نقص الدواء.. كارثة تهدد حياة ملايين المصريين

تشهد السوق المصرية نقصًا حادًا في أصناف الدواء بما يقرب من 4 آلاف صنف دواء وتعد أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكر والكبد والمحاليل الطبية وأدوية الأورام والصرع والقلب وأنواع الأنسولين ومشتقات الدم من أبرز الأصناف الناقصة من السوق.

ها وقد اختفت العديد من الأدوية من داخل المستشفيات الحكومية في مصر، اليوم الأحد، بعد تهديد الصيادلة بخوض إضراب جزئي يوم 15 يناير المقبل، احتجاجاً على رفع سعر الأدوية وعدم تعاون الشركات معهم في إنتاج الأدوية.

وكشف أستاذ المسالك البولية الدكتور عادل حسين، أنّ أطباء مستشفى المطرية ومستشفى الزهراء والدمرداش وحلوان العام وبنها الجامعي وأسيوط وسوهاج ومستشفى الشاطبي في الإسكندرية، رفضوا إجراء أي عمليات اليوم بسبب عدم توافر الكثير من الأدوية التي يحتاجها المريض، سواء قبل أو بعد العمليات، خاصة الأدوية المخدرة والمسكنات، وهو ما ينذر بكارثة صحية للكثير من المواطنين.

وأضاف الدكتور أن كثيراً من السيدات الحوامل وبعض المرضى من الرجال توجهوا إلى عدد من المستشفيات الاستثمارية والخاصة، التي رفعت الأسعار بطريقة كبيرة خلال الساعات الماضية، مؤكداً أن تلك المستشفيات طلبت من المرضى إحضار عدد من الأدوية من الخارج قبل إجراء أي عملية، والشراء من المستشفى بمبلغ أعلى وهو ما جعل الكثير من المرضى بين نارين، إما الوفاة من الألم أو الرضوخ لطلبات المستشفيات الخاصة.

وكشف أن اختفاء “فايو دنتال” المخدر أثناء العمليات يعد كارثة طبية كبيرة، وسوف يؤدي إلى تأجيل الكثير من العمليات، مشيراً إلى أن هناك الكثير من العمليات لا تحتاج إلى تأخير، مثل عمليات “الزائدة الدودية” وعمليات إجراء الحصاوي والولادة القيصرية، فضلاً عن أن السوق المحلية يشهد حالياً عجزاً كبيراً في كل أنواع المحاليل، ومن ضمنها محاليل الجفاف، وهذا أمر خطير، كما يشهد السوق الآن انعداماً في ملينات الكبد، وذلك بعد أن ارتفع سعرها 100% وعلى الرغم من ذلك إلا أنها ليست موجودة في الأسواق، مضيفاً أن البخاخات المضادة للحروق مختفية أيضاً، وأدوية الغدة، وأدوية القلب، موضحاً أن اختفاء الأدوية خلال تلك الفترة أمر غير طبيعي لأن كل الأدوية المختفية مهمة وخطيرة جدًا تخص أمراضاً معينة تسبب الوفاة.

يذكر أن هناك عدداً من أنواع الأدوية مختفية في الصيدليات المصرية بسبب عدم قيام شركات الأدوية بطرحها للمطالبة برفع سعرها، خاصة بعد رفع سعر الدولار أمام الجنيه، وهو القرار الذي اتخذته الحكومة مؤخراً والذي كان له آثار سلبية على الجنيه بعد “تعويمه”، من بينها أدوية لعلاج أمراض السرطان وسيولة الدم والأمراض العصبية والجلطات، والأدوية المخصصة للأطفال، وأدوية التخدير الكلي والنصفي والإفاقة في المستشفيات، مما أدى إلى إلغاء العديد من عمليات القلب للأطفال.

ومن الأدوية المختفية الخاصة بالأمراض النفسية والعصبية والاكتئاب، والالتهابات الجلدية، ومعظم المحاليل الطبي، مثل محلول “الملح” و”رينجرز” و”منتول” وحقنة “أنتي آر إتش” لحالات الولادة، و أدوية الضغط، وأدوية القلب، بالإضافة إلى الأمصال واللقاحات ومضادات الفيروسات، وكذا المراهم الخاصة بالعيون والقطرات.

وهناك تخوف لدى الكثير من المستشفيات، مع سقوط الأمطار والسيول التي تضرب عدداً من المحافظات، خاصة محافظات الوجه البحري، وإصابة المواطنين بالأمراض أو لدغات الثعابين أو العقارب، والحوادث مثل الكسور والإصابات، وإحالتهم إلى تلك المستشفيات التي ليس بها أي أنواع الأدوية، الأمر الذي يؤدي إلى الوفاة.

من جهته، قال مدير المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد: إنّ مصر لديها نقص حاد بألفي صنف دواء، منتقداً طريقة تعامل وزارة الصحة مع أزمة النقص الحاد في الأدوية الحيوية على مدار العشرة أشهر الماضية، مما يهدد حياة المريض بالخطر، مشيراً إلى أن حياة جميع المرضى في الوقت الراهن في يد السوق السوداء، مشدداً على ضرورة التدخل الفوري بضرورة توافر الدواء لكونه أمن قومي يحتاجه المواطن مثل “الهواء” وبدون الدواء الموت البطيء ينتظر الملايين من الشعب المصري.

من جانبها، أكدت نقابة الصيادلة أنها مستمرة في قرار الإضراب رغم الضغوط الكبير التي تجريها عليها حالياً الحكومة بإلغاء هذا القرار في الوقت الحالي لخطورته على الوضع العام في مصر.

وأكد عضو نقابة الصيادلة الدكتور حسام كمال، أنّ الحكومة تحاول عن طريق عدد من مؤيديها إفشال الإضراب في محاولة من جانبها للوقيعة بين الصيادلة والمرضى في الشارع، مؤكداً أن جميع الصيادلة يؤيدون الإضراب الجزئي في ميعاده تمهيداً للإضراب الكلي، وأن هذا الإضراب هو لمصلحة المواطن في ظل الارتفاع المستمر للأدوية، ونقص الكثير من الأدوية الهامة لكثير من المرضى، وقال إن الحكومة اعتادت على “سياسة الضرب تحت الحزام”، رافضاً الإذعان لمطالبهم ومطالب شركات الأدوية.

وأضاف المسؤول النقابي، أنّ وزارة الصحة تتعمّد تهميش الصيادلة حتى في اتخاذ قرارات إعادة تسعير الدواء مرة أخرى. كما أوضح أن الصيادلة لديهم اعتراضات أيضاً على سياسة تسعير الدواء من جديد، مشيراً إلى أن إعادة التسعير يجب ألا تشمل كل الأصناف، إذ إن بعضها ليس بحاجة لتسعير جديد.

توجّه الحكومة لرفع أسعار الدواء مجددًا

توقّع خبراء أن الحكومة ستعمل لعلاج الأزمة على زيادة تسعيرات الأدوية بنسب مختلفة وسيضطر المواطن لتحمل تبعات زيادة الأسعار فلا وجود لبديل آخر أمامه، حيث حرّكت الحكومة المصرية قبل نحو 6 أشهر أسعار نحو 7200 صنف دواء بنسبة 20% على الأسعار الأقل من 30 جنيهًا، ومن المقرر أن تقر الحكومة زيادة جديدة لتضاف إلى الضربات المتتالية التي تلقاها الشعب المصري وخصوصًا الفقراء منهم، والذي يكاد يصبح تأمين المواد الأساسية ضربًا من المستحيل تحت هذه الظروف القاهرة.

إذ من المقرر أن تقر الحكومة زيادات جديدة بواقع 50% للأصناف الدوائية الأقل من 50 جنيهًا و30% للأدوية التي يتراوح سعرها ما بين 50 إلى 100 جنيه و25% للأدوية ما بين 100 إلى 150 جنيهًا مع تطبيق زيادة 30% على جميع الأصناف المستوردة، بعد لقاء لوزير الصحة بعدد من ممثلي شركات الأدوية المحلية والأجنبية وعلى رأسهم رئيس غرفة صناعة الدواء رجل الأعمال أحمد العزبي صاحب سلسلة صيدليات كبرى.

وعقب ظهور أنباء عن نوايا الحكومة بزيادة جديدة لأسعار الأدوية، علقت الصيدليات المصرية بيع الكثير من الأدوية المهمة للمواطنين بحجة عدم توفرها انتظارًا لقرارات الاجتماعات الوزارية القادمة.

علمًا أن الحكومة تكون بهذا قد رضخت لشركات الأدوية التي طالبت الحكومة رسميًا برفع أسعار أكثر من 900 صنف دواء جراء ارتفاع سعر الدولار المتصاعد أمام الجنيه.

نقيب الصيادلة: نقص الدواء في مصر “مهزلة”

وأكد نقيب صيادلة مصر الدكتور محيي عبيد، أن ما يحدث في مصر من نقص الأدوية وارتفاع أسعار عدد كبير منها يُعدّ “مهزلة” لم تحدث في البلاد من قبل، مؤكداً أن قرار الجمعية العمومية بالإضراب يوم 15 يناير المقبل، هو بهدف الوقوف بجانب المواطن وليس ضده، مشيراً إلى أن الصيادلة هم “وسيط” بين المريض والشركات التي تقوم بتوريد الدواء.

وأضاف الدكتور عبيد خلال مؤتمر صحافي عقده، اليوم الإثنين، بمقر النقابة العامة للصيادلة أن النقابة حريصة على توفير الدواء الآمن والفعال للمريض، وأن شركات الدواء لم تلتزم بتوفير الأدوية الناقصة في السوق بعد رفع الأسعار في مايو الماضي، موضحاً أن ما تتحجّج به شركات الدواء من تكبّدها خسائر غير صحيح، واصفاً إياه بالكلام الوهمي.

وأوضح أنه بعد تحرير سعر الصرف لم تستورد أي شركة أي مادة خام، متسائلاً: أين تكبد الخسائر؟ مشيراً إلى أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد كان يعلن من قبل أن “رفع الأسعار على جثته”، متسائلاً: “لماذا تراجع وزير الصحة عن قراره وقام برفع أسعار الدواء؟! خصوصاً أن أكثر من 70 في المائة من الشعب المصري في حاجة ماسّة للدواء.

واعترف نقيب الصيادلة بوجود “مافيا الدواء” استطاعت الضغط على وزير الصحة لرفع الأسعار، مشيراً إلى أن نقص الدواء يعد كارثة كبيرة، خاصة على مرضى الضغط والسكري والكلى، فضلاً عن المحاليل التي اختفت من السوق وهي ضرورية للمرضى بعد إجراء العمليات، متهماً وزارة الصحة وموزعي الأدوية بـ”ممارسة الضغط” على السلطات للحصول على زيادة في أسعار الأدوية.

واعتبر أن مصر تمر بأصعب اللحظات في منظومة الدواء، الأمر الذي يضع الصيدلي في حرج أمام المريض، لافتاً إلى أن هناك أكثر من 3 آلاف صنف في السوق غير متوفر نهائياً وجميعها أدوية مهمة للمريض، رغم وجود قرار من قبل مجلس الوزراء في مايو الماضي يؤكد على جميع شركات الأدوية بضرورة توفير جميع الأدوية في السوق.

وإذا لم تلتزم الشركات بذلك، تقوم اللجنة الفنية بالإدارة المركزية بوزارة الصحة بسحب التراخيص منها نهائياً، مؤكداً أن الحكومة ووزارة الصحة لم تقوما بأي إجراء تجاه الشركات المسؤولة عن نقص الأدوية في الأسواق حتى اليوم، وأن أعداد الأصناف الناقصة في ارتفاع يومياً والجميع في انتظار إجراءات حاسمة في هذا الشأن.

Exit mobile version