محمد علي كلاي.. أسطورة رياضية جمعت القوة والإيمان

الملاكم كلاي مع الدكتور خالد المذكور خلال مؤتمر للسود المسلمين في واشنطن منتصف التسعينات

أعلنت عائلة محمد علي كلاي، في بيان، وفاة أسطورة الملاكمة الأمريكي السابق، اليوم السبت، عن 74 عاماً، في فينيكس بولاية أريزونا.

وقال بوب جونل، الناطق باسم العائلة: إن محمد علي كلاي توفي عن 74 عاماً بعد صراع مع داء “باركنسون” دام 32 عاماً.

وأضاف: إن بطل العالم في الوزن الثقيل 3 مرات توفي مساء الجمعة؛ موضحاً أن جنازة أشهر ملاكم في العالم ستنظم في مسقط رأسه لويسفيل في ولاية كنتاكي.

كلاي أحد أساطير رياضة الملاكمة في الوزن الثقيل، حول العالم وعبر تاريخ اللعبة، وصف بـأنه “يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة”، لقب بـ”الأعظم”، واختارته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) للقب “شخصية القرن الرياضية”.

وفي صورة جمعت د. خالد المذكور، رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت، بالملاكم كلاي، كانت بسبب دعوة من كلاي للدكتور لحضور مؤتمر للسود المسلمين في واشنطن في منتصف التسعينيات.

جمع القوة والإيمان

ونعى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي محمد علي كلاي الرياضي المسلم، صاحب المبادئ والأخلاق العالية، مستذكرين مناقبه وفضائله.

وقال د. عبدالوهاب الطريري، المشرف العام في مؤسسة “الإسلام اليوم”، على حسابه الرسمي في “تويتر”: “لم تكن قوته في قبضته ولكن في مبادئه”.

الناشط فيصل بن خالد قال في “تويتر”: “من الرائعين الذين نقلوا صورة الإسلام بأجمل صورة”.

وقال محمد منصور: “رحمك الله يا محمد، كنت سفيراً مخلصاً للإسلام، ولم تترك مناسبة إلا ودعوت فيها للإسلام وأظهرت قيمه ومبادئه”.

وقال رئيس حزب “الغد” المصري أيمن نور على حسابه: “غيبه المرض، قبل الموت، وظل دائماً في ذاكرة الدنيا.. رمزاً للثبات على المبدأ.. والسباحة ضد التيار”.

وبدوره، قال رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) نهاد عوض: “كان عمري 5 سنوات عندما شاهدته يدعو الله قبل بدء الجولة، دخل قلبي فوراً، التقيته مرتين”.

الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة قال: “كانت مباريات محمد علي بمثابة معارك لجيلنا قبل عقود، كان عنواناً لشموخ المسلم، وتحدي المستضعف في زمن الصعود الإمبريالي”.

وعلق رئيس تحرير صحيفة “الشرق” القطرية، عبدالله العذبة، قائلاً: “رحم الله محمد علي كلاي، الذي رفض حرب فيتنام واعتنق الإسلام، بعد أن وجد فيه الحق وحريته الحقيقية”.

وقال مدير قناة “الجزيرة”، ياسر أبو هلالة: “محمد علي كلاي الذي جمع القوة والإيمان والأخلاق رحل عنا”.

ويشار إلى أن آخر ظهور لكلاي كان في 8 أبريل الماضي أثناء مشاركته بحفل خيري في ولاية أريزونا جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية.

وإلى جانب البطولات العالمية التي حققها كلاي، كان له دور في الحياة السياسية الأمريكية، بتقديمه الدعم لحركات السود والمسلمين، ومنذ عام 2014م، ساءت حالة كلاي الصحية، بعد إصابته بعدوى المسالك البولية.

تجربته الرياضية

اتجه إلى عالم الملاكمة – بمحض المصادفة – وهو ما يزال في الـ12 من العمر، وحقق عدة ألقاب على المستويين المحلي والوطني وهو دون الـ18، ونال الميدالية الذهبية لمسابقة الألعاب الأولمبية بروما عام 1960م عن فئة الوزن الثقيل الخفيف.

وفي أكتوبر 1960م اتجه كلاي إلى عالم الاحتراف، حيث خاض خلال السنوات الثلاث التالية 19 نزالاً فاز فيها جميعاً، من بينها 15 بالضربة القاضية.

كما حقق في فبراير 1964م مفاجأة كبيرة بهزيمته لبطل العالم في الملاكمة سوني ليستون، وفاز بلقب بطولة العالم بالملاكمة للمحترفين للوزن الثقيل للمرة الأولى، مسجلاً حينها رقماً قياسياً كأصغر ملاكم (22 عاماً) يحقق لقب البطولة في هذا المضمار.

اعتناقه للإسلام

وفي مايو 1965م تحول عن المسيحية واعتنق الإسلام وتخلى عن اسمه ولقبه الأصليين “كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور”، وسمى نفسه محمد علي، وانتسب إلى حركة “أمة الإسلام” وبقي عضواً فيها حتى عام 1975م حيث تحول إلى المذهب السُّني.

أثار تحوله إلى الإسلام الكثير من الجدل، فعقب هزيمته للملاكم سوني ليستون للمرة الثانية، في مباراة لم تدم أكثر من دقيقتين، سرت شائعات تفيد أن سوني تعمد الخسارة بسبب تهديدات من منظمة “أمة الإسلام”.

تعمد في دفاعه عن اللقب أمام الملاكم فلويد باترسون، إطالة المباراة من أجل إنزال “العقوبة” بخصمه الذي أطلق تصريحات تسخر من دينه الجديد، وفي عام 1967م حاول التملص من الانضمام إلى الجيش الأمريكي عبر تلاعبه بالامتحانات التقييمية.

لم ينطلِ الأمر على الحكومة الأمريكية، وأعلنت أنه مؤهل للخدمة العسكرية، لكنه رفض الانضمام إلى القوات العسكرية بسبب معتقده الديني ومعارضته الحرب الأمريكية على فيتنام.

أعلن بعدها أنه على استعداد للمشاركة في أي حرب إذا وُجّه إليها من قبل المرشد الروحي لمنظمة “أمة الإسلام” محمد إليجاي، لكن الحكومة الأمريكية اعتقلته لتهربه من الخدمة العسكرية، وُسحب منه لقب البطولة وأوقف عن اللعب لأربع سنوات.

في عام 1971م ألغت المحكمة العليا بالولايات المتحدة قرار إدانته لأسباب فنية، وأصبح محمد علي رمزاً للثقافة المضادة لدى جيل الشباب الأمريكيين.

واجه في مارس 1971م الملاكم جو فرايزر في مباراة أطلق عليها “نزال القرن”، وخسر للمرة الأولى بقرار أجمع عليه حكام المباراة، ونقل كلا الملاكمين بعد نهاية المباراة إلى المستشفى بسبب ضراوة القتال.

ونال لقب بطولة العالم بالملاكمة للمرة الثانية عام 1974م بعد هزيمته للملاكم جورج فورمان في مباراة أقيمت بمدينة كينشاسا، عاصمة الكونغو، كما نال لقب بطولة العالم بالملاكمة للمرة الثالثة عام 1978م إثر هزيمته للملاكم ليون سبينكس.

وأعلن عام 1979م تقاعده عن اللعب، وعاد عن قراره في العام التالي وواجه الملاكم لاري هولمس في محاولة لنيل لقب البطولة للمرة الرابعة، لكنه خسر المباراة التي تم إيقافها بناء على طلب مدرب محمد علي بعد الجولة العاشرة.

خاض المباراة الأخيرة في مسيرته الاحترافية عام 1981م وخسرها أمام الملاكم تريفور بيربيك بقرار جميع الحكام بعد الجولة العاشرة.

بدأت تظهر عليه عام 1984م أعراض مرض “باركنسون”، وفي عام 2013م قال أخوه رحمان على لصحيفة “نيويورك”: إن محمد علي لم يعد قادراً على الكلام، وإنه من المحتمل أن يموت في أي لحظة، لكن ابنته نفت ذلك.

Exit mobile version