ليس هناك متعة تشعر بها أجمل من تلك التي تصل لك عندما تشعر بأنك قدمت شيئاً يستحق التقدير؛ وهي معادلة قد لا يستطيع الكثيرون أن يقوموا بها، تتلخص باختصار فيما قاله ديل كارينجي: “لا تجعل قانونك: أنا أعمل لأعيش.. بل اجعل قانونك: أنا أعمل لأحقق ذاتي”، نعم حقق ذاتك.
العطاء روح
في دراسة أجريت بإحدى جامعات بنسلفانيا شملت 276 من الأفراد المتطوعين والذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 55 عاماً، حيث أُعطي لكل فرد منهم قطرات أنفية تحتوي على الفيروسات المسببة لنزلات البرد، وبإجراء الفحوصات الطبية على هؤلاء الأفراد تبين أن أعراض المرض لا تظهر في الأشخاص الذين لديهم بصمات حياتية تتمثل في أعمال تطوعية وخدمية، وتركوا أثراً تجاه الأقارب والأصدقاء وعطفهم ومودتهم ويشعرون بالسعادة إثر ذلك، بينما ظهرت أعراض المرض بصورة واضحة في الأفراد الذين يفتقدون إلى الحب والمودة والشعور بالسعادة.
إن حياتنا قصيرة الأمد، لكن هناك من استطاعوا أن يتركوا خلفهم ما يطيل تلك الأعمار ويفتح لهم نوافذ العطاء الذي لا ينقطع، تركوا بصمات لأنهم عملوا بجد وإخلاص لكي يكونوا إضافة للحياة لا عالة عليها.
قصة أستيف
أستيف جوبز ذلك المشهور الذي صنع نجوميته بيده، له مع البصمات حكايات كثيرة، ظهرت في أعماله التي تركها خلفه، لكن البصمة التي رسخت في الأذهان هي تلك التي رسمها في علاقته بمؤسسته التي كان أحد من شارك في تكوينها.
فلمن لا يعرف قصة الرجل فقد أسس شركة “آبل” مع صديق له، وذلك بعد أن ترك جوبز الجامعة، حيث لم يكمل دراسته.
المهم بعد أن أسس الرجل الشركة وحققت نجاحات كبيرة نتيجة ما تقوم على إنتاجه في مجال الكمبيوتر وأبرزها القفزة الكبرى عام 1984م، حين قدم جوبز نظام “ماكنتوش” الذي كان أول نظام تشغيل ناجح بواجهة رسومية وفأرة، لكن ما لبث أن دب خلاف داخلي؛ وعلى أثره طرد جوبز من الشركة التي كان أحد مؤسسيها، مؤلم أن تجد نفسك خارج دائرة العمل في مؤسسة شاركت في تأسيسها وأفرغت فيها كل خبراتك وإمكاناتك، هكذا كانت حال الرجل.
لكنه لم يتوقف، وبدأ في تأسيس شركة أخرى هي “نكست” ليكمل المسيرة، ويبدأ بعدها في تحقيق نجاحات كبيرة وضخمة؛ حيث استطاع وضع نظام برمجياتObject Oriented الذي كان الأساس لنظام تشغيل “ماك” الحديث، وفي عام 1996م، عاد جوبز إلى الأم التي بناها بيده بعد أن اشترت شركة “آبل” شركة “نكست”، وهكذا عاد الرجل لذلك المكان الذي صنعه وألفه وعمل من أجله ليكمل مسيرة النجاح ويترك خلفه بصمات ستظل أجيال تتحدث عنها.
همسة:
اجعل لحياتك معنى، واحرص على آخرتك لتتزود من تلك الحياة لها، يقول الأديب والفيلسوف العربي مصطفى صادق الرافعي في كلمات قوية الدلالة والمعنى: “إذا لم تزد على الحياة شيئاً تكن أنت زائداً عليها”.