غرق قطار المفاوضات السورية في مؤتمر “جنيف 7″، الذي اختتم أمس الجمعة، بالتفاصيل التقنية، فغلب عليه بطء الحركة، وقلة الاجتماعات السياسية، وصلت أحيانا إلى نقطة التوقف، فأحبطت الجميع، ما عدا المبعوث الأممي.
الجولة التي اختتمت أمس، ولم تحقق كالعادة، التقدم المطلوب، لإنهاء الحرب، مزقت نسيج المجتمع السوري، شملت على لقاءات تقنية بين فريق دي ميستورا، والوفود المشاركة، فيما انخفض عدد اللقاءات السياسية بشكل كبير.
والمبرر الذي طرح لهذا الأمر مرجعه إلى عمل وفد المعارضة في فترة ما قبل الجولة المنتهية أمس، لقاءات تقنية مع فريق دي ميستورا، على عكس النظام الذي لم يجر هذه اللقاءات إلى في وقت جولة المفاوضات.
وبناء على الاجتماعات التي حصلت، سيطر البرود على الاجتماعات، محبطة المراقبين والمتابعين، فيما ظهر المبعوث الأممي في نهاية الجولة متفائلا كعادته، ومستعرضا نتائج ومقدمات للجولة المقبلة، التي ينتظر عقدها في سبتمبر المقبل.
دي ميستورا في مؤتمره الصحفي الختامي، أمس الجمعة، قال إن وفد النظام السوري لم يبد استعدادا في مفاوضات جنيف 7 لبحث موضوع الانتقال السياسي، وإن اظهر استعدادا لمناقشة هذا الأمر في الجولة المقبلة.
وأفاد ردا على سؤال عن استعداد النظام لمناقشة الانتقال السياسي، “إذا كان علي أن أستند إلى ما سمعته في هذه الجولة، فليست لدي أي مؤشرات بهذا الاتجاه”.
وأضاف “أعتقد أن الخطوات التالية تتمثل برغبة المجتمع الدولي تسريع إنهاء هذا النزاع، وهو ما يساهم بدفع الحكومة (النظام) للانخراط بالعملية، وطلبت منهم أن يكونوا مستعدين في الجولة القادمة لمناقشة السلال الأربع (الحكم الانتقالي، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب)، وتحديدا منها الانتقال السياسي”.
وأوضح أن بشار الجعفري رئيس وفد النظام “أعلمه أنه مستعد للتعامل ومناقشة السلال الأربع في الجولة القادمة”.
المؤتمر الصحفي الذي جاء عقب إحاطة دي ميستورا لمجلس الأمن بنتائج جولة المباحثات، أوضح فيه أن “الاجتماع مع مجلس الأمن كان اجتماع دعم تام وشامل وجامع، لما نقوم به هنا، وهذا ما لمسته في ذلك الاجتماع، وأهمية التفاوض في جنيف”.
وحول نتائج الجولة السابعة التي اختتمت الجمعة، أفاد “لم ننجز اختراقات، وأنشأنا آلية استشارية فنية، وهي وسيلة للتعمق بالقضايا، وقمنا بذلك لأننا بحاجة لمناقشة التفاصيل الفنية لكثير من المواضيع التي قد تثير الجدل الكبير، وذلك لنتمكن من الانتقال إلى المفاوضات المباشرة الجوهرية، التي يمكن أن نتصدى لها”.
وأردف “نحن بحاجة لمساعدة المعارضة للعمل بشكل وثيق فيما بينها، وقد تقدمنا بشأن الهدفين، وهذه الآلية الفنية الاستشارية أثبتت بأنها فعالة في تمهيد الطريق لإجراء المفاوضات”.
وتابع “مع المعارضة تمكننا من الاستفادة من الاجتماعات الفنية التي عقدناها الأسبوع الماضي في لوزان، وخبراء من الهيئة العليا للمفاوضات، ومن منصتي موسكو والقاهرة، استمروا بالتركيز على قضايا السلة الثانية الدستورية”.
وقال: “أنوي الدعوة لمحادثات بين السوريين في سبتمبر، لتتضح المواقف حول مسائل مرتبطة بالسلال الأربعة، ونأمل أن نكون قادرين بحلول الموعد، دفعهم للجلوس بقاعة واحدة، وسننظر إن كان الزخم الدولي يساهم في ذلك”.
المعارضة السورية في مفاوضات “جنيف 7″، من جهتها اتهمت أمس الجمعة، النظام بعدم جديته في المفاوضات، مبينة أنه لتحقيق الاستقرار وإعادة البناء ومحاربة الإرهاب، وعودة اللاجئين إلى بلدانهم، لا بد من الانتقال السياسي.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده نصر الحريري، رئيس وفد المعارضة في المقر الأممي، عقب جلسة أخيرة مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في اليوم الختامي للمؤتمر.
وقال الحريري: “أنهينا في جنيف الجولة السابعة من المفاوضات، وبصراحة هناك طرفان الأول يسعى لتحقيق تقدم في العملية السياسية (المعارضة)، وطرف لا ينوي أي انخراط في العملية السياسية (النظام)”.
وأضاف “كنا وما نزال نسعى لتحقيق تقدم في اللقاءات السياسية، واللقاءات التقنية، وفي مناقشة كل مواضيع الانتقال السياسي، والقضايا الدستورية والانتخابية، وكذلك ملف الأمن والإرهاب، وإجراءات بناء الثقة، إضافة إلى المبادئ التي ترسم شكل سوريا المستقبل”.
أما بشار الجعفري، فقد أفاد الجمعة، أن وفده ركز في مباحثات الجولة الحالية، على موضوع مكافحة الإرهاب، واجتماعات الخبراء القانونيين الدستوريين.
ووصف الجعفري هذه اللقاءات، في تصريح صحفي أدلى به في المقر الأممي بجنيف، عقب انتهاء الاجتماع الأخير مع دي ميستورا، وفريقه الأممي بأنها “جولة مفيدة”.
وأضاف “أجرينا جولة مفيدة مع المبعوث الخاص وفريقه في هذه الجولة بجنيف، ركزنا فيها على موضوعين رئيسيين، هما موضوع مكافحة الإرهاب، والموضوع الآخر هو اجتماعات الخبراء القانونيين الدستوريين”.
الجعفري لفت إلى أن “محادثات الخبراء الفنيين تطرقت بشكل رئيسي إلى المبادئ ذات الصلة بالعملية الدستورية، التي وردت في ورقة المبادئ الأساسية للحل السياسي، وتعرف بورقة 12 نقطة”.
وكان دي ميستورا قد قدم في جولات سابقة ورقة غير رسمية “تتضمن 12 نقطة حول أسس الحل السياسي في سوريا، تستند إلى القرار الأممي رقم (2254)، والمرجعيات الدولية”.
ومن الأمور اللافتة في هذه الجولة التي استغرقت خمسة أيام، محاولات المعارضة ضم شخصيات إليها من منصتي القاهرة وموسكو، اللتان تصنفان على أنهما معارضة من قبل عدة دول مثل مصر وروسيا، محققة تقدما كبيرا في تشكيل وفد واحد في الجولة المقبلة.