النظام السوري يفرّغ داريا من أهلها.. وناشطون: تغيير ديموغرافي

بالدموع، ودع المدنيون المحاصرون في داريا أمس قبور أحبائهم الذين قضوا في الحرب مع قوات نظام بشار الأسد والداعمين له، وذلك ضمن اتفاق على إخلاء المدينة من سكانها، بعد حصار من قبل قوات النظام استمر لمدة أربع سنوات.

وقال ناشطون في داريا: إن الأهالي غادروها و”يتملكهم الخوف على قبور الشهداء من أن تجرفها قوات الأسد بعد دخولها داريا” وفق اتفاق تسوية بدأ تنفيذه أمس.

وتثير صفقة داريا مخاوف من تغيير ديموغرافي في المدينة. وفي هذا السياق قال المعارض السوري البارز أحمد أبا زيد: إن تهجير الثوار من داريا وفرض انسحاب المدنيين يهدف إلى تثبيت أسس التغيير الديموغرافي حول دمشق وفي الريف المحاذي للبنان.

ونشر المجلس المحلي لمدينة داريا، صوًرا لنساء ومدنيين يزورون القبور ويسقونها بالماء قبل يوم من خروجهم من داريا، بعد توصل لجنة مكلفة من داريا إلى تسوية مع وفد يمثل النظام إلى اتفاق يقضي بخروج الأهالي المدنيين من المدينة.

وقال أحد مقاتلي الفصائل المعارضة في المدينة: إن داريا تعيش اليوم أصعب اللحظات، الجميع يبكي، الطفل يودع مدرسته، والأم تودع ابنها الشهيد عند قبره. وعند مدخل داريا الشمالي، كتب على أحد جدران الأبنية: “داريا الحرة مع تحيات الجيش الحر“.

وانتهت أمس الجمعة المرحلة الأولى من إخلاء المدينة، حيث غادر نحو أربعمئة مقاتل مع أسرهم باتجاه مناطق سيطرة المعارضة في مدينة إدلب، فيما غادر نحو ستمئة مدني إلى بلدتي قدسيا والكسوة بريف دمشق.

وذكرت مصادر لـ”الجزيرة” أن خط سير مقاتلي المعارضة سيمر عبر مناطق سيطرة النظام وصولا إلى منطقة قلعة المضيق بريف حماة، حيث سيتم نقلهم من هناك إلى مناطق خاضعة للمعارضة بعد منتصف هذه الليلة ليتابعوا طريقهم إلى إدلب.

من جهتها، قالت وكالة “سانا” للأنباء التابعة للنظام: إن المرحلة الأولى من اتفاق إخلاء مدينة داريا من السلاح والمسلحين انتهت، وإنها تضمنت إخراج عدد من الأهالي إلى مراكز إقامة مؤقتة في ريف دمشق، مؤكدة أن أغلب الأهالي البالغ عددهم نحو أربعة آلاف شخص سينقلون إلى مراكز إقامة مؤقتة.

وأوضحت الوكالة أن ثلاثمئة مسلح -من بين نحو سبعمئة- تم إخراجهم نحو إدلب مع أسرهم، كما نقلت عن قائد في قوات النظام أن داريا ستكون السبت خالية من المسلحين الذين سيتركون أسلحتهم بالمدينة، بينما أكدت مصادر أن مقاتلي المعارضة سيحملون معهم أسلحتهم الخفيفة، وهو ما أكدته صور المقاتلين أثناء خروجهم.

وعرضت قنوات رسمية سورية مشاهد لمقاتلي النظام وهم يحتفلون عند مدخل داريا بينما كانت الحافلات وسيارات الإسعاف تنقل مقاتلي المعارضة والمدنيين.

من جهتها، قالت عضوة الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نورا الأمير: إن مجرد صمود داريا لأكثر من أربع سنوات من الحصار هو بحد ذاته “انتصار”، لافتة إلى أن الاتفاق الذي تم الخميس يأتي في الذكرى الرابعة للمجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في داريا عندما قتلت أكثر من سبعمئة شخص -بينهم نساء وأطفال- دون أن يستنكرها المجتمع الدولي، حسب قولها.

بدوره، قال عضو وفد المعارضة في محادثات جنيف جورج صبرا لـ”وكالة الأنباء الألمانية”: إن داريا لم تفشل اليوم، وإنما المجتمع الدولي هو الذي فشل وخذل أهل داريا.

وأفادت “الجزيرة” بوصول الأهالي الذين خرجوا من داريا إلى إدلب، موضحة أن العدد الكامل المقرر أن يخرج من داريا يبلغ أربعة آلاف شخص من بينهم نساء وأطفال ومسنون ومقاتلون، مشيرة إلى أن عدد من خرج حتى الآن يبلغ ثمانمئة شخص، وصل منهم 285 إلى إدلب، والباقون قام النظام بإيداعهم في مراكز إيواء بريف دمشق.

وبوصول هذا العدد إلى إدلب، تنتهي المرحلة الأولى من الاتفاق المبرم بين النظام السوري وقوات المعارضة المسلحة في داريا، حيث من المقرر أن يخرج بقية الأهالي والمقاتلين خلال الأيام القادمة.

وقالت “الجزيرة”: إن الأهالي الذين وصلوا إدلب سينطلقون منها بعد ساعات إلى المراكز التي خصصت لاستقبالهم على الحدود السورية التركية، حيث قامت بعض الجمعيات بإنشاء بعض الغرف وتجهيزها للسكن مؤقتا لاستقبالهم.

وكانت المعارضة المسلحة توصلت إلى اتفاق مع النظام السوري يقضي بخروج المدنيين والمسلحين من بلدة داريا بريف دمشق الجمعة، إلى مناطق سيطرة النظام في بلدة صحنايا بريف دمشق، فيما يخرج المقاتلون إلى محافظة إدلب شمالي سوريا، وذلك بضمانات وإشراف الصليب الأحمر الدولي.

وتحاصر قوات النظام داريا بشكل كامل منذ نحو أربعة أعوام، وهي تحاول اقتحامها يوميا تحت وابل من القصف، بينما يعاني فيها نحو 8300 مدني من نقص الدواء والغذاء.

Exit mobile version