في رحيل المعوشرجي.. بصمات لا تمحى في ذاكرة الكويت

توفي العم محمد صقر سعد المعوشرجي، وزير الأوقاف الأسبق، وأحد أبرز رجالات العمل الخيري والدعوي عن عمر يناهز 89 عاماً، وقد وري جثمانه الثرى يوم أمس الأحد، بعد تاريخ حافل بالبطولات والإنجازات التي ساهمت في إعمار الكويت.

المعوشرجي وُلد في حي الوسط بالقرب من سوق ابن دعيج في بيت جده في عام 1927م، ثم انتقل إلى المرقاب، ثم إلى جبلة بفريج «المهارة» بالقرب من بيوت العدساني والسميط.

وقد شغل رحمه الله العديد من المناصب وعلى رأسها وزير الأوقاف، ومدير عام البلدية، وعضو مؤسس في الجمعية الخيرية للتضامن الاجتماعي، ورئيس الصندوق الوقفي للقرآن الكريم، ورئيس مسابقة الكويت الكبرى لحفظ القرآن الكريم.

وتتقدم “المجتمع” بخالص العزاء والمواساة لأسرة الفقيد ومحبيه، وتسأل الله تعالى أن ينير قبره ويغفر ذنبه ويسكنه فسيح الجنان.

تعليمه وعمله

تعلم في المدرسة المباركية، وأساتذته السيد عمر عاصم، وعبدالرحمن الدعيج، وعبدالعزيز عبدالله الفارس، وسالم الحسينان، ويوسف العمر، وعبدالله العمر، ومن زملائه المرحوم بإذن الله العم عبدالله العلي المطوع، وعبداللطيف العمر، ومحمد أحمد الفارس، وعبدالوهاب عبدالرحمن الدعيج، ثم انتقل إلى مدرسة الملا مرشد السليمان.

عمل في بداية حياته عند عائلة محمد الداود المرزوق وإخوانه، واكتسب خبرة، ثم انتقل إلى العمل الحكومي في البلدية، وكان عمره يناهز 20 عاماً، وعُيّن كاتباً في المستودعات، ثم رئيساً لقسم شؤون الموظفين، وتدرج في السلك الوظيفي إلى أن وصل إلى منصب الوكيل المساعد للشؤون الصحية، وفي سنة 1971م عُيّن مديراً عاماً لبلدية الكويت، وكان رئيس البلدية حينذاك بدر الشيخ يوسف القناعي، واستمر العم محمد صقر المعوشرجي في منصبه إلى عام 1980م، وطلب التقاعد وعُيّن عضواً في المجلس البلدي في العام نفسه، ثم انتخب نائباً لرئيس المجلس البلدي، وكان الرئيس حينذاك العم عبدالعزيز العدساني، رحمه الله.

ثم عمل بعد وزارة الأوقاف رئيساً للصندوق الوقفي بالأمانة العامة للأوقاف، ورئيساً للجنة القرآن الكريم، ولجنة مسابقة الكويت الكبرى للقرآن الكريم التي أقيمت برعاية سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد – رحمه الله – وكان للرجل دور كبير في تأصيل هذه المسابقة التي أصبحت اليوم معلماً بارزاً في سماء الأمانة العامة للأوقاف.

بطولاته وإنجازاته

يقول يوسف عبدالرحمن في رثاء المرحوم: العم محمد صقر المعوشرجي رحمه الله أحد أبرز رجال الكويت المخلصين الذين قدموا جهدهم من أجل «الديرة وأهلها»؛ بخدماتهم الجليلة وبصماتهم التي لا تمحى، وسجلها صقر التاريخ لهم في صفحات المجد والخلود عند أهلهم وشعبهم في بحر عطائه وسجاياه وإسهاماته ومكانته في قلوب الناس ومحبيه.

ويضيف: عمل العم المعوشرجي أعمالاً بطولية أثناء الاحتلال العراقي، وكان يعمل مع صديقه المرحوم بإذن الله عبدالعزيز جعفر في توزيع الأموال التي تصل من الحكومة للصامدين من الشعب الكويتي الوفي المرابط في الداخل، وكان ممن اقترح أن تزال جميع العناوين في المنطقة حتى لا يتعرف «الضباط العراقيون» ومخابراتهم على عناوين الأهالي.

ويقول مبارك المعوشرجي في رثاء المرحوم: إن من الصعب جداً أن ترثي إنساناً بمكانة العم محمد صقر المعوشرجي – رحمه الله – وتوفيه حقه، فهو بمثابة الأب أو الأخ، والصديق، والقدوة، والمعلم، والمشير، للكثيرين ممن عرفوه أو عملوا معه، وما دخلت عليه يوماً إلا ووجدته «هاشّاً باشّاً»، وما خرجت من مجلسه إلا وازددت علماً، واستفدت من نُصحه وتفاءلت من دعائه، وما سألته سؤالاً إلا وجدت لديه الجواب الشافي، أو دلني أين أجد الجواب.

ويضيف قائلاً: أبو خالد – طيب الله ثراه – من الرعيل الأول الذي ساهم في بنيان الكويت الحديثة منذ بداية النهضة في القرن الماضي عبر عمله في بلدية الكويت عدة عقود، وتدرج في مناصبها حتى وصل إلى منصب المدير العام، ثم عُين نائباً لرئيس المجلس البلدي، وبعد راحة من العمل فترة، عاد ليتقلد منصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في حكومة إعادة الإعمار التي شُكّلت بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، ترك فيها بصمات عديدة مثل إنشاء الصناديق الوقفية المختلفة، وتنظيم العمل الخيري في الكويت، وقد كرّمته الدولة – وهو أهلٌ للتكريم – مرات عديدة، كان آخرها أثناء تكريم مديري البلدية السابقين تحت رعاية وحضور صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد – حفظه الله ورعاه – حيث أصرّ سموه على النزول من المسرح لتسليم شهادة التكريم بيده للعم «بو خالد» الذي أعجزه المرض عن الصعود إلى منصة التكريم.

ويتابع: في ديوانه الأسبوعي العامر تجتمع أطياف المجتمع الكويتي من مختلف الأجيال والثقافات، فترى الأديب والشيخ والسياسي والمؤرخ، يُثرون ضيوفه بعلمهم ويأخذون منه الخبرة والرأي، ويستمعون لتاريخ كويتهم، والبعض يستعير نادر الكتب من مكتبته التي تُعد إحدى أكبر وأقدم المكتبات الشخصية في الكويت.

Exit mobile version