“برك حارس” تغتالها مستوطنة “أريئيل” وتحاصرها مصانع بركان الاستيطانية

الاستيطان في الضفة الغربية لم يصادر الأرض من سكانها، بل يحاول مصادرة التاريخ واغتيال الجغرافيا، وتهويد كل ما على سطح الأرض، وتحويل الآثار الرومانية القديمة إلى مراكز أبحاث تابعة له، دون مراعاة لخصوصية الآثار التي هي جزء من تاريخ الأرض الفلسطينية والاستيطان طارئ عليها.

“برك حارس” بين مصانع بركان الاستيطانية ومستوطنة أريئيل بمناظرها الخلابة والتي هي عبارة عن منحوتات صخرية لتجميع مياه الأمطار والينابيع الشتوية، ومعاصر للزيتون والعنب ومصافٍ في غاية الإبداع، حاصرتها مصانع المنطقة الصناعية لبركان ومستوطنة أريئيل الممتدة أفقياً على مسافة طويلة.

طمس التاريخ

الباحث خالد معالي تحدث لـ”المجتمع” عن برك حارس وباقي الآثار في محافظة سلفيت قائلاً: نتحدث عن منطقة تاريخية بامتياز، والاستيطان يحاول طمس تاريخ المنطقة، ويفرض على المناطق الأثرية طوقاً أمنياً وحزاماً استيطانياً، بحيث تضيع الآثار بين الإجراءات الأمنية والأعمال الاستيطانية، وبرك حارس جزء أصيل من المنطقة قبل مجيء الاستيطان والاحتلال على هذه الأرض، ومستوطنة أريئيل الساكن الخطير في المنطقة يضم برك حارس إلى المستوطنة بدعوى الأبحاث العلمية، فهم يغلفون كل أعمالهم بالتطوير والأبحاث حتى يتم تسويق الاستيطان على أنه مسيرة علمية ونهضة تطويرية للمناطق الفلسطينية، وهذا الأمر يشكل سابقة خطيرة بأن يكون للاستيطان دور في تزويد التاريخ للموجودات الأثرية.

فرض الحصار

وأضاف معالي: من يريد أن يطور الأماكن الأثرية لا يفرض عليها حصاراً وكأنها مناطق عسكرية مغلقة، فالدخول إلى برك حارس الجميلة يكون بالتسلل إليها من خلف أسيجة مصانع بركان؛ لأن مجلس المستوطنات في المنطقة فرض عليها – زوراً وبهتاناً – حصاراً من جهة مصانع بركان الاستيطانية، ومستوطنة أريئيل، وأصبحت بين فكي كماشة، والفلسطيني ابن الأرض وصاحب التاريخ يتسلل إليها كي يتمتع بها خلسة وبعيداً عن إجراءات الاحتلال ومستوطنيه.

توثيق رغم الأخطار

الإعلامي محمد أشتيه من سلفيت يقول: قمت بتوثيق ما جرى لبرك حارس وضمها لمستوطنة أريئيل من خلال الدخول إليها من قلب المستوطنة، وكانت عملية التوثيق خطيرة علينا من قبل المستوطنين ومن قبل جنود الاحتلال، وخلال التصوير للمنطقة التي أصبحت في عش الدبابير، يتضح أن الاحتلال يستخدم أسلوب مصادرة الآثار التاريخية حتى يثبت للعالم أن التاريخ اليهودي حاضر في المكان من خلال المنحوتات الصخرية ومعاصر العنب والزيتون وبرك تجميع المياه التي نحتت داخل الصخر، فهم يصادرون الأرض والتاريخ معاً، ويزورون تاريخاً يمتد إلى آلاف السنين يؤكد تاريخ المنطقة.

تهويد بالجملة

منتصر موسى، مدير مكتب دائرة الآثار في سلفيت، تحدث لـ”المجتمع” عن خطورة التهويد الجاري في منطقة سلفيت، وقال: الاحتلال يستغل وقوع معظم الآثار المهمة في المنطقة المصنفة “ج” الخاضعة إدارياً وأمنياً لسلطات الاحتلال، وبرك سليمان أصبحت داخل مستوطنة أريئيل وجزءاً من جامعة أريئيل الاستيطانية تحت مسمى مركز الأبحاث، كما أنه يتم سرقة الآثار في المنطقة من قبل الاحتلال والمستوطنين لاستخدامها في المباني العامة وتزوير تاريخها للتدليل على يهودية المكان بشكل تزويري فاضح، وسلطة الآثار لا تستطيع القيام بالتنقيب لمنع الاحتلال لطواقمها باعتبار المنطقة مصنفة “ج”.

وأضاف موسى: المواقع الأثرية التي أصبحت تحت قبضة المستوطنين دير قلعة برك حارس دير سمعان، فهذه أصبحت داخل ثلاث مستوطنات وهي أريئيل، عاليه زهاب، بدراائيل، وأن تصبح المواقع الأثرية داخل المستوطنات يعني تهويداً بالجملة لتلك الأماكن بدون رقيب، فالاحتلال يستخدم إمكاناته المادية والعسكرية للسيطرة على تاريخ الأرض.

Exit mobile version