أنتونيو تاياني فشل في دخول البرلمان الإيطالي فأصبح رئيساً للبرلمان الأوروبي

أصبح السياسي الإيطالي المحافظ، أنتونيو تاياني (63 عاما)، الرئيس السادس والعشرين للبرلمان الأوروبي، ورابع إيطالي يتولى هذه المهمة منذ ظهور هذه المؤسسة الأوروبية في 1962، حيث جرى انتخابه ليخلف الاشتراكي الألماني، مارتن شولتز، في ولاية تستمر عامين ونصف العام.
تاياني ولد في 4 أغسطس/آب 1953 في العاصمة الإيطالية روما، وكان والده ضابطا في الجيش، وهو ما دفع أنتونيو إلى أن ينتسب إلى القوات المسلحة، ليصبح هو أيضا ضابطا في سلاح الطيران، بعد أن أتم دراسته في القانون بجامعة روما.
في مطلع شبابه عمل تاياني ضابطا مسؤولا عن الدفاع الجوي في قاعدة سان جوفاني تياتينو الجوية العسكرية قرب من روما، لكن الصحافة سرعان ما استهوته، فالتحق في بداية ثمانينيات القرن الماضي بالإذاعة الحكومية، ليصبح مذيعا لخمس سنوات، ثم انتقل بعد ذلك بفترة قصيرة إلى صحيفة “إل جورناله”، التي كان يملكها رجل الأعمال الملياردير الشهير، سيلفيو برلسكوني، حيث تولى إدارة مكتبها في روما.
بفضل عمله في هذه الصحيفة، اكتسب تاياني خبرة إعلامية واسعة، حيث أرسل كموفد صحفي لتغطية مستجدات سياسية في الاتحاد السوفييتي السابق ولبنان والصومال، كما وطد علاقته ببرلسكوني، وهو ما مهد فيما بعد لدخوله عالم السياسة من أوسع أبوابه.
أول منصب
لم يكن لـ”تاياني” نشاط سياسي قبل التسعينيات، سوى انضمامه لفترة قصيرة في بداية شبابه إلى “جبهة الشباب الملكي”، وهي مجموعة “متواضعة” من أنصار العهد الملكي السابق اندثرت مع نهاية السبعينيات، حيث كان نائبا لأمينها العام لفترة قصيرة.
مع نهاية 1993 كانت الانعطافة الكبيرة في حياة تاياني، حيث استدعاه برلسكوني، الطامح إلى خوض غمار السياسة، ليصبح ضمن فريقه الانتخابي، وهو ما تم في 2 يناير/كانون ثان 1994، حيث انتقل إلى العيش في مدينة ميلانو، المقر السياسي للزعيم الجديد (بيرلسكوني)، ليصبح أحد المؤسسين لحزبه “فورتسا إيتالي” (يمين وسط) .
وفي أعقاب تشكيل برلسكوني للحكومة الجديدة (نيسان/أبريل- ديسمبر/كانون أول 1994)، إثر فوز حزبه بالانتخابات البرلمانية، في مارس/ آذار 1994، أصبح تاياني الناطق باسم رئاسة الوزراء، وهو أول منصب رسمي سياسي يتولاه.
إخفاقات ثم نجاح
في السنوات اللاحقة، ورغم محاولات متكررة، لم يفلح تاياني في فرض نفسه كسياسي في الساحة الإيطالية الداخلية، إذ فشل في دخول البرلمان خلال انتخابات 1996، كما أخفق في نيل رضا الناخبين من أبناء روما في انتخابات عمدة المدينة عام 2001.
وإذا كان النجاح لم يحالف تاياني على مستوى العمل السياسي الداخلي، إلا أن ذلك لم يثنه عن خوض غمار السياسة الأوروبية، حيث نجح في دخول البرلمان الأوروبي بداية من انتخابات عام 1994، ثم 1999 و2004 و 2009 و2014 (الفترة الحالية)، وهو ينتمي إلى “حزب الشعب” اليميني المحافظ، أكبر أحزاب البرلمان الأوروبي.
سريعا، أثبت تاياني قدرة ملحوظة على تنظيم الآليات المؤسسية الأوروبية؛ ما أهله لأن يتولى منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض شؤون النقل (2008-2010)، ثم نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض شؤون الصناعة وريادة الأعمال (2010-2014)، فضلا عن مشاركته في كتابة الدستور الأوروبي، الذي كان مدخلا لمعاهدة لشبونة حول الوحدة الأوروبية، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2009.
انتقادات وتحديات
ورغم قدرات تاياني ومعرفته الواسعة بالعمل الأوروبي، فإن خصومه السياسيين في إيطاليا يوجهون سهام النقد إلى الرئيس الجديد للبرلمان الأوروبي؛ بسبب قربه من بيرلسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق، وعدم النأي عنه رغم سلسلة الفضائح التي طالته.
كما يعيب عليه خصومه عدم اتخاذه تدابير صارمة، أثناء توليه منصب مفوض شؤون النقل، إزاء تحذيرات حول الانبعاثات المفرطة من بعض محركات الديزل، التي تنتجها شركات السيارات الأوروبية الكبرى، والتي أفضت فيما بعد إلى سحب الكثير من سيارات “فولكسفاغن” الألمانية من السوق الأوروبية.
وبفوز تاياني، أمس الثلاثاء، على منافسه الإيطالي أيضا جياني بيتيلا، مرشح “التحالف التقدمي الديمقراطي الاشتراكي”، أصبحت المناصب العليا في مؤسسات الاتحاد الأوروبي الثلاث بيد حزب الشعب المحافظ، حيث يترأس جان كلود يونكر المفوضية الأوروبية، ويقود دونالد توسك المجلس الأوروبي.
وعقب انتخابه رئيسا للبرلمان الأوروبي، ومقره مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أعرب تاياني، الذي يجيد اللغات الإيطالية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، عن رغبته في أن يكون “رئيسا يبني الجسور، ويعمل مع جميع المجموعات”، مشددا على الحاجة إلى “الاستقرار من أجل بناء مستقبل الاتحاد الأوروبي”.
وبالنظر إلى هويته كسياسي قادم من يمين الوسط، سيكون على عاتق تاياني، في مهمته الجديدة، عبء إثبات المقدرة على تبني مواقف متوازنة في مواجهة التحديات الكبرى المطروحة أمام الوحدة الأوروبية، وهي تنامي نزعات اليمين المتطرف، والبطالة، والهجرة، فضلا عن أنه ستكون للبرلمان الأوروبي الكلمة الفصل في اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمتوقع أن يتحقق خلال عامين.

Exit mobile version