المتحدث الإعلامي للحزب الإسلامي الإريتري يواصل الحديث عن مأساوية الأوضاع بإريتريا

ـ نسعى لـ«تدويل» قضيتنا.. والأوروبيون يخشون من صومال آخر

أكد محمد نور كراني، المتحدث الإعلامي للحزب الإسلامي الإريتري، أن الأوضاع القانونية في عهد إثيوبيا بالرغم من كونها عدواً كانت أفضل من الأوضاع الحالية.

وأضاف كراني في الجزء الثاني من حواره مع «المجتمع» أن هناك ملفات كثيرة خاصة بحقوق الإنسان قد فتحت، وتم تصنيف إريتريا بأنها أسوأ بلد فيما يتعلق بحرية الصحافة،  حيث كانت هي وكوريا الشمالية متساوية في هذا الأمر، ومن ثم صارت إريتريا هي الأولى.

وحول القصور الإعلامي في التعامل مع القضية الإريترية؛ أضاف كراني: قصرنا في فضح النظام الإريتري وكشفه أمام العالم، في معارضنا ووسائل إعلامنا، كذلك ساعد في طمس الحقائق والتعتيم الإعلامي بعض القنوات العربية؛ حيث لا يتم مناقشة مأساة إريتريا بشكل واضح.

* كم عدد اللاجئين الإريتريين في الخارج؟

– نحن نقدر عدد اللاجئين في السودان فقط بمليون لاجئ، فنصف سكان إريتريا خارج بلدهم، وحسب التقارير الدولية يوجد 5 آلاف مواطن إريتري يعبرون الحدود سنوياً، إما إلى إثيوبيا أو إلى السودان هرباً من بلادهم.

وبلغ عددهم في أوروبا قبل عام 26 ألف شاب إريتري، دخلوا أوروبا عن طريق التهريب، وعددهم في السويد فقط 7 آلاف، وفي النرويج 6 آلاف، والجالية الإريترية هي الجالية الثانية من حيث العدد بعد الجالية السورية.

* هل يهدف النظام من وراء ذلك تفريغ البلد من سكانها المسلمين؟

– ليس بالضرورة، فهناك عدد من النصارى يهربون أيضاً، في البداية كانت في العام 1991م، حيث قام بالقبض على الدعاة المسلمين ووضعهم في معتقلات متعددة داخل البلاد، وحتى الآن لا يعرف أحد عنهم شيئاً، والآن جاء دور المسيحيين في الاكتواء بتلك النار التي اكتوى بها المسلمون، فكل من يطالب بالتعددية وحقوق الإنسان يتم اعتقاله سواء كان مسلماً أو نصرانياً؛ وبالتالي اللاجئون فيهم مسلمون ومسيحيون.

* بعد 25 عاماً من الاستقلال، كيف ترى إريتريا قبله وبعده؟

– لو قارنا الأوضاع القانونية في عهد إثيوبيا بالرغم من كونها عدواً كانت أفضل؛ فمن كان يتم اعتقاله في جبهة القتال الذي كان قائماً بين ثوار إريتريا وإثيوبيا، أو من يتم اتهامه بأنه يقوم بتهريب السلاح لمحاربة الدولة، كان يتم تقديمه للمحاكمة، ومكان سجنه معروف، والحكم الصادر بحقه معروف، أما الوضع الحالي في إريتريا فلا يعرف المعتقل لماذا سُجن، وأين يوجد السجين، وما التهمة، فقد يستمر السجين في المعتقل 30 سنة، فمن تم اعتقاله في العام 1991م مازالوا في المعتقل، ولم يتم تقديمهم للمحاكمة، ولا أحد يسأل عنهم.

* أين العالم والمنظمات الحقوقية مما يحدث في إريتريا؟

– رغم كل المآسي التي تحدث في إريتريا تم اعتقال 10 آلاف معتقل، من بينهم من قاتل ضد الاحتلال الإثيوبي، مثل وزير الدفاع، ووزير الخارجية، ونائب وزير الخارجية، وعدد كبير حتى من أنصار الجبهة الشعبية، ولا أحد يتحدث عنهم.

يوجد صحفي إريتري يحمل الجنسية السويدية اسمه داود إسحاق، معتقل منذ عشر سنوات، حين تجرأ على انتقاد النظام، والاتحاد الأوروبي طالب بالإفراج عنه، ولكن حتى الآن لا يزال في السجون.

* أين تقع إريتريا من حقوق الإنسان؟

– هناك ملفات كثيرة خاصة بحقوق الإنسان قد فتحت، وتم تصنيف إريتريا بأنها أسوأ بلد فيما يتعلق بحرية الصحافة،  حيث كانت هي وكوريا الشمالية متساوية في هذا الأمر، ومن ثم صارت إريتريا هي الأولى، وفيما يتعلق بالأديان أيضاً تعتبر إريتريا أسوأ بلد، والاضطهاد لم يشمل المسلمين فقط بل كل الطوائف الأخرى تعاني من وطأة النظام، حسب تقارير أمريكية والأمم المتحدة، وبالنسبة لحقوق الإنسان حدِّث ولا حرج، فلا يوجد محاكمات ولا تفعيل للقانون.

* هل يدري العالم بما يحدث في إريتريا؟

– نحن قصرنا في فضح النظام الإريتري وكشفه أمام العالم، في معارضنا ووسائل إعلامنا، كذلك ساعد في طمس الحقائق والتعتيم الإعلامي بعض القنوات العربية؛ حيث لا يتم مناقشة مأساة إريتريا بشكل واضح، فعلى سبيل المثال، هناك هروب جماعي لبعض السفراء من مقار عملهم، من بينهم سفيران في السويد، وسفير في الصين، وسفير في الاتحاد الأوروبي، وقنصل في دبي، وسفيرهم في الكويت قدَّم لجوء، فدولة بهذا الحجم يهرب منه دبلوماسيوه، هذا يعكس الوضع الداخلي للبلد والمأساة التي يتعرض لها السكان.

ومن القضايا المؤرقة التي نتعرض لها ما يتعلق بقضايا الاتجار بالبشر، في مصر طفل إريتري يحاول الهروب من الإسكندرية إلى إيطاليا في صحبة أمه، وعندما لم يستطيعا دفع الأموال للمهربين، أخذوا منهما أعضاءهما البشرية وقذفوا بهما في البحر، وللأسف هذه القضية لم يشر أحد إليها، ولم تتناولها وزارات الإعلام.

* اللاجئون الإريتريون في الخارج وخصوصاً في أوروبا لماذا لم يكوّنوا قناة فضائية لفضح النظام؟

– نحن يعترينا التقصير في ذلك الجانب، لكن الجانب الآخر يتحمله معنا إخواننا في المنطقة العربية، نحن أنشأنا بعض القنوات على «اليوتيوب»، ولدينا صفحات على الإنترنت لأناس مستقلين وبعض التنظيمات، أما القناة الفضائية فإن لها تبعات مالية هائلة، وعندنا ساعة في قناة «الحوار» تسمى «ملفات إريترية»، وبدأنا في مشروع راديو لكي نوصل صوتنا إلى داخل إريتريا، وكل هذا يحتاج إلى إمكانات مالية وميزانية، وحتى الآن ليس لدينا أي نوع من الدعم، فتلك المشاريع التي تتحدث عنها في حاجة إلى دول، وليست منظمات لا تملك من الأموال إلا القليل.

الأفكار والاستعداد والكفاءات والفكرة موجودة، وكل ذلك في حاجة لإمكانات مادية ضخمة.

* مثل هذه المآسي هل تصل للرأي العام العالمي؟

– نعم، العالم كله يدري بتلك المآسي، فقبل 3 أعوام حدثت مأساة لحوالي 365 شاباً إريترياً معهم أطفال ونساء، حيث غرقوا أمام السواحل الإيطالية، وظهرت جثثهم في إيطاليا، فقام الاتحاد الأوروبي بتنكيس أعلامه، وإيطاليا اعتبرتها مأساة إنسانية، والسفارة الإريترية لم تكلف نفسها بالمجيء حتى لأخذ الجثث ودفنها، والعالم كله يعرف تلك الحقيقة، وعملنا مظاهرة ضخمة في إيطاليا أمام البرلمان.

* أين تحرككم في محكمة الجزاء الدولية أو الأمم المتحدة؟

– السعي لتدويل القضية موجود، حيث استطعنا جمع توقيعات لـ7 آلاف مقيم في أوروبا لتدويل القضية في سويسرا، ولكن خوف الأوروبيين من أن تتحول إريتريا إلى صومال آخر، لذا يحبذون بقاء الوضع على ما هو عليه، والبعض يرى أن «أسياسي» يخدم مصالحهم، وفي حالة سقوطه تتأثر هذه المصالح؛ لذا يجب أن يبقى حتى يتم تدبير البديل المناسب الذي يقوم بالدور نفسه. 

يجب علينا أن نتحرك لتعديل الأوضاع في إريتريا، لأن أجدادنا حينما قاموا بالثورة استخدموا بنادق صدئة، وبرجال لا يتجاوز عددهم 10 أشخاص، وفي النهاية استطاعوا الانتصار.

هل هناك تفكير في الكفاح المسلح؟

– نحن لدينا في الحزب جناح عسكري، ولدينا معسكر في إثيوبيا، وعندنا عدد كبير من التنظيمات لديها أجنحة عسكرية موجودة في إثيوبيا، لكن إثيوبيا أيضاً لها حساباتها الخاصة نتيجة خلافاتها مع إريتريا.

* كيف تقيم حجم المعارضة لـ«أسياسي أفورقي» في الخارج والداخل؟

– معظم التنظيمات في الخارج ومن بينها الحزب الإسلامي، حيث اتفقنا على مظلة ننضوي تحتها، وأطلقنا عليها المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي، ويوجد أكثر من 20 حزباً، وأكثر من 15 منظمة مجتمع مدني، ونظم اجتماعاً في إثيوبيا واختار إدارة وعقد مؤتمره الثاني، وهذه المظلة توافقنا فيها على حد أدنى، حيث اتفقنا على 4 بنود؛ خارطة الطريق، كيفية إسقاط هذا النظام، الدستور المؤقت لإريتريا، وأن هذه المعارضة تحاول تأمين التغيير القادم بحيث يكون تغييراً كاملاً، وصندوق الانتخابات هو أساس التغيير.

* هل المعارضة متفقة أم متفرقة؟

– الاختلافات موجودة، ولكن المجلس الجديد جمع القوى الوطنية تحت هذه المظلة، ورؤيتنا الإستراتيجية الحفاظ على هذه المظلة الجامعة، حتى لا يحدث تفرق ونستفيد من التجارب التي مرت بها الشعوب حينما يحدث التغيير.

* هل توجد أحزاب مسيحية في المعارضة؟

– في المجلس الوطني يوجد اليساريون واليمينيون والإسلاميون والمسيحيون، ونحن نلتقي مع كل التنظيمات بما فيها المسيحيون، واتفقنا على التعايش المشترك فيما بيننا كما كان في السابق، وأقل شيء نحقق دولة النجاشي الذي لا يظلم عنده أحد، سواء كان الحاكم مسلماً أو مسيحياً.

* هل تستطيع المنظمات الخيرية الإسلامية الوصول إلى إريتريا؟

– لا تستطيع، حتى جماعة التبليغ لا تستطيع الوصول إليها، ومن يدخل منهم يتعرض للاعتقال، أما ما يخص منظمات المجتمع المدني الأوروبية، فالنظام يشترط عليها تقديم المساعدات للنظام وهو يقوم بتوزيعها، ولهذا حدث نوع من الخلاف بين النظام وتلك المنظمات، وعودة اللاجئين كان من المتوقع أن تتبناه الأمم المتحدة، ولكن النظام قام بتوطين اللاجئين في المناطق التي يراها وليس الرجوع إلى أراضيهم وقراهم ومزارعهم، ولهذا توقف برنامج العودة.

كيف ترى المستقبل في إريتريا؟

– النظام زائل لا محالة؛ لأن كل المعطيات الموجودة على الساحة تقرب من زوال هذا النظام، فلا يوجد له صديق، حتى الناس الذين كانوا يدعمونه وصلوا إلى قناعة بأن أبناءهم أصبحوا يباعون ويشترون، والشباب في معظمه يهاجر أو يفكر في الهجرة، والخوف من تصرفات هذا الحاكم غير المسؤول من أن تكون نتيجة سياساته أن يتوجه العالم إلى دمج إريتريا في إثيوبيا، وتكون لإثيوبيا الأنهار والبحار، ونعيد الكرة من جديد.. ولكننا نتوقع سقوط هذا النظام قبل الوصول لتلك المرحلة، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الإريتريين؛ مسيحيين ومسلمين، وصلوا إلى وعي، فحواه أنه بدون التعايش السلمي والاعتراف بالآخر، لا يمكن أن يكون هناك استقرار.

* هل سيحكم «آفورقي» الذي جلس على كرسي الحكم منذ شبابه إريتريا للأبد؟

– الحين هو يتجاوز الستين، ونحن نتوقع سقوطه قريباً، خصوصاً في ظل وجود نزاع بين الجنرالات في الجيش الإريتري، وقد يجر ذلك البلد إلى أتون حرب أهلية، خصوصاً أن كل الشباب مسلح في إريتريا، وبقرار من الحكومة أن كل شخص يكون لديه «كلاشينكوف» و70 طلقة، ولو حدث أي انفلات أمني سيحدث ما لا يحمد عقباه.

لذا نقول للسودانيين والإثيوبيين وبقية دول الجوار: الأفضل لكم أن يكون هناك تغيير آمن في إريتريا، بدلاً من أن يكون هناك انفلات أمني فيها، وذلك قد يؤدي لحرق المنطقة بأكملها.

Exit mobile version