تقرير عراقي يكشف تفاقم عمالة الأطفال النازحين في كركوك

قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان: إن على مجلس النواب العراقي الإسراع بإقرار قانون حقوق الطفل الذي يضمن عدم استغلال الأطفال في العنف والعمالة وقضايا الاتجار بالبشر، وألا يبقى القانون على رفوف مجلس شورى الدولة دون مبرر لذلك.

وأضاف المرصد في تقريره الذي صدر أول أمس عن عمالة الأطفال النازحين في محافظة كركوك أن هناك المئات من الأطفال يعملون في الأسواق المحلية بسبب الظروف المعيشية الصعبة للعوائل النازحة.

ويكشف المرصد في تقريره عن استغلال وعنف واضطهاد يُمارس ضد الأطفال الذين أُجبروا قسرياً للعمل في الأسواق بسبب ظروف عوائلهم المادية الصعبة.

وقال المرصد: إن حمل البضائع ونقلها وبيع أكياس النايلون من أبرز الأعمال التي يلجأ إليها الأطفال؛ نظراً لسهولة الحصول عليها وقلة سعرها الذي يُساعدهم على بيعها بشكل سريع.

وقال سعد حمدي، نازح من بيجي (13 عاماً)، خلال مقابلة مع المرصد العراقي لحقوق الإنسان: جئت مع أهلي لكركوك نازحاً، أعمل في أوقات الفراغ لتوفير مصروف يومي لعائلتي المكونة من 7 أفراد، أعمل في أسواق للمواد الغذائية وأتقاضى أسبوعيًا 50 ألف دينار (40 دولاراً أمريكياً) مقابل حمل المواد ووضعها في مكانها وترتيبها ونقلها إلى المخزن، وأحياناً أتعرض للإهانة بكلمات غير لائقة.

وأوضح المرصد العراقي لحقوق الإنسان أنّ المادّة 19 من اتفاقيّة حقوق الطفل تمنح الطفل حقّ الحماية من إساءة المعاملة والإهمال دون تمييز.

علي نامق، نازح من الموصل (11 عاماً) قال: لدي عربة استأجرتها من إحدى المحال وأدفع لهم يومياً 30 ألف دينار (24 دولاراً أمريكياً) وأحتفظ بالباقي لي، أشتري بها مواد غذائية واحتياجات يومية لعائلتي وأكسب يومياً بمعدل 10 – 20 ألف دينار (7 – 15 دولاراً أمريكياً) لكن عملي شاق جداً.

وعلق المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن الميثاق الدوليّ للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة يؤكد ضرورة حماية الأطفال والأشخاص الصغار من الاستغلال الاقتصاديّ والاجتماعيّ، ويجب أن يستوجب استخدامهم في عمل مضرّ بمعنويّاتهم أو صحّتهم أو يكون خطراً على حياتهم أو يمكن أن يعيق تطوّرهم الطبيعيّ العقاب بموجب القانون.

فوزي جاسم، نازح من الحويجة (11 عامًا) قال: جئنا لكركوك قبل 8 أشهر تقريباً، وضعنا في مخيم وبعد فترة بدأت اعمل داخله بسبب حاجتي للمال، أقوم بنقل المواد والبضائع داخل المخيم مقابل 500 – 1000 دينار (35 – 90 سنتاً أمريكياً)، أجمع كل يوم بحدود 10 آلاف دينار عراقي (7 دولارات أمريكية).

عبدالقادر نعمة نازح من حويجة (11 عامًا) قال: أعمل بائع خضار في السوق الكبير بكركوك وأكسب يوميًا حوالي 5000 دينار (3 دولارات ونصف دولار أمريكي) أعيل بها عائلتي المكونة من 5 أفراد.

قال نعمة: نسكن مع عائلة عمي مناصفة في بيت إيجار ورغم المضايقات نحاول أن نصبر، أتمنى أن أعود لقريتي ومدرستي وأصدقائي.

أيمن ناظم، نازح من الموصل (14 عامًا)، قال: لدي عربة أحمل فيها مواد للمتسوقين، وأكسب من كل شخص 500 دينار (35 سنتاً أمريكياً)، وأضع عربتي بعد المغرب في خان قريب من السوق وأدفع إيجار 5 آلاف دينار كل أسبوع، نحن مجبرون أن نعمل بسبب حاجتنا للمال.

وقالت جوان حسن عارف وهي رئيسة لجنة حقوق الإنسان وشؤون المرأة والطفل في مجلس محافظة كركوك: إن الزخم العددي للعوائل النازحة وبسبب غياب الدعم والتمويل الحكومي ساهم في تفاقم الأوضاع المعيشية للعوائل، وهو المسبب الرئيس الذي دفع بسيطرة ظاهرة عمالة أطفال النازحين وعزوف نسبة كبيرة منهم عن الدراسة.

وأضافت: تردنا حالات كثيرة وبشكل مستمرة حول اعتداءات لفظية وجسدية على الأطفال العاملين في الأسواق والمحلات من قبل التجار أحياناً وعناصر الأمن في أحيان أخرى.

وأكدت عارف معلومات المرصد العراقي لحقوق الإنسان حول وجود عمالة داخل المخيمات وقالت: إن ظاهرة عمالة الأطفال في المخيمات تتفاقم، حيث ينقل هؤلاء الأطفال البضائع والمواد التي تتطلب جهداً جسدياً لمن هم أكبر من أعمارهم لكنهم أجبروا على ذلك.

وقالت سجى كيلان وهي ناشطة في مجال حقوق الطفل من مدينة كركوك إن “ظاهرة عمالة الأطفال تفاقمت ضمن صفوف النازحين والسبب يكمن في عدم تمكن الأسر من توفير مصروف يومي لقوتها مما يدفعها إلى الزج بأطفالها للعمل في سوق العمل”.

وقالت أيضاً: تشهد الأسواق المحلية وسط كركوك وجود المئات من الأطفال النازحين الذين يعملون كحمالين للمواد والبضائع ويمكن لكل من يتسوق أن يراهم وهم يجرون عربات ثقيلة أكبر منهم ويتحملون كلام الناس ومضايقات عناصر الشرطة في سبيل رزقهم اليومي.

عبد الخالق عثمان وهو  تاجر في مدينة كركوك قال إن “مجيء العوائل النازحة إلى داخل المدينة ساهم في تحريك الأسواق وتوفير أيدي عاملة جديدة لها استعداد على العمل بأجر اقل وبسبب احتياجهم الشديد نجدهم ملتزمين بالعمل.

وقال أيضاً: لدي 3 أشخاص بعمر 15 يعملون في محلاتي وأوفر لهم راتباً جيداً ووسائل راحة مقابل تواجدهم وأمانتهم، لكن هناك حالة صعبة أخرى كعمل أطفال بعمر 6 – 7 كحمالين بجر العربات.

وقال المرصد العراقي لحقوق الإنسان: تنص المادة (32) من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها العراق في 15 يونيو 1994م على ضرورة أن “تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي”.

وأوضح المرصد أيضاً أن “على الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة التي تُحدد عمراً أدنى أو أعماراً دنيا للالتحاق بالعمل، ووضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، بالإضافة إلى فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان بغية إنفاذ هذه المادة بفعالية”.

وبين أن المادّة (24) من الاتفاقيّة المتعلقة بوضعيّة اللاجئين لعام 1951م تؤكد على الواجبات المتعلّقة بعمالة الطفل وتحث الدول المتعاقدة أن تمنح اللاجئين المقيمين بشكل قانونيّ في أراضيها المعاملة نفسها الممنوحة للمواطنين بالنسبة للعمر الأدنى للعمل والتمهّن والتدريب.

Exit mobile version