اهتمت الصحف “الإسرائيلية” هذا الأسبوع بالاتفاق الموقع بين أنقرة و”تل أبيب”, الذي أنهى قطيعة ما يقرب من 6 سنوات من الخلافات وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتساءلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أشهر الصحف “الإسرائيلية”, ما إذا كان الاتفاق “مصالحة أم استسلاماً” للمطالب التركية؟ واختصرت بذلك الجدل القائم بين المسؤولين “الإسرائيليين”, والمأزق الذي عبّر عنه أكثر من مسؤول حكومي في “تل أبيب”.
وقالت “يديعوت أحرونوت”: إن منتقدي الاتفاق بين أنقرة و”تل أبيب” تساءلوا عن سبب موافقة الحكومة “الإسرائيلية” بدفع 20 مليون دولار لعائلات ناشطين أتراك, استشهدوا على متن سفينة “مافي مرمرة” بعد تعرضها لهجوم البحرية “الإسرائيلية” أثناء توجهها عام 2010م, لكسر الحصار “الإسرائيلي” عن قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين عارضوا الاتفاق قولهم: إن دفع التعويض هو “استسلام” للشروط التركية, معتبرين ذلك هدية لحركة “حماس”, في إشارة إلى المساعدات الإنسانية التي تخطط السلطات التركية إيصالها لقطاع غزة المحاصر وبناء وحدات سكنية جديدة ومستشفى، إضافة لمشاريع بنية تحتية.
ولفتت الصحيفة إلى أن المساعدات التركية لغزة تسببت في خلق مشاعر من الغضب في الشارع “الإسرائيلي”, خاصة أن “تل أبيب” فشلت في تحرير جثماني الجنديين اللذين تحتجزهما حركة المقاومة الإسلامية (حماس), وإطلاق سراح “إسرائيليين” يعتقد أنهما محتجزان في غزة.
ووصف وزير التعليم الأسبق من “حزب الليكود” جدعون ساعر, دفع التعويضات بأنه “إهانة وطنية”, بينما وصف زعيم حزب الاتحاد الصهيوني (وسط اليسار) يتسحاق هرتسوغ الاتفاق بـ”المبهم”, وانتقد ما أسماه “اللامبالاة والإهمال” تجاه عائلات المفقودين في غزة.
وقالت “يديعوت أحرونوت”: إن الاتفاق يأتي في الوقت الذي تواجه فيه “إسرائيل” وتركيا تحديات صعبة, ناتجة عن الأوضاع الأمنية في سورية, وغيرها من الدول في المنطقة, وأوردت ما قالته الباحثة بريندا شافر من مركز الطاقة الدولية التابع لمعهد أبحاث “أتلانتك كاونسيل”: إن إعادة تطبيع العلاقات تتعلق بالأمن أكثر من أي شيء آخر.
واعتبر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات (الموساد) أفرايم هليفي أن اتفاق تطبيع العلاقات المبرم بين أنقرة و”تل أبيب” من شأنه أن يرفع من مكانة “حماس” على المستوى الدولي, على حد تقديره.
وبحسب ما أورده هليفي في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”, فإن أهم المؤشرات الدّالة على أن الاتفاق التركي – “الإسرائيلي” قد جاء لصالح “حماس” – وفق تقديره – تتمثّل بدعوة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل إلى إسطنبول, ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أطلعه شخصياً على الاتفاق قبل توقيعه وقبل طرحه على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, على حد تعبيره.
ورأى أن المعطيات الجديدة التي جاء بها اتفاق المصالحة مع تركيا تستدعي إعادة دراسة السياسة “الإسرائيلية” ضد “حماس” وقطاع غزة, مضيفاً: الاتفاق يتناقض مع هذه السياسة, بل ينفيها في الواقع, كما قال.
من جهتها، أوردت صحيفة “معاريف” أقوال خبراء “إسرائيليين” قالوا: إنهم لا يتوقعون عودة للتحالف القريب بين أنقرة و”تل أبيب”, الذي كان في العقود الماضية, عندما كانت تقوم البحرية التركية والأمريكية و”الإسرائيلية” بمناورات مشتركة في البحر الأبيض المتوسط, وكان سلاح الطيران “الإسرائيلي” يجري تدريباته في المجال الجوي التركي.
وأجرت صحيفة “يسرائيل هيوم” مقارنة بين ما حققته “إسرائيل” وما حققته تركيا من خلال المفاوضات التي جرت بينهما لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن مكاسب تركيا في الاتفاق تمثلت في أنها حصلت على اعتذار رسمي “إسرائيلي” وعلى تعويضات بقيمة 20 مليون دولار لعائلات الشهداء الأتراك.
ولفتت إلى أن تركيا حصلت على حق في المساهمة بالبنية التحتية لغزة، لكن الشرط الذي أخفقت في الحصول عليه كان رفع الحصار بالكامل عن القطاع.
وأشارت الصحيفة إلى أن “إسرائيل” نجحت في الإعراب لتركيا عن “أسفها” دون تحمل نتائج قانونية عن الهجوم على أسطول الحرية، إضافة إلى منح التعويضات بشكل مباشر لعائلات الشهداء الأتراك، وأوقفت رفع دعاوى ضد “الإسرائيليين” المشاركين في الهجوم.
ولفتت “يسرائيل هيوم” إلى أن “تل أبيب” أخفقت في إغلاق مكاتب “حماس” في تركيا, لكنها حصلت على منع السلطات التركية من إطلاق عمليات مقاومة لـ”حماس” من أراضيها كحل وسط.
وكان نتنياهو ونظيره التركي, بن علي يلدريم, قد أعلنا عن التوصل إلى اتفاق مصالحة بعد سنوات من القطيعة السياسية بين تل أبيب وأنقرة, وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده نتنياهو في روما, وآخر عقده يلدريم في أنقرة.
وقالت صحيفة “هاآرتس”: إن الاتفاق التركي – “الإسرائيلي” يعني عودة العلاقات بين الجانبين وتطبيعها بشكل كامل, بما في ذلك تبادل السفراء والزيارات المتبادلة, فضلاً عن تعهدات الجانبين بعدم العمل ضد بعضهما في أروقة المنظمات الدولية.
وفي إطار الاتفاق, ذكرت صحيفة هاآرتس” أن الحكومة “الإسرائيلية” ستعوّض عائلات الشهداء الأتراك الذين استشهدوا بنيران الجنود “الإسرائيليين” عام 2010م, كما تتضمّن بنوده إلغاء تركيا للدعاوى القضائية التي رفعت ضد ضباط “إسرائيليين” أمام محكمة إسطنبول بسبب مسؤوليتهم عن مهاجمة “أسطول الحرية”.
كما تنّص بنوده على السماح لتركيا بنقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة, وإنشاء مستشفى جامعي وإسناده بالتجهيزات الطبية والإدارية اللازمة, إلى جانب تدشين محطة توليد كهرباء جديدة ومحطة لتحلية المياه في غزة بالتعاون مع دول أوروبية.