أردوغان بعد عامين على الرئاسة.. تسلح بالشعب فانتصر على الانقلاب

تحل، اليوم الأحد، الذكرى السنوية الثانية لتولي رجب طيب أردوغان، الرئاسة التركية، ليكون أول رئيس منتخب في هذا المنصب من قبل الشعب مباشرةً.

نجح “أردوغان”، خلال هذه الفترة في دخول التاريخ، عبر إفشاله – بدعم شعبي – محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، والتي كادت أن تدخل البلاد في نفق مظلم، كما أضاف الرئيس التركي إلى سجل أعماله العديد من الإنجازات التي حققها، والحراك الدبلوماسي الذي أنتجته زياراته الخارجية.

عقب التعديل الدستوري، الذي أجري عام 2007م، وأفضى إلى انتخاب رئيس البلاد من قبل الشعب مباشرةً، بدأ أردوغان مهامه الرئاسية في 28 أغسطس 2014م، بعد فوزه في الانتخابات في العاشر من الشهر نفسه، ليكون بذلك الرئيس التركي الثاني عشر منذ تأسيس الجمهورية عام 1923م.

وحاولت منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية خلال عملياتها في 17، و25 ديسمبر 2013م، في “القضاء والشرطة” عرقلة أردوغان من الترشح لرئاسة البلاد، كما حاولت المنظمة نفسها القضاء عليه عبر محاولة الانقلاب الدموية، التي قامت بها عناصرها داخل القوات المسلحة التركية منتصف الشهر الماضي.

وعمليات 17، و25 ديسمبر، هي حملة اعتقالات شهدتها تركيا في التاريخين المذكورين، نفذها عناصر من “الكيان الموازي” بذريعة مكافحة الفساد، حيث طالت أبناء وزراء ورجال أعمال ومسؤولين أتراك، أخلي سبيلهم لاحقاً بعد قرار من المحكمة المعنية.

– قائد أبى أن يسلّم تركيا لقوى الظلام:

تحركت منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية للقيام بأكبر عملية لها ليلة 15 يوليو الماضي، والتي كادت أن تؤدي بتركيا إلى نفق مظلم، وتركزت المحاولة بشكل أكبر في العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول.

وشن الانقلابيون هجوماً على الفندق الذي كان يقيم فيه أردوغان في منطقة “مرمريس” بولاية “موغلا”، جنوب غربي البلاد، ليعلن الرئيس التركي في مداخلة تلفزيونية، بعد حوالي 15 دقيقة من توقيت العملية بأنه نجا من العملية.

وأعلن أردوغان، في تصريحات مباشرة أدلى بها عبر اتصال مغلق مع قناة “سي إن إن” التلفزيونية المحلية، بأن المنظمة المذكورة قامت بمحاولة انقلاب ضد وحدة وسلامة البلاد.

وتوعد الرئيس التركي، خلال تلك التصريحات، بمحاسبة كل من يستهدف الإرادة الوطنية، قائلاً: لا يمكن لقوة بشرية أن تتعالى على الإرادة الوطنية في هذه البلاد، بصفتي رئيساً للجمهورية، أقول بوضوح لجميع أعضاء الحزب الذي قمت بتأسيسه بنفسي (العدالة والتنمية) وخاصة الجمهور (الشعب) الذي يشكل الإرادة الوطنية انزلوا إلى الميادين، وسنكون يدًا بيد مع الشعب لنعطي الدرس للذين قاموا بمحاولة الانقلاب هذه.

وعقب دعوة أردوغان، عبر الدائرة التلفزيونية شعبه للنزول إلى الشوارع، توجه من مدينة “مرمريس”، التي انتقل منها إلى قضاء “دالامان”، ومنها استقل طائرته الخاصة متجهاً نحو مطار إسطنبول، حيث كان بانتظاره جماهير غفيرة.

وخاطب الرئيس التركي جماهيره من المطار، ليخرجوا إلى الشوارع والميادين، ولبّى الشعب بدوره النداء ونزل إلى الشوارع، ليسيطر لاحقاً على المؤسسات التي استولى عليها الانقلابيون واحدة تلو الأخرى، وقبضوا عليهم ومن ثم سلّموهم لقوات الأمن (الشرطة).

توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية (يقودها الانقلابيون كانت منتشرة في تلك الأماكن) على الانسحاب، وساهم ذلك بشكل كبير في إفشال مخطط الانقلاب.

– مظاهرات صون الديمقراطية:

بدأت مختلف فئات الشعب التركي، الذي كان له الدور الأبرز في إفشال محاولة الانقلاب، بالاحتشاد والتجمهر في جميع ميادين المدن التركية، تلبية للنداء الذي وجهه لهم “أردوغان”، وظل الأخير يخاطبهم من خلال التواصل معهم من حين لآخر عبر الدوائر التلفزيونية الضيقة، وكذلك من خلال مشاركته في المظاهرات الشعبية.

واستمرت مظاهرات صون الديمقراطية حتى 10 أغسطس الحالي، حيث خاطب الرئيس المتظاهرين من أمام المجمع الرئاسي في أنقرة، شاكراً لهم استمرارهم بالتظاهر على مدى أسابيع من أجل صون الديمقراطية، وأوضح بأنهم سيعطون فاصلا للمظاهرات اعتباراً من ذاك التاريخ، لافتا أنهم سيعيشون تلك المظاهرات في داخلهم وفي قلوبهم.

– لقاء تاريخي في المجمع الرئاسي:

وجه أردوغان، عقب محاولة الانقلاب، نداءً إلى الأحزاب السياسية في البلاد، دعاهم فيه إلى الوحدة والتضامن، وعقب ذلك ترأس اجتماعاً في المجمع الرئاسي، حضره كل من رئيس حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، وزعيمي حزب الشعب الجمهوري، كمال قليجدار أوغلو، والحركة القومية، دولت باهجه لي.

– دعوة يني قابي: “تجمع الديمقراطية والشهداء”:

دعا أردوغان، عقب لقائه زعماء الأحزاب السياسية في المجمع الرئاسي، الشعب وزعماء الأحزاب إلى تتويج مظاهرات صون الديمقراطية بتنظيم تجمع أطلق عليه “تجمع الديمقراطية والشهداء” في السابع من أغسطس الجاري، بميدان “يني قابي” باسطنبول.

وأرسل الرئيس التركي برقية إلى زعماء الأحزاب السياسية المذكورة، لحضور “تجمع الديمقراطية والشهداء” ولبى زعماء الأحزاب السياسية النداء، وحضروا فيما بعد التجمع الذي شارك فيه أكثر من 5 ملايين شخص.

– الوجهان المختلفان للغرب:

المواقف الأوروبية المتناقضة تجاه تركيا والرئيس أردوغان، عقب محاولة الانقلاب، كانت مثيرة للانتباه، فإلى جانب انتقادات قادة ومسؤولين أوروبيين لعمليات اعتقال الانقلابيين، قامت المحكمة الدستورية الألمانية بطلب من سلطات البلاد، بإلغاء خطاب للرئيس التركي عبر دائرة تلفزيونية ضيقة، للأتراك المتظاهرين في ولاية غولن الألمانية ضد عملية الانقلاب.

وانتقد أردوغان لجوء أوروبا لمثل هذا الإجراء، في وقت تحتضن فيه إرهابيين وتسمح لهم باستخدام كل أنواع الترويج، في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام أجنبية.

وقال أردوغان، في مقابلة مع قناة “رانيوز” الإيطالية: “الآن أسأل، إذا كانت السلطات الألمانية وقضائها، يدعون بأنهم ملتزمون بالديمقراطية وأن بلادهم هي دولة قانون، فكيف سيبررون منع رئيس دولة قانون رجب طيب أردوغان من إجراء خطاب عبر نظام مؤتمرات فيديو؟”.

– اعتذار الولايات المتحدة:

قدم نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اعتذاره للرئيس أردوغان، عن عدم مجيئه إلى تركيا فور فشل المحاولة الانقلابية، وذلك خلال الزيارة الأخيرة التي أجراها لتركيا يوم 24 أغسطس الحالي.

– زيارات أردوغان الخارجية في 2016:

أجرى أردوغان 16 زيارة خارجية في النصف الأول من عام 2016م، منها زيارتين إلى الولايات المتحدة، وثلاث زيارات إلى أمريكا اللاتينية، حيث اتسمت زيارته إلى تشيلي (1 فبراير) بصفته أول رئيس تركي يزور البلاد، منذ 21 عامًا، في حين كانت البيرو والإكوادور(عقب أيام من زيارته الأولى) تستقبل أول رئيس تركي في تاريخها، وذلك في محطات أردوغان اللاحقة في إطار جولته في المنطقة.

أجرى أردوغان جولة أفريقية شملت كوت ديفوار (22 فبراير)، غانا (1 مارس)، نيجيريا (2 مارس)، وغينيا (3 مارس)، حيث بحث العلاقات الثنائية بين تركيا وتلك البلدان، إلى جانب قضايا إقليمية ودولية.

عقب جولته الأفريقية شارك أردوغان في قمة الأمن النووي (30 مارس) التي عقدت في الولايات المتحدة الأمريكية.

زار أذربيجان للمشاركة في المنتدى السابع لتحالف الحضارات (26 أبريل) الذي عقد في العاصمة باكو، أعقبها زيارة أخرى إلى كرواتيا.

في جولته شرقي القارة الإفريقية، زار أردوغان كل من أوغندا (1 يونيو) للمرة الأولى التي يزورها بصفة رئيس تركي، إلى جانب زيارته لكينيا وافتتاحه المبنى الجديد للسفارة التركية، أعقبها زيارة الصومال.

في زيارته الثانية إلى الولايات المتحدة، شارك أردوغان في تشييع جثمان أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي (10 يونيو).

شارك أردوغان في قمة رؤساء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة البولندية وراسو (9 يوليو)، بعدها أجرى زيارة إلى روسيا، بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، (9 أغسطس الحالي).

وبالإضافة إلى جولاته الخارجية فقد زار أردوغان الكثير من الولايات، منها المدن المتضررة من الإرهاب، في شرقي وجنوب شرقي البلاد، وتابع عن كثب مشاكل المواطنين فيها، وافتتح العديد من المشاريع.

كما حرص أردوغان على لقاء المواطنين، خلال العام الحالي كلما سمحت له الفرصة، حيث اجتمع في هذا الإطار مع ممثلي منظمات المجتمع المدني، والفئات المهنية، والأكاديميين، وأسر الشهداء والمصابين، والمخاتير في المجمع الرئاسي.

واستقبل أردوغان في المجمع الرئاسي أيضاً، العديد من زعماء العالم، منهم الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزار باييف، الشهر الجاري، والإيراني، حسن روحاني في أبريل الماضي، والسعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، في إبريل الماضي، والروماني كلاوس يوهانيس مارس الماضي، والأوكراني بيترو بوروشينكو مارس الماضي، والأذري إلهام علييف في يناير 2015م.

واحتضنت ولاية أنطاليا التركية، خلال رئاسته البلاد، قمة مجموعة العشرين، في نوفمبر 2015م، حيث أجرى أردوغان لقاءات ثنائية عديدة مع رؤساء البلاد والحكومات، بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، على هامش أعمال القمة.

وفي مايو الماضي، احتضنت إسطنبول القمة الإنسانية، التي نظمتها الأمم المتحدة، بمشاركة حوالي 175 دولة وآلاف الشخصيات والمسؤولين، فضلاً عن احتضان أنطاليا التركية فعاليات معرض “إكسبو أنطاليا 2016” للزهور، في إبريل الماضي، بحضور الرئيس التركي.

وفي يونيو الماضي، شارك أردوغان في حفل افتتاح جسر عثمان غازي المعلق، الذي يربط بين ولايتي “كوجا إيلي”، و”يالوفا” شمال غربي تركيا، ويعد رابع أطول جسر معلق في العالم.

وشارك يوم الجمعة الماضي، في مراسم افتتاح جسر السلطان ياووز سليم الذي يربط شطري مدينة إسطنبول الأسيوي والأوروبي، الذي يعد أطول جسر معلق مدعم بمسارات للسكك الحديدية في العالم، حيث يبلغ طوله 2164 مترًا، كما تعد أعمدته الأعلى عالميا، بارتفاع 322 مترًا.

كما شهد حفل الافتتاح حضور ضيوف رسميين من دول عربية وأجنبية، بينهم ملك البحرين حمد عيسى آل خليفة، رئيس المجلس الرئاسي في البوسنة والهرسك بكر عزت بيغوفيتش، الرئيس المقدوني جورجي إيفانوف، رئيس شمال قبرص التركية مصطفى أقنجي، رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف، رئيس وزراء ولاية بنجاب الباكستانية شهباز شريف، ومساعد رئيس وزراء جورجيا ديميتري كومسيسيهفيل

Exit mobile version