مسيرة كفر قدوم الأسبوعية.. انتفاضة مستمرة رغم فاتورتها الباهظة

جيل من أبناء قرية كفر قدوم 5 كم غرب نابلس ترعرع في المسيرة الأسبوعية، ورغم قمع الاحتلال لها بكافة الوسائل فإنها لم تتوقف المسيرة، وأصبحت من الطقوس الدائمة في حياة أهالي القرية المحرومة من شريانها الأساسي، الذي يصلها بالمحيط الخارجي.

فكرة المسيرة

مراد أشتيوي، المنسق العام لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية، يتحدث لـ”المجتمع” عن فكرة المسيرة التي لم تنقطع من انطلاقتها.

 يقول أشتيوي: في عام 2003م أغلق الاحتلال مدخل القرية الرئيس بحجة الذرائع الأمنية، وحرم الأهالي من استخدامه حتى الآن ويضطر أهالي القرية استخدام طريق طويل للوصول إلى قلقيلية ونابلس، ونتيجة لهذا الوضع بدأت الفكرة تتبلور في كيفية الضغط على الاحتلال لفتح الشريان الرئيس ولم تفلح المحاولات بالرغم من فتح طرق قريبة علينا كانت مغلقة، مثل طريق صرة وطريق بيت إيبا وغيرها من الطرق، وفي الأول من يوليو 2011م قرر الجميع من أبناء القرية بعد تشاور عميق الانطلاق في أول مسيرة لفتح المدخل الرئيس وتم قمع المسيرة بوحشية وعنف من قبل قوات الاحتلال.

تطور وسائل القمع

يتحدث مراد أشتيوي عن تطور القمع في مسيرة كفر قدوم قائلاً: بدأت بقنابل الصوت وانتهت بالرصاص الحي، ففي البداية استخدم الاحتلال قنابل الغاز الموجهة إلى الرأس مباشرة، وفقد أحد الأطفال النطق، كما فقد طفل آخر إحدى عينية، واستشهد المسن سعيد جاسر جراء استنشاق الغاز السام داخل المنازل.

ويضيف: بعد قنابل الغاز كانت الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط ثم رش المواد الكيماوية والعادمة التي تستمر رائحتها الكريهة عدة أيام، والرصاص الحي، وخلال انطلاق المسيرة أصيب 85 مواطناً بالرصاص الحي في المناطق العليا من الجسد منهم 11 طفلاً، واعتقل 170 مواطناً مدة اعتقالهم من 4 – 24 شهراً، ودفعت غرامات بقيمة ربع مليون شيكل، ونهشت الكلاب البوليسية أجساد المشاركين بشكل متعمد بقرار من ضباط جيش الاحتلال.

منازل القرية ميدان للتحقيق

وتحدث أشتيوي عن أسلوب في ملاحقة الأطفال والمشاركين قائلاً: في الآونة الأخيرة لجأ الاحتلال إلى أسلوب لم يستخدم في تاريخ فلسطين الحديث؛ وهو تعليق صور أطفال على جدران المسجد والمجلس المحلي، مهدداً بقتلهم واعتقالهم إذا شاركوا في المسيرة الأسبوعية، إضافة إلى اقتحام منازل المواطنين والتحقيق ميدانياً مع الأطفال والتهديد بقتلهم أمام عائلاتهم إذا خرجوا وشاركوا في المسيرة الأسبوعية، وفقد الاحتلال صوابه مع استمرار زخم المسيرة الأسبوعية، يقول أشتيوي ويضيف: لم تقتصر المسيرة على يوم الجمعة بل أضيف لها أيضاً يوم السبت، لذا كثف الاحتلال من قمعه، ولم يسلم أحد من قمع الاحتلال حتى مولدات الكهرباء تعمد الاحتلال إتلافها عقاباً جماعياً لأهالي القرية، إضافة إلى الاستدعاءات الأمنية والاعتقالات اليومية.

سلاح محرم دولياً

يقول مراد أشتيوي: تم توثيق جرائم حرب بحق المشاركين في مسيرة كفر قدوم الشعبية، منها استخدام رصاص محرم دولياً عيار 22 والأعيرة الإسفنجية، كما أن المواد الكيماوية والعادمة سببت أمراضاً مزمنة لأهالي القرية، لأن تأثيرها يستمر لعدة أيام؛ ما تسبب في ظهور أعراض مرضية في الجهاز التنفسي، وخصوصا الأطفال وكبار السن، كما يستخدم جيش الاحتلال أسلوب الكمائن، ويصطاد فيه الأطفال المشاركين في المسيرة، إضافة إلى قنصهم بالرصاص الحي من مسافة كبيرة، ومع ذلك في كثير من الأحيان لاحق المشاركون في المسيرة جنود الاحتلال وهم في حالة تراجع أمام جموع المتظاهرين، ووثقت كاميرات الصحفيين هذا المشهد، لذا لجأ الاحتلال إلى وسائل قمعية طالت البشر والشجر والحجر، وأصبحت حياة القرية في انتفاضة مستمرة رغم فاتورتها الباهظة، ولن تتوقف المسيرة حتى يتم فتح شريان القرية الرئيس، وأن يتحرك الجميع بحرية نحو المحيط الخارجي، فمن يستوطن في مستوطنة كدوميم التي أقيمت على أراضي قرية كفر قدوم يتمتع بحرية كاملة، بينما نحن أصحاب الأرض نحرم من نعمة الحركة.

ملف لمحكمة الجنايات

ابن القرية الناشط في مسيرة كفر قدوم الأسبوعية خلدون أبو خالد، مدير دائرة الأوقاف في محافظة طولكرم، قال لـ”المجتمع”: ما يجري من انتهاكات للمشاركين في مسيرة كفر قدوم يمكن تقديمه كملف لمحكمة الجنايات الدولية، فالمسيرة سلمية وتقابل بقمع غير مسبوق، ويتم الاعتداء على كل من يتواجد في المكان ومنهم متضامنون أجانب وصحفيون وكبار سن وأطفال ونساء، ووجود قناصة ضمن قوات الجيش يدلل على نية القتل بصورة متعمدة، وقمنا بتوثيق كل حالات الانتهاك على مدار السنوات السابقة منذ انطلاق المسيرة بشكل رسمي في الأول من يوليو 2011م، وأصبح الملف جاهزاً.

Exit mobile version