الفلوجة.. بين نيران الطائفية والخلافات السياسية

الفلوجة إحدى مدن محافظة الأنبار، تقع على بعد 60 كيلومتراً شمال غربي العاصمة بغداد، ارتبط اسمها بانطلاق شرارة المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي عام 2003م، وهي المعقل الأهم لأهل السُّنة في العراق الذين يمثلون التحدي الأكبر للمخططات الأمريكية – الإيرانية الرامية لتوظيف الأقليات الطائفية للضغط على العصبيات الغالبة لتقسيم العراق، وجعل وجهه وجهاً طائفياً، ومن هنا كان لا بد من كسر صمودها مجدداً مع بقية المدن العراقية ذات الغالبية السُّنية.

وقعت الفلوجة تحت سيطرة تنظيم “داعش” منذ يناير 2014م الذي روَّج لنفسه الدفاع عن السُّنة في العراق، بينما هم أول من اكتوى بنيرانه وإجرامه؛ لذا تحركت القوى السُّنية لتحريرها من قبضة “داعش” بإعداد جيش سُني مكون من حشد عشائري بدعم من محافظ الأنبار، ومكونات سياسية أخرى على رأسها الحزب الإسلامي، وغالبية نواب السُّنة في البرلمان العراقي، لكن هناك أطرافاً سياسية أخرى مدعومة من “البعثيين” لا تريد تحرير الفلوجة من قبل هذه المكونات السُّنية، وفرضت الوجه الطائفي على معركة التحرير؛ فوقعت الفلوجة بين نيران الحقد الطائفي المدعوم من إيران الراغب في الانتقام من أهل المدينة السُّنية من جهة، ونيران الخلافات السياسية البعثية وإجرام “داعش” من جهة أخرى.

ويعيش المدنيون (نحو 100 ألف نسمة) بين جحيم معركة لم يختاروا زمانها ولا مكانها، فضلاً عن الأطراف التي تتقاتل ضمنها، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق: “إن نحو 50 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل الفلوجة”، فضلاً عن الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان وأعمال التخريب الواسعة لممتلكات المدنيين في مناطق السُّنة التي تدكها مليشيات الحشد الطائفي، والتحالف الدولي بالقصف العشوائي، علاوة على الإبادة الممنهجة التي بدأت منذ عامين عبر منع الفلوجة من الغذاء والدواء.

وإزاء هذه الهجمة الطائفية الشرسة والمأساة التي تعيشها الفلوجة وسط مباركة دولية وعجز عربي مريب، يتضح أن الهدف الأساسي ليس تحرير الفلوجة من قبضة “داعش”، بل استئصال الحالة المقاومة في العراق دعماً للمشروع الطائفي، حتى إن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يشرف بنفسه ميدانياً على خطة اقتحام المدينة بعد فشله الذريع في سورية.

وإزاء هذه العمليات الإجرامية الانتقامية والمجازر التي ترتكب بحق السُّنة في الفلوجة من قبل مليشيات الحشد الشعبي الطائفية المدعومة بعناصر وعتاد الحرس الثوري؛ يتوجب على الدول العربية سرعة التحرك لوقف هذه المجازر الطائفية من خلال ما يلي:

– دعم المكون السُّني بالفلوجة ليكون قادراً على حمايتها وتحريرها من قبضة “داعش” دون تدخل مليشيات الحشد الشعبي الطائفي، والحرس الثوري الإيراني.

– العمل على وقف مخططات إيران الرامية لتغيير ديمجرافية السكان؛ بهدف تمزيق أوصال المدن العراقية وتقسيمها على أساس طائفي.

– كشف التحالف بين البعثيين العراقيين وتنظيم “داعش” الذين تسببوا في نكبة أهل السُّنة في العراق، وعدم إتاحة الفرصة لهذا التحالف ميدانياً بالتمدد حتى يتم تطهير المدن العراقية من هذا التحالف الإجرامي الخبيث.

– أن يتحمل مجلس محافظة الأنبار (غربي العراق) مسؤولية ما يحدث للمدينة المحاصرة بين نارين، وعلى العشائر المحيطة بالفلوجة ألا تكون جسراً للعدوان عليها.

– على الحكومات العربية الوقوف سريعاً في وجه المخططات الطائفية ضد أهل السُّنة في العراق، ودعم موقفهم في الحصول على مطالبهم السياسية العادلة.

Exit mobile version