التسويق الخيري وأثره على المنفعة

تسعى المؤسسات الخيرية والإنسانية لتسويق مشاريعها إلى جمهور المتبرعين على اختلاف شرائحهم وبيئتهم التي يعيشون فيه والتعرف على المحرك الفعلي لهذا العمل الخيري، ويعرف هذا في علم التسويق بأنه: كيف يتجه المستهلك النهائي نحو اتخاذ “قرار الشراء”؟!

يتأثر قرار التبرع لدى المتبرع بشكل كبير من سلوك المستهلك نفسه (المتبرع)، وللعلم فالمتبرع يمر بأربع مراحل أساسية حتى بقوم باتخاذ هذا القرار وهي:

1- طبيعته المتبرع:

مثل ثقافته والطبقة الاجتماعية ومستوى التدين ووظيفته

٢- طبيعة السلعة (المنتج أو الخدمة):

مثل الجودة والسعر ومدى انتفاع المستهلك (المتبرع) من الخدمة أو المنتج.

٣- طبيعة البائع:

أسلوب تقديم الخدمة أو المنتج والسمعة والولاء اللي يمكن أن يصنعه مع المتبرع تجاه المؤسسة وخاصة معرفته بنفسيات المتبرعين وهي معروفة ومدروسة فيما نسميه “سلوك المستهلك”.

٤- طبيعة الموقف الشرائي:

التزامنا بالمعايير مثل الوقت والمواصفات ودقة المعلومات اللي قلناها له مثل مدى الحاجة وسرعة الوصول للمحتاج وما شابه وهذا يقلل من أن يقوم المتبرع بالبحث عن بدائل في السوق.

كما أن المنفعة لم تعد مقصورة على طرفين في عملية البيع (التبرع) إنما يدخل معهم طرف ثالث وهو المستفيد الفعلي (الفقير أو المحتاج) ويؤثر رد فعله من إظهار المنفعة التي يجنيها من هذا التبرع.

ومن جانب آخر يعتقد البعض بفكرة الولاء الدائم للمتبرع والخاص بمؤسسته، والحديث يطول في هذا لكن أحب التأكيد على أن فكرة الاعتماد على ولاء العميل بشكل مطلق لضمان التبرع منه هي فكرة خاطئة، وهنا نقول أن ولاء العميل ينقسم إلى قسمين:

١- ولاء للمؤسسة

٢- ولاء للمنتج

وهذا يحتاج جهد كبير من المؤسسة الخيرية في تقديمها لمجموعة الخدمات مثل السرعة في الأداء والشفافية في العمل والسهولة في الإجراءات، وحتى القرب من المتبرع ( الموقع الالكتروني مثلا أو فروع التحصيل المنتشرة في المناطق ) ومع ذلك فان تغير الخدمة أو السعر يؤثر بشكل مباشر على هذا الولاء إما بشكل إيجابي أو سلبي.

تتعدد المنافع التي يطلبها المتبرع والتي تحققها عملية التسويق، ويقوم النشاط التسويقي بخلقها لدى المتبرع ومنها: 1- المنافع الشكلية:

تُخلق المنفعة الشكلية عندما تقوم المؤسسة الخيرية بتحويل مواد غير ذات نفع كمواد خام إلى منتج مفيد يشعر المتبرع بأنها ذات منفعة كبيرة.

2- منفعة أداء المهمة:

يتم خلق هذه المنفعة عندما يقوم شخص بأداء مهمة معينة فعلى سبيل المثال عندما يقوم أحد العاملين في المؤسسة الخيرية بخدمة لأحد العملاء فالمنفعة هنا تكون منفعة أداء مهمة معينة.

والواقع أن مجرد ابتكار مشروع معين أو أداء مهمة معينة لا يعني بالضرورة تحقيق رضا المتبرع، بل يجب أن يتصل ابتكار المشروع أو أداء المهمة في تحقيق رغبة معينة للمتبرع، وإلا فلن تكون هناك حاجة لإشباع احتياجاته ولم تتحقق المنافع.

ويشير ذلك في الواقع إلى دور التسويق في توجيه تحديد المشاريع الخيرية من خلال توفير ما يرغب به المتبرع، والتعاون بين التسويق وقسم المشاريع في خلق المنفعة الشكلية ومنفعة أداء المهمة.

3- المنفعة الزمنية:

ويتم خلق هذه المنفعة عن طريق إتاحة المشروع الخيري في الوقت الذي يريده المتبرع.

4- المنفعة المكانية:

ويتم خلق هذه المنفعة المكانية عن طريق توفير المشروع في المكان الذي يرغبه المتبرع، فإذا رغب أحد المتبرع في التبرع لحفر بئر، فليس من المتوقع أن يذهب إلى مناطق العمل ويقارن بين الأنواع المختلفة للآبار ليتخذ قرار بالتبرع لهذا البئر، ولكن عندما تقوم المؤسسات الخيرية بتجهيز كل المعلومات المطلوبة للبئر من خلال فروع تحصيل التبرعات، تساعد المتبرع على فحص البدائل المختلفة وتقييمها واختيار الأفضل منها فإنها تكون قد قامت بخلق المنفعة المكانية.

ولا يقتصر أهمية تحقيق المنفعة المكانية والزمنية على المنتجات الملموسة ولكن تمتد أيضا أهميتها في مجال الخدمات.

5- المنفعة الحيازية:

وهنا يأتي الأشكال بين طبيعة العمل الخيري في أنه بخلق منفعة حيازية لشخص آخر، وليس نفسه المتبرع والمنفعة الحيازية تعني الحصول على المنتج أو الخدمة وتوافر الحق في استخدامها أو استهلاكها والواقع أن المستهلك دائما ما يقوم بمبادلة النقود في مقابل شيء له قيمة أو شيء يمكنه تملكه الأمر الذي يوضح أهمية هذه المنفعة بالنسبة للمستهلك، لكنها تحتاج لطريقة إبداعية لنحقق ذلك في ظل هذا الاختلاف بين من يقدم النقود ومن يمتلك المنتج أو المستفيد من الخدمة.

والواقع أن كل من المنفعة الشكلية ومنفعة أداء المهنة يتم خلقها بواسطة وظيفة الإنتاج ولكن وفقا للمعلومات التي يحصل عليها من التسويق بشأن رغبات المتبرع وتفضيلاته وحجم الطلب على المشاريع والخدمات وجودتهما وقياسها من خلال الطرف الثالث وهو المستفيد. 

 

Exit mobile version