الأتراك ورفادة الكعبة

إن تعظيم الله لبيته الحرام جعل الخدمة فيها ذات شرف، يهنأ ويسعد من ينتسب له ويقوم عليه، ورفادة الكعبة هي وظيفة سامية عنت بها قريش قديماً وحافظ عليها القائمون على الدولة الإسلامية تباعاً منذ الخلفاء مروراً بالأمويين ومن تبعهم من ممالك الدولة الإسلامية وأمرائها.

وفي صورة ملفتة للحرم المكي هذه الأيام التي تشهد توافد المعتمرين من كل بقاع الأرض في الشهر الكريم، ورغم الزحام الشديد الذي يعيشه أهل مكة وزوّار الحرم، إلا أن الصورة التي يرسمها عمّار البيت من الأتراك تكون بارزة وملفتة، حيث تجد نفسك كلما خطت قدمك بين جموع زوّار البيت قبيل المغرب والفجر تجمعاً يقوم على خدمته عدد من هؤلاء الذين تعرفهم ملامحهم بتركيتهم.

تجدهم يوفرون لزوّار البيت التمر واللبن وبعض الأطعمة الخفيفة في دقائق يتم إعداد سفرة طعام بطول الجالسين وفي دقائق يتم جمعها بعد الانتهاء من الطعام ولا تغيب بعض الأكلات التركية الخفيفة عن المائدة كأنواع الجبن والمكسرات وغيرها.

هي خدمة لرب البيت وزوّاره

هكذا كانت كلمات أحد من سألته عما يقومون به وهممت بأن أقدّم المساعدة بالمال أملاً مني أن أعرف تفاصيل أكثر عن تلك التجمعات الملفتة فربما هي منظمات أو جمعيات حملت على عاتقها القيام بهذا العمل الرائع لكن كان رد من ظننت أنه مسؤولهم: “إننا نفعل ذلك خدمة لرب البيت وزوّاره والحمد لله” ثم ابتسم ابتسامة جميلة تليق بوجهه المستبشر.

روحانيات الرفادة

ما أجمل مشاعر الألفة والحب التي تعيشها بين رحاب البيت وزوّاره وما أجمل المشاركة في توزيع الأعباء ونقاء النفوس عندما تعطي وتتسابق طلباً للأجر عندما تجد هذا التجمع الذي لا يمكن أن يحدث في أي بقعة أخرى، حيث تنوع المَشارب والأفكار والآمال.

ومن باب الذكر، وبحسب ويكبيديا، فإن الرفادة من الأمور العظيمة التي كان أهل مكة يقومون بها أثناء موسم الحج، فقد كانوا يجمعون من كل شخص من بينهم المال بقدر طاقته إلى أن يُجمع مال عظيم، وبه كانوا يجهزون للحجاج الطعام والجزر (الإبل) والزبيب للنبيذ، فلا يزالون يطعمون الحجيج إلى أن ينتهي موسم الحج، وأول من قام بهذه الأمور هو هاشم بن عبد مناف، والرفادة تشمل مجموعة من الوظائف للقيام على خدمة الحرم المكي، وكانت الرفادة والسقاية أوثقها علاقة بسعي قريش إلى جمع قبائل العرب من حول حرمها.

Exit mobile version