«الفيتو» (حق الاعتراض).. أداة للقتل!

بعد الحرب العالمية الثانية اتفقت الدول المنتصرة (دول الحلفاء وروسيا) على إعطاء نفسها حق «الفيتو» (النقض) للتصويت على القرارات بما يضمن لها حق الاعتراض وإسقاط تنفيذ أي إجماع في مجلس الأمن الدولي، واعتبرته حقاً أبدياً مكتسباً ومكافأة وتشجيعاً لها لتأسيس هيئة الأمم المتحدة، ولقد تم خلال ما يقارب 7 عقود الاعتراض على الكثير من القرارات التي تتعارض ومصالح الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين) أو يتعارض مع حلفاء هذه الدول.

فمنذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945م استخدم الاتحاد السوفييتي «الفيتو» حوالي 120 مرة، والولايات المتحدة 87 مرة، وبريطانيا 32 مرة، وفرنسا 18مرة، بينما استخدمته الصين 5 مرات.

وكان استخدام الاتحاد السوفييتي لحق «الفيتو» واسعاً جداً في الفترة بين عامي 1957 و1985م، ففي السنوات العشر الأولى من عمر المنظمة الدولية، استخدم الاتحاد السوفييتي حق «الفيتو» 79 مرة.

وخلال الحرب الباردة استخدم الاتحاد السوفييتي حق «الفيتو» باستمرار وبشكل روتيني، لكن في السنوات الأخيرة استخدمت الولايات المتحدة حق «الفيتو» باستمرار لحماية الكيان الصهيوني من الانتقادات الدولية، أو من محاولات الحد من أعمال الجيش «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما صوتت الولايات المتحدة ضد 10 قرارات تنتقد جنوب أفريقيا، و8 حول ناميبيا، و7 حول نيكاراجوا و5 حول فيتنام، وكانت الدولة الوحيدة التي أعاقت صدور 53 قراراً.

ومن بين مشاريع القرارات الاثنين والثلاثين التي صوتت ضدها بريطانيا، هناك 23 مشروع قرار صوتت إلى جانبها الولايات المتحدة، و14 صوتت ضدها فرنسا أيضاً.

كما وقد استخدمت الصين حق «الفيتو» مرتين عام 1972م؛ الأولى لإعاقة عضوية بنجلاديش، ومرة أخرى مع الاتحاد السوفييتي حول الوضع في الشرق الأوسط، كما استخدمت حق «الفيتو» عام 1999م لإعاقة تمديد تفويض قوات الأمم المتحدة الوقائية في مقدونيا، وفي عام 1997م لإعاقة إرسال 155 مراقباً من مراقبي الأمم المتحدة إلي جواتيمالا.

وقد نالت منطقتنا العربية قسطاً كبيراً من الأضرار والاستبداد العالمي نتيجة ممارسة هذه الدول، وخصوصاً الولايات المتحدة، وروسيا لحق «الفيتو»، حيث ساهمت هذه القرارات في فشل الكثير من محاولات التفاهم الإقليمي والمحلي لحساب المصالح الدولية.

ولقد استفادت دولة الكيان الصهيوني أيما استفادة من تمكنها في فلسطين والمنطقة العربية؛ بسبب وقوف الولايات المتحدة ودول كبرى ضد القرارات الرادعة للاحتلال، ولاغتصاب فلسطين والأراضي العربية المحيطة بفلسطين كسيناء ولبنان وسورية والأردن، كما حدث في حرب عام 1967، ولبنان عام 2006، وقطاع غزة عام 2008م.

وها نحن شاهدون على الجرائم الوحشية لروسيا في سورية والداعمة لجرائم الإبادة التي يمارسها نظام “بشار” ضد الشعب السوري؛ حيث اعترضت روسيا على كل المشاريع الدولية التي من شأنها أن توقف الحرب ضد المدنيين، أو تدين النظام السوري لحصاره للمدنيين أو إدخال المساعدات الإنسانية أو إنشاء مناطق عازلة، أو فرض عقوبات على نظام “الأسد”، ولقد صوتت روسيا ضد ما يقارب 6 قرارات بهذا الشأن.

لقد أدى هذا الحق (الفيتو) إلي الإضرار بالسلام العالمي، وساهم في إذكاء الحروب وقتل المدنيين وملايين من أبناء البشرية، وحان الوقت للوقوف ضده، إذ إن استمرار هذا الحق سيفرض حالة الإرهاب الدولي على العالم ، ويساعد في ازدهار الاستبداد والأنظمة الدكتاتورية، ويساهم في إذكاء الصراع الدولي والإقليمي.

لقد آن الأوان أن تتوحد جهود الشعوب الإنسانية ودولها للتكاتف لإلغاء هذا الحق، وإعادة تشكيل مجلس الأمن بالنظام الديمقراطي، وإعطاء الدول وشعوبها حق تمرير القرارات الدولية التي تساعد على نصرة المظلوم وإيقاف طغيان تجار الحروب وسماسرة السياسة الدولية، وهناك حالياً نداءات مشجعة من دول ذات وزن وثقل كالهند والبرازيل وألمانيا وتركيا ومجموعة من الدول العربية والأوروبية ودول أمريكا الجنوبية وآسيا لإلغاء نظام التصويت والحق الحصري للدول الكبرى الخمس بـ «الفيتو» على سيادة وقرارات الدول وشعوب العالم.

Exit mobile version