دلالات زيارات زعيم حركة النهضة إلى باريس

أنهى رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي زيارته إلى فرنسا والتي استغرقت ثلاثة أيام ، بدعوة من باريس ، التقى فيها وزير الخارجية الفرنسية جون مارك ايرو، وعدد من مسؤولي الخارجية الفرنسية. كما التقى رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الفرنسي اليزابيت قيقا، إلى جانب لقاءاته بالجالية التونسية في فرنسا. وجاءت هذه الزيارة التي رافقه فيها وزير الخارجية الأسبق، ومسؤول العلاقات الخارجية بالحركة رفيق عبدالسلام ، وقيادات أخرى بالحركة هم رضا إدريس، وسيدة الونيسي، وأروى بن عباس، وحسين الجزيري.

الأبعاد السياسية:

جاءت بعد لقاء الشيخ راشد الغنوشي الثلاثاء الماضي بالرئيس الباجي قايد السبسي، في قصر قرطاج، حيث تجرى مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون كفيلة بدفع أوضاع البلاد نحو الأفضل بفضل تظافر جهود الجميع. وكان الشيخ راشد قد أكد على انخراط الحركة الكامل في المشاورات الحالية بين الأطراف السياسية والاجتماعية للتوصل للبرنامج الأمثل لأولويات المرحلة وهيكلة الحكومة القادمة.

ورغم نفي عبدالسلام وتأكيده على أن الحديث كان عاما، إلا أن هناك من يعتقد بأن زيارة وفد حركة النهضة إلى باريس برئاسة الشيخ راشد الغنوشي ليس بعيدا عن أجواء تشكيل الحكومة في تونس. وأن لها علاقة بالمخاض الحاصل بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية تلقى القبول في الداخل والخارج حيث بدأت الكثير من الطابوات السياسية والحزبية والدولية ترفع تباعا.

الأبعاد الاقتصادية:

ورغم الاختلاف حول البعد السياسي للزيارة، إلا أن هناك اجماع على البعد الاقتصادي في هذه المرحلة التي تتطلب استثمارات فرنسية وأوروبية ودولية كبيرة في تونس لتحقيق التنمية ومعالجة مشكلة البطالة ومواجهة تحديات العنف المتزايد والأطماع الداخلية والخارجية المختلفة التي تتغذى من بعضها البعض. وقد انحدر الدينار التونسي الذي تجاوز نزولا 2.4 دينار مقابل يورو واحد و2.1 دينار مقابل الدولار. وذلك في وضع تحتاج فيه البلاد إلى قروض،آخرها قرض من البنك الدولي بقيمة 2،8 مليار دولار علما وأن الحكومة اقترضت ما قدره 20 مليارا حتى الآن . ويخشى أن تتجاوز الدين نسبة ال 60 في المائة لتكون 71 في المائة من الناتج الداخلي الخام . زد على ذلك التوريد المكثف والعشوائي الذي يعاني منه الاقتصاد التونسي ، وقد بلغ العجز التجاري في الأشهر الخمسة الأولى من 2016 م 5.1 مليار دينار منها 500 مليون دينار في توريد السيارات المزعوم أنها شعبية، في حين ينتج المغرب 900 ألف عربة سنويا. علاوة على أن عوائد 65 في المائة من المؤسسات المصدرة كليا يحول إلى الخارج كليا دون قيود. وتصل بعض عقود الاتصالات إلى حالات الفساد الواضح. ووسط انخفاض الاستمثار الأجنبي بنحو 22 في المائة، وانخفاض تحويلات التونسيين بالخارج، وشبه ركود للسياحة، وانخفاض الصادرات الصناعية ب 2.6 في المائة ، كل ذلك جعل رئيس الحركة والوفد المرافق له يركز على على هذا البعد أثناء لقاءه بالمسؤولين الفرنسيين.

دلالات الزيارة:

إلى الجانب البعدين السياسي والاقتصادي، ومع تأكد الجميع بأن الوضع إبان زعامة النهضة للحكومة{ 2012 /2013 م } كان أفضل حيث تحققت نسبة 3.5 في المائة من التنمية رغم كل العراقيل المقصودة من قبل المعارضة لافشال الحكومة ومن ثم إسقاطها، وكان ذلك بتعبير أحد اليساريين، محمد الكيلاني،” قضية حياة وموت} .

إلى جانب ذلك تأتي أهمية الزيارة من كونها أول زيارة من نوعها لوفد من حركة النهضة رفيع المستوى إلى فرنسا، التي باتت تدرك القوى الحقيقية والفاعلة في البلاد بعد الثورة لاسيما وأن الحركة أبدت مواقف ، وفق الجهات الدولية، تنم عن مسؤولية جديرة بالثقة . علاوة على كونها الحزب الأول حاليا في البلاد والأكثر انضباطا ويتمتع بأكبر عدد من النواب في البرلمان.

كما تأتي الزيارة في ظل انفتاح كبير للحركة على المكونات الوطنية والدولية ولا سيما الشركاء الفاعلين في الاتحاد الاوروبي ، وفي مقدمتهم فرنسا. ويبدو أن نمط النهضة أصبح مرغوبا في أجواء الانقسام والتشظي والعنف والارهاب والانقلابات العسكرية.

Exit mobile version