مرضى السرطان في غزة يفقدون أرواحهم في انتظار فتح المعابر

– ثابت: العديد من الخدمات الواجب تقديمها للمرضى غير متوافرة

– المخصبات الزراعية والحروب وزيادة عدد السكان أبرز أسباب انتشار المرض

– السرطان السبب الثاني للوفاة بعد القلب والأوعية الدموية بالقطاع

– التقارير تكشف الارتفاع الملحوظ في نسبة السرطان

لم يكن يعلم المواطن أحمد جمعة الذي ذهب إلى أحد المراكز الصحية لعلاج ضرسه الذي كان يؤلمه أن يعود مهموماً مغموماً بعد إجراء الأطباء فحوصات مبدئية له لاشتباههم بوجود مرض أشد من ألم الضرس وأخطر حسب ما ظهر لهم من علامات توحي بذلك، لينتظر ثلاثة أيام لحين خروج نتائج التحاليل.

وبعد تلك الأيام العصيبة التي عاشها في انتظار خروج نتائج التحاليل، وكان كل يوم فيها كأنه سنة جاءت الصدمة التي وقعت عليه كالجبل حيث أظهرت نتائج التحليل إصابته بمرض السرطان في الدم، لتبدأ رحلة الألم والمعاناة .

وإن كان انتشار مرض السرطان لا يقتصر على قطاع غزة، فالعالم يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في سرعة تفشي المرض، إلا أن حال المصاب بالمرض في القطاع وكيفية المعالجة هو الفارق في ذلك .

إمكانيات معدومة

وهو ما يتجلى في حالة المواطن أحمد جمعة الذي لم يكفه شدة الألم وخطورة المرض، وإنما تزيد معاناته بفعل نقص العلاج اللازم وقلة الإمكانيات التي يعالج بها الأطباء مرضى السرطان، الأمر الذي يتطلب سفره للخارج ليتلقى العلاج اللازم، لكن المعابر “الإسرائيلية” والمصرية المتوقفة عن العمل في أكثر الأوقات ولا تراعي الحالات الإنسانية تحُول دون ذلك، ليقضي المريض كل وقته بين ألم المرض وألم انتظار فتح المعابر، وعلى هذه الحال يفقد مرضى السرطان في غزة حياتهم أمام أهليهم وأحبائهم، دون نيل حقهم في العلاج، في ظل الارتفاع الملحوظ في نسبة انتشار المرض خلال السنوات الأخيرة .

وقد أوضح د. خالد ثابت، رئيس قسم الأورام في مستشفى الشفاء؛ أن العديد من الخدمات الواجب تقديمها إلى مرضى السرطان غير متوافرة في قطاع غزة، لافتاً إلى أن 15% من الجراحات لمرضى السرطان يتطلب تحويلها إلى الخارج لعدم توافر الإمكانيات، رغم توافر الكوادر البشرية، مؤكداً أن قوات الاحتلال تمنع أكثر من 60% من مرضى غزة من التوجه إلى الضفة الغربية أو داخل “إسرائيل” للعلاج، منها حالات استفحل فيها المرض وهي تنتظر المغادرة خارج قطاع غزة، حيث يتم تأخير المرضى أحياناً ما بين 3 – 4 أشهر متتالية.

كما أن خدمات 50 – 60% من خدمات العلاج الكيميائي غير متوافرة في غزة، إلى جانب عدم توافر خدمات العلاج الإشعاعي، رغم أن 60% من مرضى السرطان يحتاجون إلى علاج إشعاعي .

انتشار متسارع

ومن خلال تتبع تصريحات وزارة الصحة المتتالية حول معدلات الإصابة بالسرطان، يتضح أن نسبة المرض تزداد بشكل لافت في كل فترة وجيزة، فبعد أن كان عدد الحالات التي يتم الكشف عنها شهرياً تتراوح بين 70 – 80 حالة، أصبح العدد أكبر من ذلك، وفق ما كشف عنه التصريح الأخير الذي أصدره رئيس قسم الأورام في مستشفى الشفاء، د. خالد ثابت، حيث بين أن أكثر من 1600 حالة سرطان جديدة تم اكتشافها في قطاع غزة سنوياً، بحيث يزيد معدل الحالات المكتشفة شهرياً على 120 حالة سرطان جديدة، تضاف إلى أعداد المصابين بالسرطان في الفترات السابقة، ما يضخم عدد الحالات المصابة بالسرطان.

وعلى صعيد الوفيات بسبب السرطان، كشفت بيانات وزارة الصحة أن السرطان يعتبر ثاني سبب من أسباب الوفاة بعد القلب والأوعية الدموية، حيث يشكل 12% من حالات الوفاة السنوية، ويعتبر سرطان الرئة والقصبة الهوائية الأكثر مسبباً للوفاة بنسبة 13% من إجمالي وفيات السرطان، يليه سرطان الثدي بنسبة 12.5%، يليه القولون بنسبة 11%.

أكثر الأنواع انتشاراً

وبين ثابت أن هناك ارتفاعاً في أنواع معينة من السرطانات وخاصة سرطان القولون بسبب الملوثات التي تدخل عن طريق الأطعمة، مشيراً إلى أن سرطان القولون الأكثر إصابة بين الرجال والمسبب الثاني للسرطان بين النساء، منوهاً إلى أن واقع مرضى السرطان في قطاع غزة واقع مرير جداً بسبب التزايد الواضح للحالات.

إحصائيات وأرقام

وفي مؤشر خطير آخر، نوه د. ثابت إلى تزايد في الإصابة بالسرطان لصغار السن قياساً بما كان سابقاً، حيث كانت الفئة العمرية تتراوح بين 50 – 60 سنة لتصبح الفئة العمرية بين 35 – 40 سنة.

وفيما يتعلق بسرطان الأطفال؛ فقد بلغت نسبة الأطفال أقل من 12 عاماً 7.9% من إجمالي مرضى السرطان في قطاع غزة، وكان متوسط الحالات الجديدة 59 حالة سنوياً، حيث كان أكثر الأمراض انتشاراً أمراض الدم (اللوكيميا) بنسبة 31%، يليه “الليمفوما” بنسبة 16.7% من إجمالي حالات سرطان الأطفال.

وتظهر إحصائيات وزارة الصحة بأن معدل إصابة الذكور بالسرطان هو 46 لكل 100,000 من الذكور، بينما معدل الإصابة لدى النساء هو 53 امرأة لكل 100,000 من النساء.

أسباب الانتشار

وعن الأسباب التي أدت دوراً في انتشار المرض بشكل لافت يوضح د. خالد ثابت أن أسباب الإصابة بالمرض تعود لعوامل عدة من بينها زيادة عدد السكان فى قطاع ضيق ومحاصر، حيث تزداد نسبة الأورام بزيادة عدد السكان، بالإضافة إلى الجانب المهم والمتمثل في مخلفات الحروب الصهيونية السابقة على قطاع غزة وخاصة عدوان عام 2008م، الذي ألقت خلاله طائرات الاحتلال الصهيوني ما يقارب 70 طناً من اليورانيوم؛ الأمر الذي رفع نسبة الإصابة بالسرطان ولا سيما في صفوف سكان المناطق الحدودية التي تعرضت للقصف والدمار.

ويعود السبب الثالث والأهم، بحسب د. ثابت، في زيادة نسبة الإصابة بالسرطان وخاصة سرطان المثانة البولية والقولون، للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية واستخدامها السيئ في الزراعة، حيث يحتل سرطان القولون المرتبة الأولى بين الرجال في قطاع غزة، والذي يعود للنظام الغذائي والملوثات الغذائية من المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية .

ويتابع بقوله: جميع الخضراوات المزروعة تتعرض للرش الزراعي والمبيدات التي تحتوي على مواد مسرطنة، وتتغلغل في الخضراوات، ولا يجدي الغسيل الخارجي لها نفعاً، ونستهلك جميع الخضراوات بما تحتويه من مواد سامة ومسرطنة تنتقل للجسم مباشرة وتؤدي لحدوث سرطان.

Exit mobile version