برلمانيون عراقيون: قانون “الحشد” طعن لمبدأ الشراكة

اعتبر تحالف القوى العراقية (أكبر كتلة سُنية في البرلمان العراقي) إقرار قانون مليشيا الحشد الشعبي “طعنا لمبدأ الشراكة”، وهدد بالطعن عليه أمام القضاء، وسط تأكيدات قانونية بمخالفته الدستور العراقي.

وصوت البرلمان العراقي أمس السبت على مشروع قانون  قدمه التحالف الوطني بأغلبية 208 نائب من مجموع عدد النواب العراقي البالغ 326 نائبا، وشارك في التصويت نواب من التحالف الوطني والكورد وبعض ممثلي السنة، في حين قاطعه اتحاد تحالف القوى الذي يضم القوى السنية المشاركة في العملية السياسية.

طعنة لمبدأ الشراكة

واعتبر اقرار قانون هيئة الحشد الشعبي طعنة إضافية لمبدأ الشراكة ونسفا للعملية السياسية حسب التصريح الذي أدلى به رئيس كتلة اتحاد القوى في البرلمان أحمد المساري في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمقر مجلس النواب.

واضاف: إن إنشاء هيئات عسكرية وأمنية جديدة موازية لأجهزة الدولة الرسمية والتنصل من الاتفاقات السياسية وتجسيد دكتاتورية الاغلبية ونسف العملية السياسية سيجعلنا نعيد النظر في تقييمنا للشركاء السياسيين.

وبدوره قال نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي في نفس المؤتمر: إن أية تسوية سياسية أو مصالحات تاريخية أو وطنية مرفوضة الآن في ظل التوجهات الفردية، معتبرا إقرار قانون هيئة الحشد الشعبي إخلالا بمبدأ الدولة والتوازن في المؤسسات الأمنية، وتابع: السياسة الجديدة مرفوضة ويجب إعادة النظر بها، وما حدث تشبها بدول وأنظمة أخري (يقصد ايران) يضعف الدولة العراقية والأمل في بناء عراق واحد مستقر مستقبلا، داعيا إلى إعادة النظر بمبدأ الشراكة والمواطنة.

الجدير بالذكر أن اتحاد القوى السنية طالب التحالف الوطني الحاكم بإجراء بعض “التعديلات المقبولة في المشروع” قبل طرحه للتصويت ولكنه رفض واصر على تقديمه كما هو دون تغيير، الأمر الذي عده الاتحاد السني خروجاً عن الاجماع الوطني.

ويعتبر تمرير القرار نصرا مبينا للتحالف الوطني والفصائل المنضوية في هيئة الحشد الشعبي (43 فصيلا مسلحا) وخطوة باتجاه المزيد من الهيمنة والسيطرة على المنطقة، ونجاحا باهرا للسياسة الايرانية في المنطقة، فالمعروف ان هذه الميليشات المسلحة تعتبر(قوة ايرانية الولاء.. بتمويل عراقي).

توجه للطعن

من جهته، قال أسامة النجيفي، نائب الرئيس العراقي: إن القانون سيطعن فيه، معلناً رفضه “التسوية السياسية” التي قدمها التحالف الوطني جملة وتفصيلاً.

بدوره، قال النائب رعد الدهلكي: إن القانون بصيغته الحالية سيكون ما يشبه الحرس الثوري الإيراني.

أما مستشار المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية يحيى الكبيسي فاعتبر أن القانون ضربة قاضية لفكرة الدولة داخل العراق.

واستبعد الكبيسي في نشرة سابقة لـ”الجزيرة” أن تتمكن المحكمة الاتحادية من تغيير الواقع لأنها “مسيسة”، مشيراً إلى أن القانون بمثابة فرض هوية أحادية في العراق.

وكان مجلس النواب صدق بالأغلبية على مشروع قانون يعطي شرعية قانونية ودستورية لمليشيا الحشد الشعبي رغم انسحاب تحالف القوى العراقية.

وينص مشروع القانون على اعتبار مليشيا “الحشد الشعبي” قوات رديفة وساندة للقوات المسلحة العراقية بكيان مستقل إدارياً ومالياً وتنظيمياً، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.

تصريحات الجبوري

في المقابل، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري: إن كل من يحمل السلاح خارج التشكيلات التي أقرها البرلمان اليوم ينطبق عليه وصف “المليشيا والمجاميع الإرهابية”.

وأشار الجبوري – في مؤتمر صحفي عقده في البرلمان – إلى أن قضايا الخلاف المثارة بشأن “الحشد الشعبي” من حيث أعداده ووظيفته تخضع لصلاحية القائد العام للقوات المسلحة.

ورأى إسكندر وتوت، النائب عن ائتلاف دولة القانون وعضو اللجنة الأمنية في البرلمان؛ أن الغرض من تشريع قانون خاص بـ”الحشد الشعبي” هو ضمان حقوق مقاتليه، نافياً أن تكون الفكرة منه إضفاء صيغة شرعية وقانونية لوضع “الحشد”.

لكن الخبير القانوني علي التميمي، يؤكد أن سن قانون يمنح حصانة لتشكيل عسكري مخالفة واضحة للمادة (63) من الدستور التي تحصر الحصانة في أعضاء البرلمان، مذكراً بأن المادة (14) من الدستور تنص على أن العراقيين متساوون أمام القانون.

ويأتي التصديق على هذا القانون رغم تسجيل عدة منظمات حقوقية انتهاكات لعناصر “الحشد الشعبي” أثناء عمليات استعادة المحافظات التي سيطر عليها “تنظيم الدولة الإسلامية” عام 2014م مثل صلاح الدين والأنبار وديالى ذات الأغلبية السُّنية.

وأظهرت تقارير هذه المنظمات تدمير عناصر من مليشيات “الحشد الشعبي” عمداً مئات الأبنية المدنية وإعدام مدنيين وتعذيب آخرين، فضلاً عن نهب منازل وتدمير دور العبادة.

يذكر أنه سبق لتحالف القوى السُّنية أن طالب بتشكيل وحدات الحرس الوطني التي تضم أبناء المحافظات السُّنية، وتتركز مهامها في حفظ الأمن في تلك المحافظات، لكن هذا الطلب قوبل برفض من التحالف الوطني.

Exit mobile version