محللون: الدعم الغربي لأكراد سورية نكاية في تركيا وتمهيد للتقسيم

كشف تقدم المليشيات الكردية في شمال سورية حجم الدعم الأمريكي والأوروبي لتلك المليشيات تحت غطاء محاربة “داعش” رغم الاعتراضات التركية، مما يعكس تحولاً في السياسة الغربية تجاه دعم المعارضة في سورية في ظل انسداد الأفق أمام مفاوضات الحل السياسي بما يرسخ مشروع الفيدرالية كحل للملف السوري. 

واعتبر محللون في حديث لـ”الإسلام اليوم” أن الأكراد نجحوا في بناء علاقات مع مختلف الأطراف الفاعلة في سورية سواء أمريكا وفرنسا وألمانيا بدعوى محاربة تنظيم “داعش”، أو مع روسيا التي تستخدم الأكراد كورقة للضغط على تركيا، وبالتالي حلف شمال الأطلسي، فيما يسعى الأكراد لتحقيق الاعتراف الدولي بوجودهم والحصول على الدعم السياسي والعسكري اللازم لتحقيق هدفهم بإقامة كيانهم المستقل. 

ويرى المحللون أن أمريكا والاتحاد الأوروبي عبر دعمهم للأكراد يسعون لإيجاد حليف قوي لهم في سورية في مواجهة النفوذ الروسي والإيراني هناك، إضافة إلى سعي أمريكا لتحقيق أي إنجاز على الأرض في المواجهة مع تنظيم “داعش” لا سيما مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس أوباما، وذلك بعد سنوات من فشل الإستراتيجية الأمريكية في بناء حليف قوي لها من المعارضة في سورية. 

المحلل العسكري اللواء مأمون أبو نوار اعتبر أن الاعتماد على الأكراد في سورية جاء إثر نجاحهم في إثبات وجودهم على أرض الميدان في مواجهة تنظيم “داعش”، بحيث زادت المساحة التي يسيطر عليها الأكراد بمقدار 30% اثر الدعم الأمريكي. 

وأكد أبو نوار أن الهدف الإستراتيجي لأكراد سورية هو بناء كيان خاص بهم، رغم أن الولايات المتحدة لن تمنحهم مثل هذا الكيان الذي سيلقى معارضة من قبل تركيا وإيران والعراق نظراً للتواجد الكردي في هذه الدول، فيما قد يتم منح الأكراد حكماً ذاتياً ضمن صيغة حكم فيدرالي في سورية. 

ويرى أبو نوار أن الروس يهدفون عبر دعمهم للأكراد إلى التضييق على تركيا وزعزعة أمنها الإستراتيجي، عبر دعم فكرة إقامة كيان كردي على الحدود التركية كمحاولة لاستهدف الحدود الجنوبية لحلف “الناتو”. 

كما وصف أبو نوار الموقف الأمريكي بالمتناقض بحيث باتت الأولوية لقتال “داعش” وليس الوصول إلى حل سياسي، كما يتم الحديث عن دعم الفصائل المعارضة دون دعمهما على أرض الواقع ويسمح للروس باستهدافهم، في حين يقدم الدعم العسكري للفصائل الكردية التي تسعى لإجهاض الثورة ولا تفرق بين جبهة النصرة أو الفصائل الأخرى مما قد يدفع الفصائل لتوحيد جهودها في مواجهة الأكراد. 

ويضيف أبو نوار: الغرب سيقبل تقسيم سورية ضمن خطة حكم فيدرالي، ولن تظل سورية موحدة، وذلك من شانه تحويلها إلى أشباه دول غير مستقرة، فيما “إسرائيل” هي المستفيد الأول من خلال تكريس سيطرتها على الجولان ولن يعود هناك من يطالب بها . 

وتتوزع الميلشيات الكردية بين ما يسمى قوات سورية الديمقراطية، وهي المظلة التي تعمل المليشيات الكردية تحتها وتضم كتائب عربية، إضافة إلى قوات وحدات حماية الشعب التابعة لحزب “ب ي د” والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية لارتباطها بحزب العمال الكردستاني، بحيث تسعى هذه الميليشيات لضم المناطق التي تحررها من قبضة تنظيم “داعش” إلى سيطرتها ومحاولة ضمها إلى مشروع الحكم الذاتي. 

فيما يرى المحلل السياسي عامر السبايلة أن الأكراد في سورية  باتوا نقطة جذب لمختلف الأطراف، بعد نجاحهم في إثبات قوتهم العسكرية في مواجهة تنظيم “داعش”، بما يمثل أولوية لدى الولايات المتحدة وأوروبا. 

وأشار السبايلة إلى أن فشل أمريكا في مشروع بناء قوات عسكرية للمعارضة وعدم رغبة الأطراف الفاعلة في سورية في إرسال جنودها إلى ارض المعركة، دفع هذه الأطراف للتعامل مع الأكراد كحليف أساسي على الأرض.

وحول الموقف التركي الرافض للدعم الغربي للأكراد، يرى السبايلة أن الغرب اتجه لاستخدام ورقة الأكراد بعد فقدان الأمل في التعامل مع تركيا كحليف في الملف السوري واعتبارها عاملاً سلبياً، فيما اعتبر أن النظام السوري وحلفاءه يستخدمون ورقة الأكراد كورقة ضغط على تركيا. 

ويضيف السبايلة: الولايات المتحدة وبعد استنزاف محاولاتها دعم المعارضة تنازلت كثيراً أمام روسيا، وباتت تسعى  لتحقيق أي مكاسب بأسرع وقت، وخاصة ما يتعلق بإنهاء تنظيم “داعش” في سورية، فيما تم تأجيل الحل السياسي إلى حين  توافر العوامل المساعدة في إنضاجه، لعدم وجود معارضة مؤثرة على الأرض أو قادرة على فرض رؤيتها للحل سياسي.

ويرى السبايلة أن الأكراد في سورية يسعون لاستغلال الدعم العسكري والسياسي لهم لإقامة كيان كردي خاصة بعد ما تعرضوا له من خطر وجودي وصراعهم مع تركيا، معتبراً أن الدعم الغربي للأكراد يدشن فكرة التقسيم رغم عدم وجود أي مكون يمتلك ما يمتلكه الأكراد من مقومات. 

ويأتي التقدم العسكري الذي يحققه الأكراد في ظل ضعف متزايد في أوساط فصائل المعارضة التي تواجه كلاً من قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية مدعومة بالقصف الجوي الروسي، إضافة إلى مواجهة  تنظيم “داعش”، في حين تكتفي المليشيات الكردية بمواجهة تنظيم “داعش” دون المواجهة مع قوات النظام أو حلفائه في سورية. 

Exit mobile version