المبادرة الفرنسية: ترحيب فلسطيني رسمي ورفض فصائلي

رغم أن وزراء وممثلين لنحو ثلاثين دولة ومنظمة دولية، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اجتمعوا أمس تحت رعاية فرنسية في العاصمة باريس في محاولة لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، إلا أن طرفي الصراع لم يدعيا لمؤتمر باريس، لا سيما وأن هذه المبادرة لم تحظ بموافقة رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو، فيما لاقت ترحيبا من السلطة الفلسطينية.

ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أمس المجتمع الدولي إلى التركيز مجددا على النزاع “الاسرائيلي” – الفلسطيني، مشددا على وجوب أن تأخذ عملية السلام في الاعتبار التغييرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة، وعلى أن “الخيار الشجاع” بالسلام يعود إلى الفلسطينيين و”الإسرائيليين”.

وقال اولاند: أردت أن تأخذ فرنسا زمام المبادرة لتعبئة المجتمع الدولي دعما لتسوية نهائية للنزاع “الإسرائيلي”– الفلسطيني.

وتابع اولاند: لا يمكننا أن نحل محل طرفي النزاع. لكن مبادرتنا تهدف إلى منحهم ضمانات بأن السلام سيكون قويا ومستداما وبغطاء دولي، وطمأنتهم من أجل أن يستأنفوا المحادثات، مؤكدا أن “الخيار الشجاع” بالسلام يعود الى الفلسطينيين و”الإسرائيليين”.

وكررت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني دعوة أولاند وقالت إن من واجب اللاعبين الدوليين والإقليميين أن يجدوا منفذا لأن الجانبين عاجزان عن فعل ذلك وحدهما.

وقالت: سياسة التوسع الاستيطاني وعمليات الإزالة والعنف والتحريض تكشف لنا بجلاء أن الآفاق التي فتحتها أوسلو عرضة لأن تتلاشى بشكل خطير.

وبدا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي باءت مساعيه المكثفة للوساطة بالفشل نتيجة تعنت الطرفين فاترا تجاه المبادرة الفرنسية عندما سئل إن كانت ستؤدي إلى محادثات مباشرة جديدة. وقال: سنرى سنجري ذلك الحوار. ينبغي أن نعلم إلى أين سيذهب وماذا سيحدث. بدأنا توا. دعونا ندخل في المحادثات.

وتبرز تساؤلات بشأن مستوى مشاركة الولايات المتحدة، الراعي التاريخي، في المبادرة، أبعد من إبداء الاهتمام بداعي اللياقة الدبلوماسية.

لكن مسؤولاً رفيعاً في الخارجية الأمريكية قال: لن نقدم أي اقتراح محدد، ولم نتخذ أي قرار بشأن ما يمكن ان يكون عليه دورنا.

وحدهم الفلسطينيون الذين باتوا “على حافة اليأس” وفقا لمصدر دبلوماسي فرنسي، يدعمون المبادرة الفرنسية بالكامل.

وقال صائب عريقات أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية: إنه يجب العمل على إنجاح المبادرة الفرنسية لإحياء عملية السلام مع “إسرائيل” لأنها تمثل “بارقة أمل”. وأضاف أن التحرك الفرنسي مقدر من قبلنا ونحن نطالب أن تحدد المبادرة الفرنسية إطارا وجدولا زمنيا واضحين لإقامة الدولة الفلسطينية.

واعتبرت وزارة الخارجية “الإسرائيلية” أن الاجتماع الذي عقد في باريس يؤدي فقط الى “إبعاد احتمالات السلام”، وقال المتحدث باسم الوزارة ايمانويل نحشون في بيان: إن التاريخ سيكتب أن اجتماع باريس لم يؤد سوى إلى تشدد في المواقف الفلسطينية وابعاد احتمالات السلام.

وكان نتنياهو قد استبق انعقاد اجتماع باريس وإعلان رفضه للمبادرة الفرنسية، ودعا إلى إجراء مفاوضات مباشرة بدون شروط مسبقة بين الطرفين.

وبرر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت تنظيم المؤتمر بالقول ان الحوار المباشر بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين “لا يأتي بنتائج”.

وقال: اليوم هم لا يتحاورون والاستيطان يتواصل والعنف ينمو ويحل اليأس، ودعاية تنظيم الدولة والقاعدة تنتشر في كل هذه الأراضي، وهذا أمر في منتهى الخطورة.

وحذر آيرولت من أن “خطرا جديا” يهدد الحل القائم على مبدأ الدولتين بين “إسرائيل” والفلسطينيين، لافتا إلى أن الوضع يقترب من “نقطة اللاعودة”.

وأضاف آيرولت: يجب التحرك في شكل عاجل للحفاظ على حل الدولتين واحيائه قبل أن يفوت الأوان، مكررا عزم فرنسا على تنظيم مؤتمر بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين قبل نهاية العام.

وفي البيان الختامي، أيد المشاركون في الاجتماع “عرض فرنسا تنسيق” جهود السلام، وكذلك “إمكان عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام”.

وأعرب المشاركون عن قلقهم حيال استمرار أعمال العنف والأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تعرض للخطر أي حل يقوم على مبدأ الدولتين، مؤكدين أن الوضع القائم حاليا لا يمكن أن يستمر.

وأوضحوا أنهم بحثوا سبل مساهمة المجتمع الدولي في دفع عملية السلام قدما، وخصوصا عبر اقتراح محفزات على الجانبين.

وفي تصريحات صحافية عقب اختتام المؤتمر نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أي تعديل للمبادرة العربية التي تعود الى العام 2002، وقال الجبير: نعتبر ان هذه المبادرة هي الفرصة الأفضل من أجل تسوية ونأمل بأن تسود الحكمة في “إسرائيل” وأن يوافق عليها “الإسرائيليون”.

وذكر أن المبادرة تلحظ بالخصوص اتفاق سلام بين “إسرائيل” والبلدان العربية وعلاقات طبيعية بين الجانبين مقابل الانسحاب من الأراضي التي تم احتلالها عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وأعلنت قوى وفصائل فلسطينية، أمس رفضها للمبادرة الفرنسية، معتبرةً أنها “تمس بالثوابت والحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وتوفر غطاء لتهويد مدينة القدس”، بحسب بيان صادر عنها.

وأضافت فصائل الجهاد الإسلامي، وحركة حماس، والجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية، في بيان مشترك أصدرته بالتزامن مع انعقاد الاجتماع أن المبادرة الفرنسية مرفوضة وتمس بالثوابت والمصالح الوطنية الفلسطينية.

وذكر البيان أن المبادرة تهدف لعودة المفاوضات العبثية، وتوفير الغطاء لتهويد مدينة القدس، وتصفية حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. ودعت الفصائل جميع دول العالم إلى التحرك العاجل لوقف الجرائم “الإسرائيلية” التي تمارس بحق المقدسات الإسلامية، وإنهاء حصار قطاع غزة.

Exit mobile version