منظمة دولية: الإفلات من العقاب وراء استمرار جرائم التعذيب في تونس

 

– 177 حالة تعرضت للتعذيب أغلبها من الذكور بنسبة 88%

– تتوزع جرائم التعذيب بين العنف والتعذيب وسوء المعاملة والموت المريب والاغتصاب

– استمرار تنسيق أذرع الدولة العميقة في الأمن والقضاء والإعلام والإدارة حال دون تطبيق القانون

“الإفلات من العقاب.. لماذا؟” هو عنوان التقرير السنوي للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، لسنة 2016م والذي أعده مكتب المنظمة بتونس، في إطار برنامج “سند” التابع للمنظمة، وقد صدر التقرير مشفوعاً بالأرقام وتم عرضه في ندوة صحافية واكبتها “المجتمع” وحضرها رئيس المنظمة، ديك مارتي، وأدارها رئيس برنامج “سند” مختار الطريفي، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

أرقام تتحدث

في الفترة الفاصلة بين عامي 2013 و2016م استقبل برنامج المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب (سند) 177 حالة تعرضت للتعذيب أغلبها من الذكور بنسبة 88% في حين شكل النساء النسبة المتبقية وهي 12%، وتراوحت أعمار الضحايا بين أقل من 17 سنة فما أقل، وأكثر من 61 سنة، ونال الشباب من بين هذه العينة النسبة الأكبر وهي 64% من حالات التعذيب، وهي الفئة التي يتراوح أعمارها بين 18 و35 سنة، يليهم الكهول الذين تتراوح أعمارهم بين 36 و60 سنة بنسبة 24%، ومثل الأطفال حتى سن 17 سنة والشيوخ الذين تجاوزوا 60 سنة نسبة 6%.

ورغم أن الانتماء السياسي أحد محفزات جرائم التعذيب فإن نسبة المنتمين نقابياً أو سياسياً لم تتجاوز 19%، في حين مثل غير المنتمين نسبة 81%.

وقد اختلفت أسباب الإيقافات الأمنية والتي تعرض فيها الضحايا للتعذيب منها 6% بسبب انتماءات سياسية، و13% بسبب المشاركة في مظاهرة، و19% بتهم الإرهاب، و7% بسبب ممارسة العنف، و3% بسبب تهم الاعتداء على موظف يعمل في مؤسسات الدولة، والبقية جنح وقضايا حق عام.

وتعتبر ولاية (محافظة) سيدي بوزيد في مقدمة المناطق التي ارتكبت بها جرائم التعذيب، بنسبة 26%، تليها الكاف بنسبة 14%، ثم تونس العاصمة بنسبة 12%، ثم القصرين وصفاقس بنسبة 9% لكل منهما، وتوزعت بقية النسب على الجهات الأخرى.

ومن المفارقات أن نجد العاطلين عن العمل هم الفئة التي تعرضت أكثر من غيرها للتعذيب حيث نالوا نصيب الأسد بنسبة 37%، تليهم الطبقة العاملة بنسبة 32%، ثم الطلبة بنسبة 18%، ثم الطبقة الوسطى بنسبة 13%.

وتتوزع جرائم التعذيب بين العنف والتعذيب وسوء المعاملة والموت المريب والاغتصاب، حيث بلغت نسبة التعذيب وسوء المعاملة 82%، والعنف 12%، والموت المريب 5%، والاغتصاب 1%، وقد تم استخدام التعذيب لعدة غايات منها العقاب والانتقام بنسبة 18%، ولانتزاع اعترافات تحت التعذيب بنسبة 35%، والتمييز بنسبة 3%، والتمييز وغايات أخرى بنسبة 21%، وتفريق مظاهرات بنسبة 6%، وغايات أخرى لم يذكرها التقرير بنسبة 17%، وتسببت جرائم التعذيب في أضرار نفسية وأضرار جسدية للضحايا، أما مرتكبو هذه الجرائم فهم الشرطة بنسبة 59% والحرس بنسبة 21%، وأعوان السجون بنسبة 15%، والموظفون في الدولة بنسبة 5%.

الإفلات من العقاب

رغم كل هذه الجرائم لم يصدر حتى الآن حكم واحد رادع للجناة، بل هناك حكم واحد رغم مرور كل هذه الفترة الزمنية وهي قضية اعتداء عنصرا أمن على موظف وألحقا أضرارا فادحة بإحدى عينيه، ونالا البراءة. وفي قضية أخرى تحول الحكم من سنة سجنا في قضية حق عام، إلى 14 سنة سجناً بسبب تقدم الضحية بشكوى تتعلق بالتعذيب، حيث ألصقت به عديد القضايا المفتعلة الانتقامية وفق ممثل برنامج المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، مختار الطريفي الذي اشتكى في حديث لـ”المجتمع” مما وصفه بالسلبية في مواجهة جرائم التعذيب من قبل القضاة والسلطة التنفيذية، وطالب بـ”إعادة النظر في كامل السياسة الجزائية للدولة، وهذا يتعلق بالإرادة السياسية للقائمين على الحكم”.

في حين أكد المستشار القانوني للمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، مكتب تونس، محمد مرام أن التعذيب في الجرائم الإرهابية ليس حلا بل أحد أسباب تفاقم الظاهرة وهو ما أثبتته الدراسات والتجارب في هذا الخصوص، وفي نفس الإطار عبر رئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ديك مارتي، عن انزعاجه من كم الملفات والانتهاكات التي لم يبت فيها القضاء، وأشار إلى أن للعدالة دوراً حاسماً في القطع مع ممارسة التعذيب وسوء المعاملة” وأن إدانة الجلادين كافية للشروع في القطع مع هذه الممارسات.

تجدر الإشارة إلى أن العقيدة الأمنية في تونس موروثة عن الجندرمة الفرنسية، ولم تقم السلطة المحلية بعد عام 1956م بتغييرها، كما أن استمرار تنسيق أذرع الدولة العميقة في الأمن والقضاء والإعلام والإدارة حال دون تطبيق القانون والتحسينات التي طرأت عليه بعد الثورة، فضلاً عن الاتفاقات الدولية في هذا الخصوص.

Exit mobile version