متحدث “إخوان” سورية لـ”المجتمع”: حلب تقاوم احتلالاً همجياً مزدوجاً

– غاب عن حلب القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان وغاب الصديق وانقطع المدد إلا من الله

– العالم مشترك في الجريمة بالاشتراك المباشر أو غير المباشر بفرض حظر التسليح على المعارضة

– الحرب التي تشن على شعوب المنطقة حرب وجودية والمشروع الصفوي يسير على خُطى المشروع الصهيوني

– منظمات الإغاثة الإنسانية الأممية فضيحة أخرى من فضائح الأمم المتحدة في سورية

على وقع القنابل العنقودية والفسفورية وبراميل البارود، التي تلقيها روسيا ونظام السفاح بشار الأسد فوق رؤوس السوريين، انسحب الثوار من مساحات كبيرة من حلب الشرقية، فيما اعتبره النظام ومليشيات إيران انتصاراً كبيراً، وتمهيداً لعودة سورية إلى الحظيرة النصيرية.

“المجتمع” التقت زهير سالم، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، وكان هذا الحوار في وقت تُوشك فيه حلب أن تقع بيد نظام بشار الأسد.

– حلب هي حاضرة من حواضر العالم الإسلامي الكبرى، تصطف على السواء مع القاهرة وبغداد وإسطنبول ودمشق، حين نتحدث عن حلب من الناحية الإستراتيجية فنحن نتحدث عن مدينة ظلت ثغر الأمة (الجبهة المواجهة للعدو) على مدى عشرة عقود (أي حتى القرن العاشر الهجري، الخامس عشر الميلادي)، حيث بسط الأتراك العثمانيون سيطرتهم الكاملة على الأناضول وفتحوا القسطنطينية، كانت حلب ثغر دمشق وثغر بغداد وثغر القاهرة، لن نطيل الحديث عن حلب الحضارة والثقافة والاقتصاد، وإنما نريد أن نذكر بالصمت المذهل الذي يتحلى به المسلمون والعرب قادة ونخباً وشعوباً جراء ما يجري في حلب.

والحقيقة الثانية التي يجب أن نقرع الجرس حيالها هي أن حلب اليوم تصارع عدواناً خارجياً، وتقاوم احتلالاً همجياً مزدوجاً؛ روسياً إيرانياً، وتواجه تحدياً صليباً أرثوذكسياً، باركه البطرك الأعظم للكنيسة الشرقية، وتحدياً طائفياً يرعاه الولي الفقيه وقاسم سليماني، وهذا ما يرفض المسلمون والعرب حتى اليوم الاعتراف به.

الحقيقة الثالثة هي أن حلب وسورية اليوم تستعيد دورها ثغراً للأمة، خندقاً أولاً في الدفاع عن الحوزة والبيضة كما كانوا يقولون، حلب اليوم تدافع عن تركيا وليس العكس كما يصور البعض، حلب وسورية والعراق تدافع عن الجزيرة العربية، وعن مصر وعن تونس وعن الجزائر، ويبقى الخليون هجعاً ولا مبالين، ومع تخلي الجميع عنها، أقول الجميع بلا استثناء، ولكلٍّ أسبابه ومعاذيره، وجد أهلها ومجاهدوها أنفسهم في وضع شديد الصعوبة؛ حصار مطبق اقتصادياً وصحياً وتعبوياً، ومع انعدام الخيارات قرر مجاهدو حلب الصمود.

وغاب عن حلب – كما غاب عن سورية من قبل – القانون الدولي، ومواثيق حقوق الإنسان، وغاب الصديق، وانقطع المدد، وبقيت القلوب معلقة بالله وحده، وهكذا ما تزال المعركة تدور، وما تزال الحرب سجالاً، ووراء حلب ستكون حلب وحلب، ولكن المشهد ومع التوكل على الله يقتضي عقلاً مثل عقل ابن الوليد يحدث اختراقاً فيقلب المعادلة على المعتدين، أعتقد أن لدى قوى الثورة والمعارضة أكثر من خيار إيجابي:

الأول: التوقف عن الاعتماد على الذين جُربوا وخذلوا.

الثاني: التوافق على قيادة سياسية ميدانية مركزية تقود المشهد السياسي بطريقة ناجعة ومؤثرة.

الثالث: اعتماد إستراتيجية جديدة تنطلق من قاعدة مقاومة الاحتلال وإسقاط نظام الإرهاب والاستبداد والفساد.

– ليت العالم صمت، أو اكتفى بالصمت عما يجري في سورية، ليت العالم اكتفى بالفرجة، العالم منذ أول يوم كان مشتركاً في الجريمة، إما بالاشتراك المباشر (روسيا، وإيران)، وأكثر من 130 ألف مقاتل، و”حزب الله”، أو بالاشتراك غير المباشر؛ بفرض حظر التسليح على المعارضة والثورة السورية، وحظر الكثير من أشكال الإمداد والسلاح النوعي (الولايات المتحدة، ودول الغرب)، ولن ننسى دور الكثير من المنظمات الإنسانية التي تتبع أخطاء أفراد وتتناسى خطايا دول.

– أعتقد أن المنطقة تواجه عملية تقسيم جديدة، اعترف الأمريكيون أن سورية والعراق كانت من ملفات الاتفاق الإيراني – الأمريكي.

الولايات المتحدة التي تكف يد الدول العربية وتركيا عن مساعدة الشعب السوري، تطلق العنان لإيران ولقاسم سليماني ليتحرك في الولايات الإيرانية الجديدة؛ العراق – سورية – لبنان – اليمن.

مشروع تصدير الثورة ولد مع انتصار ثورة الخميني، وتحول تدريجياً إلى تصدير المذهب، والذي ما تزال إدارة الولي الفقيه تعمل عليه بطريقة ناعمة في كل بلاد المسلمين.

ولكن تنفيذ المخطط في سورية والعراق يأخذ أبعاداً أخرى غير التسلل عبر شراء الذمم، إنهم اليوم يعتمدون منهج القتل والتهجير والتوطين وفق خطوط مرسومة مسبقاً.

– سواء سقطت حلب – لا قدر الله – أو لم تسقط، يبقى مستقبل المنطقة، كل المنطقة، بيد أبنائها، إن الحرب التي تشن على شعوب المنطقة حرب وجودية، والمشروع الإمبراطوري الصفوي يسير على خُطا المشروع الصهيوني، وقد استفاد منه وأحكم تحالفاته مع القوى العظمى، وهو يستهدف الوجود والهوية، وخيار الأمة في جميع أقطارها تكون أو لا تكون.

– الخبث الأحمق أو الحماقة الخبيثة هو أبسط ما يمكن أن يوصف به قادة المشروع الصفوي الطائفي، مهما كانت الشعارات الخادعة التي يرفعها هؤلاء (المقاومة والممانعة، حماية ما يسمونه المراقد المقدسة، الموت لأمريكا الموت ولـ”إسرائيل”)؛ فإن هؤلاء الذين أجَّروا أنفسهم وبندقيتهم لمشروع الاستكبار العالمي الأمريكي الصهيوني، في دق إسفين بينهم وبين الأكثرية الكاثرة من أبناء هذه الأمة، إنما يهلكون أنفسهم وهم لا يشعرون، وإنما هي جولة أو جولتان حتى يكتشف أهل الخبث والحماقة حقيقة الجرائر التي جروها على أنفسهم وأتباعهم.

– سورية واسمها عند أهلها وشعبها الشام هي فسطاط المسلمين، نحن نمر بأيام حالكات وظلمة شديدة، ولكن ثقتنا بالله كبيرة، نحن نعيش إرهاصات الفجر، ونعتقد أن ما كانت تعيشه سورية وشعبها قبل هذه الثورة من حالة موات كانت هي الأخطر، تستعد الشام إن شاء الله لتستعيد مكانتها في ريادة الحضارة الإنسانية والإسلامية.

– منظمات الإغاثة الإنسانية الأممية فضيحة أخرى من فضائح الأمم المتحدة في سورية، حسب تقارير أممية، نشرت بعضها “الجارديان” البريطانية منذ شهر، فإن 90% من أموال المانحين تم صرفها على المجرم القاتل بشار الأسد وشبيحته، بينما ترك الأيتام والأرامل للبرد والجوع والتشرد، الفاجعة الأكبر أن أكثر أموال المانحين هذه هي أموال عربية مسلمة أخذت من أهلنا في الخليج العربي؛ من الكويت والسعودية وغيرها.

– أقول لكل السوريين في حلب وفي غير حلب: إنما النصر صبر ساعة، لقد نصرنا الله على المجرم بشار الأسد، ولقد نصرنا الله على أعداء الله من عصابات الولي الفقيه، ومعركتنا اليوم هي مع روسيا رأس الشر في العالم؛ (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139}) (آل عمران).

Exit mobile version