أمريكا ستستمر في ممارسة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري على دول الخليج بحجة محاربة الإرهاب
ـ أمن الخليج يرتكز على النفط في المستقبل المنظور وهو المادة الإستراتيجية المتوقع نضوبها في منتصف هذا القرن

 

 

بيانات الكتاب: 

اسم الكتاب: أمن الخليج العربي.. تطوره وإشكالياته من منظور العلاقات الإقليمية والدولية.
المؤلف: د. ظافر محمد العجمي.

المؤلف في سطور:
د. ظافر محمد العجمي ولد في الكويت عام 1948م، عقيد ركن طيار متقاعد، حصل على الدكتوراه في الآداب من الجامعة اللبنانية عام 2004م، يشغل منصب المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج للدراسات الإستراتيجية، ويعمل مدرساً للتاريخ في جامعة الكويت، له كتب ودراسات ومقالات في أمن الخليج.

هذا الكتاب:
هذا الكتاب أطروحة دكتوراه تتناول تطور مفهوم أمن الخليج العربي من خلال تتبع التغيرات الكبرى في العلاقات السياسية المحلية والإقليمية والدولية في المنطقة التي حدثت منذ مطلع القرن العشرين حتى نهاية عقد الثمانينيات.
وتأتي أهمية هذه الدراسة من طرحها لقضية الأمن، وهي تشكل أهمية بالغة الدقة والحساسية لأهم منطقة إستراتيجية في الشرق الأوسط منذ مطلع القرن العشرين، في فترة زمنية تتصف بثرائها في النشاطات الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية والعسكرية، وتسارع الأحداث وتدافع المشاريع على الهيمنة والنفوذ والسيطرة على المنطقة، ولأن ما تم زرعه والتخطيط له في النصف الأول من القرن العشرين هو ما نحصد ثماره في الفترة الحالية.
اعتمد المؤلف في صياغة أطروحته هذه على المادة التاريخية من مصادرها الأولى التي تنوعت بين الوثائق البريطانية والوثائق الأمريكية، كما اعتمد على محاضر مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية، وأطروحات عسكرية غير منشورة مقدمة إلى كليات القيادة والأركان، والعديد من المراجع والمصادر الأجنبية ذات الصلة بأمن الخليج.

أقسام الكتاب:
قسم المؤلف الكتاب إلى مدخل وأربعة فصول، وخاتمة، حملت العناوين التالية:
– الفصل الأول: أمن الخليج العربي في مرحلة الصراع على النفط في النصف الأول من القرن العشرين.
– الفصل الثاني: إشكاليات الأمن في الخليج العربي أثناء الحرب الباردة (1946 – 1990م).
– الفصل الثالث: مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإشكالية الأمن الذاتي (1981 – 1991م).
– الفصل الرابع: الآفاق المستقبلية لأمن الخليج العربي.

الصراع على النفط
تناول المؤلف في الفصل الأول أمن الخليج في مرحلة الصراع على النفط في النصف الأول من القرن العشرين، وتعرض فيه لكيفية انتقال مركز الثقل في العلاقات الدولية إلى شمال الخليج نتيجة صراع الاستثمارات الدولية على مشاريع السكك الحديدية، والصراع الدولي على الامتيازات النفطية، ودور نفط الخليج في الصراع الإستراتيجي بين القوى العظمى خلال الحرب العالمية الأولى، ثم دور النفط في رسم الحدود السياسية بين دول الخليج العربي في مؤتمر العقير عام 1922م، وكيف تبع ذلك صراع دولي على نفط الخليج بين الحربين، ثم دخول الولايات المتحدة إلى الخليج العربي في صراع على الامتيازات النفطية مع بريطانيا التي واجهتها التحديات بين الحربين، كيف أثر ذلك في أمن الخليج، بالإضافة إلى أمن الخليج أثناء الحرب العالمية الثانية.
وناقش المؤلف في هذا الفصل كيف تغير شكل الصراع الذي خاضته بريطانيا وحجمه ضد القوى الدولية الأخرى، حيث قامت بالسيطرة على التوازنات والأمن سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي أيضاً، وفرضت سياسة أمنية مركزية صارمة، وكان مجال التنافس في عربستان والعراق والكويت، وقد كانت أطراف الصراع هي: بريطانيا، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، بالإضافة إلى ثلاث قوى محلية؛ هي: العثمانيون في العراق، والفرس، وحكام الكويت، وعربستان.
ويرجع المؤلف سبب اهتزاز الأمن في الخليج في بداية الحرب العالمية الأولى في جانب منه إلى إجراءات الحرب العثمانية والألمانية مثل: قوانين الملاحة في شط العرب، والاقتراب من جزر وربة وبوبيان الكويتيتين، أما إجراءات الحرب البريطانية فتمثلت في نزول القوات في البحرين، ثم في عبدان، لحماية المصالح البريطانية النفطية.
ويرى المؤلف أن جميع الامتيازات النفطية تمت نتيجة مفاوضات بين بلاد غير مستقلة سياسياً، وغير متقدمة اقتصادياً وفنياً من جهة، وشركات على درجة عالية من المهارة والبراعة والحنكة والتجربة من جميع النواحي من جهة أخرى، وبرغم ذلك كان حكام الخليج يشعرون مبكراً بقيمة النفط الذي شكّل فيما بعد ميداناً للسيطرة والصراع في منطقة الشرق الأوسط، فكانوا حريصين على ألا يعطوا الامتياز إلا لمن يستحقه.

أثناء الحرب الباردة
ناقش المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب موضوع أمن الخليج أثناء الحرب الباردة (1946 – 1980م)، وفي المبحث الأول من هذا الفصل تحدث حول كيف كان الخليج العربي جناحاً جنوبياً للحزام الرأسمالي الشمالي المحيط بالشيوعية، وفي المبحث الثاني تطرق إلى رؤية الغرب للخليج بعد حرب أكتوبر والصدمة النفطية عام 1973م، وبيّن موقف الغرب من التقرب السوفييتي الأول للخليج في أثناء الأزمة الإيرانية (1946 – 1947م)، ثم مبدأ «ترومان» عام 1947م، وتسمية الشيوعية كخطر على الخليج العربي وثرواته، ثم التقاء المصالح البريطانية – الأمريكية في أثناء حركة «محمد مصدق» في إيران (1951 – 1953م)، كيف قام حلف بغداد عام 1955م لغلق الفجوة بين حلف شمال الأطلسي وحلف جنوب آسيا في هذا الجزء.
وتطرق المؤلف إلى مساعي الولايات المتحدة لصد التغلغل السوفييتي بعد أزمة السويس، وكيف جرى التوسع في موضوع علاقات الولايات المتحدة بإيران والسعودية، عشية الانسحاب البريطاني، وسباق التسلح في الخليج، ورفض مقولة الفراغ الأمني، ثم تحدث المؤلف عن دول «أوبك» الخليجية ودورها في حرب يونيو 1967م، كما ألقى الضوء على سياسة الدعامتين السعودية الإيرانية في مبدأ «نيكسون» عام 1969م.
ويخلص المؤلف إلى أن القوى الدولية ظلت – ولا تزال – تتصارع وتتنافس في تبادل المواقع الواحدة مع الأخرى في الخليج العربي، فيتصارع طرفان من هذه القوى؛ أحدهما موجود يحاول البقاء، والآخر يتقرب من المنطقة للحصول على موطئ قدم له، ومن ذلك اهتمامات روسيا للخروج من أراضيها الباردة واجتياز الحاجز الفارسي للوصول للخليج العربي والمحيط الهندي، حتى بعد تحول الدولة هناك إلى اتحاد سوفييتي، فكان أن حدث التقارب السوفييتي الأول.
لكن الغرب كان حازماً في إخراج السوفييت من الشمال الإيراني فيما عرف بالأزمة الإيرانية (1946 – 1947م)، وقد ترتب عليها مع عجز بريطانيا الاقتصادي في صد الشيوعية عن اليونان وتركيا تخلي بريطانيا عن الدور الرئيس للولايات المتحدة وصدر مبدأ «ترومان» عام 1947م، وتمت تسمية الشيوعية خطراً على الخليج العربي وثرواته خاصة، من بين دول الشرق الأوسط عامة، وكان نفط الخليج هو الرابط بين مبدأ «ترومان» وخطة «مارشال» لإعمار أوروبا، وأقام الغرب حزاماً يطوق الاتحاد السوفييتي مكوناً من القواعد والأحلاف العسكرية، فأصبح الخليج العربي جناحاً للحزام الشمالي المحيط بالشيوعية.

إشكاليات الأمن الذاتي
تناول المؤلف في الفصل الثالث من أطروحته موضوع مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية وإشكالية الأمن الذاتي (1981 – 1991م)، مروراً بظروف قيام المجلس والعلاقات الخليجية قبل قيامه، ومشروعات التعاون المقترحة، والأسباب والظروف التي مهدت لقيامه، ثم ردود الفعل على قيام المجلس من القوى الإقليمية والدولية، ثم تطرق للهاجس الأمني خلال أعمال مجلس التعاون، وألقى الضوء على تطور التعاون العسكري الخليجي من خلال إنشاء قوة «درع الجزيرة»،.
ويشير المؤلف إلى أن الثورة الإيرانية، ثم الحرب العراقية – الإيرانية، كانت الجانب المظلم من حياة الرفاهية التي عاشها الخليجيون منذ خروج البريطانيين، وكان لا بد من إنارة الطريق للوصول إلى الأمان، فكان – وفقاً للمؤلف – مجلس التعاون هو بارقة النور التي راهنوا عليها للوصول مجتمعين إلى غايتهم المشتركة، وتحقيق أهدافهم الإستراتيجية، وإن كانت الثورة والحرب هما الأهم، لكن المتغيرات الإقليمية والدولية العاصفة في نهاية السبعينيات كانت ذات أثر في قيام المجلس الذي لم يلقَ كامل الترحيب في البداية من إيران والعراق والسوفييت لاعتقادهم بوجود دوافع غربية خلف قيامه.
ويرى المؤلف أن دول مجلس التعاون بعد تبنيها الأمن الذاتي في الثمانينيات أصبحت أقل أمناً من الناحية العسكرية من أي فترة زمنية أخرى خلال القرن العشرين، فقد رحل البريطانيون منذ عقد، ودخل الخليجيون في برامج تسلح غير مدروسة، وأوغر الخليجيون صدر الغرب عليهم من جراء الصدمات النفطية، وكشرت الحرب في الشمال عن أنيابها، ولم تقم الصناعة العسكرية المطلوبة، كما لم تكن قوة «درع الجزيرة» بحسب ما أراد أهل الخليج منها.

آفاق المستقبل
ختم المؤلف أطروحته بدراسة استشرافية للآفاق المستقبلية لأمن الخليج من خلال تتبع العلاقات الأمريكية – الخليجية في نهاية الحرب الباردة، والتغيرات الإقليمية والدولية في نهاية التسعينيات ومطلع القرن الحادي والعشرين، مروراً من دون تعمق باحتلال «صدام حسين» للكويت، وبتداعيات الاحتلال الأمريكي للعراق، لكون هذا الجانب لا يدخل في الفترة الزمنية للبحث، على رغم تأثيرها في مستقبل الأمن في الخليج العربي، وأخيراً مستقبل العلاقات الخليجية بالولايات المتحدة والعراق وإيران.
ويخلص المؤلف إلى أن أمن الخليج يرتكز برمته على النفط في المستقبل المنظور، وهو المادة الإستراتيجية التي تتوقع أحدث الدراسات نضوبها في منتصف هذا القرن في أجزاء كبيرة من العالم، لتنضم قائمة جديدة إلى قائمة المستهلكين لنفطه حالياً.
ويرى المؤلف أنه من المتوقع أن تسود العلاقات الأمريكية – الخليجية عدم التكافؤ، وتستمر الولايات المتحدة في ممارسة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري على دول الخليج؛ بحجة دعم النظام العالمي الجديد، وحماية أخلاقياته ومُثله، ليعود مبدأ «كارتر» قائماً كما كان منذ عام 1980م، على أن أي محاولة تقوم بها قوة خارجية للسيطرة على الخليج ستعتبر هجوماً ضد المصالح الحيوية الأمريكية.
ويرى المؤلف أن فشل دول مجلس التعاون في إيجاد قوة تدخل محلية ذات قيادة موحدة، وأساليب قتال تناسب التهديدات الجديدة سيجبر الخليجيين على خيارات صعبة لمصلحة الجانب الأمريكي، قد تتعدى التسهيلات، لتصل إلى حد الوجود الفعلي، على رغم انحسار الخطرين العراقي والإيراني مؤقتاً، ويتوقع المؤلف أن تصبح الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة البديل الإستراتيجي الأفضل لدوله.
وسوف تظل الولايات المتحدة تعتقد بسمو قراراتها في محاربة الإرهاب على القرارات الدولية، وسوف تستمر في محاولة التغلغل في تغيير النسيج الخليجي المناوئ لها، تحت ذريعة تجفيف منابع التطرف في الفكر الثقافي والديني خاصة، كما ستستغل تقلبات أسعار النفط المرهقة لدول الخليج في فرض سياسة العولمة الاقتصادية، وتحرير الأسواق الخليجية من القيود التي تحد من نشاط الشركات الأمريكية فيها.
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية.
سلسلة أطروحات الدكتوراه (56).
عدد الصفحات: 671 من القطع الكبير.
سنة النشر: الطبعة الثانية 2011.

Exit mobile version