التآمر الخارجي من النظرية إلى الواقع المنظور!

عاش العرب دهراً يرددون نظرية المؤامرة القادمة من الغرب والشرق عليهم ولكن بالمقابل كانوا يواجهون دوماً من الغرب ومن بعض العلمانيين العرب ومن عشاق الغرب تحديداً بعدم صحتها وضعف أساسها، إلا أن الأحداث التاريخية في القرنين الماضي والحالي جاءت مؤكدة صحة التآمر عليهم وعلى ثرواتهم وعلى مخزونهم القيمى (الإسلام، العروبة).

الشواهد على صحة نظرية المؤامرة أكثر من أن تحصى، ومن ذلك ما يحظى به الكيان الصهيوني باجرامه، واحتلاله من دعم كبير من الغرب والشرق، العراق يعانى حرب أهلية وطائفية وفساد عظيم نتج عن احتلال ثبت أنه قام على أسس كاذبه ومزوره، ما وراء الاتفاق والتعاون النووى الغربي الإيراني من اتفاقيات سياسية خاصة وسرية باعتراف الساسه الأمريكان والتي سرى الجميع خطورة تلاقى المشروعين الإيراني والغربي ضد الإقليم، قيام الغرب والشرق بدعم أوالسكوت عن جرائم داعش في العراق وسورية، التدخل الغربي المباشر في ليبيا وآخرها الوجود الفرنسي المباشر ضد الشرعية، السياسية الغربية المتوافقة مع روسيا بتمكين نظام بشار الأسد والنظام الإيرانى وأتباعه باستمرار المجازر ضد المدنيين الأبرياء، الصمت والتأييد للانقلاب العسكري والقمع وإسقاط شرعية الانتخابات في مصر، الصمت أو التأييد الخفي لجرائم المجموعات الانقلابية والمنفصلة (حفتر ليبيا، حوثيي اليمن، الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في لبنان ..)، التأييد والدعم العلني لانفصال الجنوب السوداني، الدعم والتأييد لأنظمة عربية مستبدة وظالمة وخارجة عن مباديء حقوق الإنسان، التشويه والمواجهة العلنية لحركات الاعتدال الإسلامي والقومي والليبرالي المطالبة بالإصلاح والتطوير والتنمية في الإقليم والاستقلال عن التدخلات الخارجية، التصريحات الرسمية لدول الغرب والشرق بالتدخل في الإقليم العربي لخلق الفوضى واقتناص الفرص ( ” الحرب الاستباقية” بوش ، “الفوضى الخلاقة” رايس..)، الموقف الغربي المرتبك والمتخاذل اتجاه الانقلاب الفاشل في تركيا مؤخراً، وأخيراً وليس آخراً ما كشفته وثائق وكيليكس المسربة والتي لم يتم نفيها رسمياً عن حجم التآمر للغرب والشرق وبعض الأنظمة العربية.

لقد أدى تدخل الغرب والشرق الفج في الإقليم وما صحبه من دعم للكيان الصهيونى وإيران إلى خلق فوضى كبيرة وتراجع لمقومات الاعتدال والاستقرار والأمن لحساب التطرف والسلطوية في الدول العربية بل وصل شرره إلى الغرب نفسه والضحايا دوماً هم الأبرياء من كل الشعوب.

من المؤكد أن التآمر لم يعد نظرية جدلية قابلة للنقض، بل هي واقع عملى مشاهد ومثبت، ومن شأن استمرار التآمر على الإقليم أن ينذر بواقع ومستقبل سلبي أكبر على الإقليم العربي وعلى الاستقرار العالمي مما يتطلب معه ابتداءً أن تعيد الأنظمة العربية الحاكمة حساباتها فالفوضى ستعبث بها إما بتآمر خارجي أو بتطرف إقليمي، وعليها المسارعة إلى إعادة تصالحها عبر تعزيز الحريات والديمقراطية ودعم التنمية مع شعوبها التي هي صمام أمان لاستقرار دولها، كما أن عليها ان تتخلي عن العقلية البوليسية في التعامل مع شعوبها وتتبني بالمقابل الردع الأمني مع الأخطار الداخلية والخارجية المنبثقة من تآمرات ومشاريع الغرب والشرق، وعليها بناء تحالفات إقليمية هدفها مواجهة المؤامرة على الإقليم، ومن جانب آخر على التوجهات والتيارات والنخب الفكرية والسياسية والمجتمعية العربية دور محورى في مواجهة مشاريع التآمر والفوضى من خلال بناء تحالفات مدنية وسياسية وفكرية تعمل وفق رؤية إستراتيجية ضد صور التآمر الخارجي وتقوم بواجب النصح والتوجيه للدول والشعوب ومطلوب منها كذلك التوجه إلى القوى والمنظمات الشعبية في الغرب تحديداً لتبيان مدى خطورة تلك التدخلات والتآمر من قياداتهم في ظل توقع استمرار نهج التآمر والعبث بالإقليم.

إن مسؤولية مواجهة التآمر الخارجي على الإقليم والمدعوم من بعض أبناء جلدتنا مسؤولية جماعية عربية وإسلامية ودولية فالاستقرار العالمي كالسفينة التي تضم الجميع وعلينا أن نقف ضد كل من يحاول إغراقها.

المحامى محمد الدلال

mohammadaldallal@gmail.com

Exit mobile version