منظمة حقوقية: إحالة 8400 مصري إلى القضاء العسكري منذ 2013

أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا صباح أمس الجمعة تقريراً حول المحاكمات العسكرية للمدنيين المعارضين في مصر بعنوان “سحق العدالة” منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى الأول من أغسطس 2016م.

وبين التقرير أن مئات من المعارضين المدنيين أخضعوا لمحاكمات عسكرية بينهم صحفيون على خلفية اتهامهم بقضايا تتعلق بمعارضة السلطات والنشر عن القوات المسلحة تطبيقاً لقوانين معيبة صدرت منذ عقود وخاصة القانون رقم 25 لسنة 1966م.

وأضاف التقرير أن السلطات المصرية لم تكتف بعيوب القانون الموجودة أصلاً، فأصدر الرئيس المصري قراراً بقانون (رقم 136 لسنة 2014) بتاريخ 27/ 10/ 2014م بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، يخول بموجبه القوات المسلحة مشاركة الشرطة في تأمينها، على أن يسري هذا القانون لمدة عامين وتُحال الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت من النيابة العامة إلى النيابة العسكرية، تمهيداً لعرضها على القضاء العسكري، وقرر القانون أن المنشآت الحيوية ستأخذ حكم المنشآت العسكرية طوال فترة تأمينها وحمايتها بمشاركة القوات المسلحة.

وأكد التقرير أن الأحكام القانونية المنصوص عليها في القانون المصري تبين بشكل واضح انعدام الحياد والاستقلال في القاضي العسكري الذي هو في حكم القانون مجرد تابع لوزير الدفاع (قائده الأعلى) وخاضعاً لأوامره وتعليماته، وأن الحكم العسكري لا قيمة له إلا بتصديق القائد الأعلى له، والذي يملك أن يعدل هذا الحكم أو أن يلغيه دون محاكمة، فلا يكون القضاء العسكري إلا انعكاساً لإرادة القائد الأعلى للقوات المسلحة لا وفق ما يتم بحثه في أوراق القضية أو ما يمكن أن يقدمه الدفاع.

وأوضح التقرير أنه منذ الثالث من يوليو 2013 وحتى أول أغسطس 2016م أحيل إلى القضاء العسكري أكثر من 8400 معارض مدني للمحاكمة، واتجهت أحكام القضاء العسكري إلى إصدار أحكام بالإدانة بعقوبات مغلظة على المتهمين على خلفية تلك القضايا في ظل نسف حقوق المتهمين الأساسية، وإهدار كامل معايير المحاكمة العادلة التي تتعارض في الأصل مع مبدأ محاكمة المدنيين أمام قاضٍ عسكري.

وأضاف التقرير أن من بين أولئك المحالين صدرت أحكام من القضاء العسكري المصري بحق 3391 معارضا مدنياً، على خلفية اتهامهم في 138 قضية، من بينهم 3203 حُكِم عليهم بالإدانة بأحكام مختلفة، بالإضافة إلى صدور أحكام ببراءة 188 شخصاً فقط.

وبين التقرير أن أحكام الإدانة المذكورة كانت الحبس من شهر لأقل من 3 سنوات بحق 203 أشخاص، السجن من 3 وحتى 5 سنوات بحق 175، السجن أكثر من 5 سنوات بحق 1176، السجن المؤبد بحق 1583 شخصاً، كما صدرت أحكاماً بإعدام 52 شخصاً منهم 6 أشخاص تم رفض الطعن المقدم منهم على الحكم، والذي نُفذ بالفعل في مايو 2015م على خلفية اتهامهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ”عرب شركس”، هذا بالإضافة إلى الحكم بتغريم 14 شخصاً في 3 قضايا مبالغ مالية تراوحت بين الـ50 ألفاً والـ100 ألف جنيه، مع اقتران أغلب الأحكام العسكرية الصادرة بالسجن والحبس المذكورة بغرامات مالية باهظة.

وصدرت أحكام الإعدام العسكرية في 7 قضايا مختلفة، وهي القضية المعروفة إعلامياً بقضية عرب شركس، القضية المعروفة إعلامياً بقضية ملعب الهوكي، القضية المعروفة إعلامياً بقضية كمين الجورة، القضية المعروفة إعلامياً بقضية كمين الصفا 3، القضية المعروفة إعلامياً بقضية الخلايا العنقودية بمحافظة الغربية، القضية المعروفة إعلامياً بقضية تفجير إستاد كفر الشيخ، والقضية المعروفة إعلامياً بقضية لجنة العمليات المتقدمة.

وذكر التقرير تفنيداً لتلك القضايا والخروقات والعيوب الجسيمة التي حوتها أوراقها حيث كان المشترك بينها أنها جاءت دون أي أدلة مادية تثبت قيام المتهمين بالجرائم المنسوبة إليهم، وأن كافة تلك القضايا كغيرها من القضايا السياسية بنيت فقط على تحريات وشهادات الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى اعترافات تم إجبار المعتقلين على الإدلاء بها تحت وطأة التعذيب وبعد أيام طويلة من تعريضهم للاختفاء القسري.

وأكد التقرير أن النظام المصري غير راغب في تحقيق العدالة، وأن المحاكمات المدنية والعسكرية ما هي إلا وسيلة لإضفاء المشروعية على أوامر إدارية صادرة من هذا النظام لقمع المعارضين، فقيامه بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أكبر دليل على ذلك، حيث إن تلك المحاكمات تشكل انتهاكاً جسيماً للقوانين الدولية وإهداراً كاملاً للحق في المحاكمة العادلة، لاسيما وأن هذه المحاكمات تعتمد على أدلة واهية ومفبركة واعترافات انتزعت تحت ضغط وتهديد وتعذيب وحشي، في ظل حرمان المعتقلين من أي فرصة للانتصاف القانوني.

وحذر التقرير أن أحكام الإعدام الصادرة من محاكم عسكرية مصرية على مدنيين تثير المخاوف من تكرار جريمة السلطات المصرية في حق المتهمين في قضية “عرب شركس”، حيث صدر بحقهم حكم إعدام عسكري وتم تنفيذه في مايو من العام 2015م على الرغم من تقديم دفاع المتهمين وأسرهم ما يثبت بطلان الاتهامات.

وانتقد التقرير الصمت الدولي تجاه جرائم النظام المصري، وقال: إن هذا الصمت هو ما يعطي الضوء الأخضر للنظام المصري للمضي قدماً في ارتكاب المزيد من تلك الجرائم دون تردد أو تخوف من أي مساءلة قانونية دولية، خاصة مع استمرار التعاون الاقتصادي والأمني بين أنظمة الدول الغربية وبين النظام المصري.

ودعا التقرير صناع القرار في العالم الضغط على السلطات المصرية لوقف عمليات الاعتقال السياسي في مصر، والعمل بشكل عاجل لإلغاء كافة أحكام الإعدام، ووقف إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري تحت أي مبرر.

Exit mobile version