موظفو السلطة في غزة: حرب الرواتب استكمال لمؤامرة الحصار والتهميش

احتشد عشرات الآلاف من موظفي السلطة في رام الله، في ساحة السرايا بغزة مطالبين رئيس الحكومة رامي الحمدالله بالرحيل مع وزرائه عقب قرار خصم 30% من رواتبهم.

وهتف المحتشدون الذين وصفوا القرار بـ”المجزرة” بغضبٍ “ارحل ارحل يا حمدالله”، ورفعوا لافتات كتب عليها “حرب الرواتب استكمال لمؤامرة الحصار والتهميش”، “لا لسياسة التمييز”، “عاجل.. عاجل.. بسبب مجزرة الرواتب أعلن عن بيع شقتي السكنية لتسديد الديون المتراكمة”.

وعلق علاء نعيم، أمين سر مكتب الأطباء بغزة، في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن تفاجئه من قرار الحكومة القاضي بخصم الرواتب، مشدداً على أن قضية الخصم تمس كرامة الموظفين في غزة، رافضاً طريقة التمييز التي تتبعها السلطة تجاه قطاع غزة.

ورفض نعيم ادعاء رئيس السلطة محمود عباس، بأن الموظفين يعملون في مشاريع خاصة واصفاً إياها بـ”غير الصحيحة”، مستدلاً على ذلك بعدم وجود مصادر دخل أخرى بسبب الحصار المفروض على غزة، مؤكداً أن قضية الخصم تمس العصب الحيوي بغزة، ولا يمكن التلاعب به بأي حال من الأحوال.

وعبر المعتصمون عن غضبهم تجاه السلطة القائمة في رام الله؛ لتجاهلها قضايا الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة من عشر سنوات، مؤكدين مواصلة فعالياتهم الاحتجاجية حتى الانتهاء من جميع الأزمات التي تطال غزة.

يشار إلى أنّ “حكومة التوافق” قررت خصم 30% من رواتب موظفي السلطة بغزة دون الضفة؛ معللة ذلك بضعف موازنة السلطة.

ورغم أهمية الحدث وتداعياته المستمرة من الأسبوع الماضي، فإن وسائل الإعلام الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، تجاهلت اعتصام آلاف الموظفين.

التزامات مالية

الموظفة الغزية أمال عبدالله كانت إحدى المشاركات التي لم يمنعها سكنها بمحافظة رفح أقصى جنوب القطاع من أن تجتمع برفقة عدد من أقاربها وزميلاتها للمشاركة في التظاهرة الحاشدة الرافضة للخصومات المالية بحق موظفي السلطة الفلسطينية بغزة فقط.

وتطالب عبدالله في حديثها لـ”العربي الجديد” الرئيس عباس بضرورة العمل على إلزام الحكومة بوقف الخصومات المالية بحق موظفي القطاع، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها أكثر من مليوني مواطن غزي بفعل الحصار وتلاحق الحروب.

وتؤكد عبدالله أن الخصومات التي طرأت على رواتبهم لم تراعِ الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها القطاع، خصوصاً في ظل الخصومات العديدة التي فرضت منذ الانقسام الفلسطيني منتصف عام 2007م على رواتب موظفي السلطة في القطاع، مشيرة إلى أن موظفي السلطة لا يعتبرون أفضل حالاً من غيرهم في القطاع، في ظل التزام عدد كبير منهم بسداد أقساط مقابل قروض لصالح البنوك المحلية بغزة، فضلاً عن الالتزامات المتعددة كسداد أقساط الجامعات والشقق السكنية وغيرها من الالتزامات.

ورغم تحفظ عدد كبير من الموظفين على إجراء مقابلات صحفية مع الوسائل الإعلامية، فإن عبارات الغضب والنقاش الحاد والاستشهاد بمواقف وتصريحات خرجت لأطراف عديدة خلال الساعات الماضية كالاتحاد الأوروبي كانت حاضرة لتكذيب الحكومة وحديثها عن وجود أزمة مالية.

في السياق، يطالب الموظف الفلسطيني بهاء مطر بضرورة ضغط مختلف الأطراف على حكومة التوافق من أجل إعادة الخصومات لصالح الموظفين مجدداً وعدم تكرارها مستقبلاً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها الغزيون.

ويوضح مطر لـ”العربي الجديد” أن أموال المقاصة التي تجبيها السلطة الفلسطينية من عائدات الضرائب المحصلة من القطاع من شأنها أن تلبي فاتورة رواتب موظفي قطاع غزة بشكل كامل وزيادة، فضلاً عن استمرار الدعم الأوروبي المقدم للحكومة.

تكريس للانقسام

من جانبه، أبدى مركز “حماية” لحقوق الإنسان استغرابه الشديد من قيام وزارة المالية بالضفة الغربية من خصم في رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة من راتب شهر مارس، الذي وصل إلى قرابة 30% وبدون إنذار سابق.

واعتبر “حماية” في تصريح صحفي، وصل “المجتمع”، أن قرار وزارة المالية بحكومة التوافق بخصم جزء من رواتب موظفي قطاع غزة دون الضفة الغربية هو تكريس للانقسام السياسي الموجود، وانتهاك جسيم للقانون الأساسي الفلسطيني الذي تنص المادة (9) منه على أن: “الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة”.

وطالب المركز حكومة التوافق باحترام القوانين وإعادة ما تم اقتطاعه من رواتب موظفي قطاع غزة، كما طالب الحكومة بالتوقف عن سياسة ربط رواتب الموظفين بالخلافات السياسية الموجودة بالساحة الفلسطينية وتحييد المواطن من قبل الأطراف السياسية عن آثار الانقسام وتبعاته.

Exit mobile version